الصليب الأحمر يعتبر منح صدام حسين صفة أسير «قرارا مقبولا»

رئيس اللجنة القانونية في مجلس الحكم العراقي يؤكد أن الرئيس السابق سيظل «مجرم حرب»

TT

اثار منح الرئيس العراقي السابق صدام حسين الصفة القانونية كـ«أسير حرب» من قبل محامي وزارة الدفاع الاميركية ردود فعل متضاربة. فبينما اعتبرت اللجنة الدولية للصليب الاحمر القرار «مقبولا من الناحية القانونية»، قالت مصادر مجلس الحكم العراقي ان اعلان البنتاغون يثير الاستغراب بالنظر الى ان طبيعة الجرائم التي ارتكبها نظامه ليس لها صلة بالحرب مع الولايات المتحدة، وقالت انه حتى وان كان «أسيرا» لدى قوات التحالف، الا انه سجين متهم بارتكاب جرائم ذات طبيعة جنائية محلية.

وكان لاري داي ريتا كبير المتحدثين باسم البنتاغون قال مساء اول من امس ان محامي وزارة الدفاع الاميركية قرروا اعتبار صدام «اسير حرب» تنطبق عليه اتفاقية جنيف حول سبل معاملة أسرى الحرب، وان اللجنة الدولية للصليب الأحمر سوف تمنح بناء على ذلك الحق بزيارته ومتابعة ظروف سجنه.

وقالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الاحمر في العراق ندى دوماني ان "وضع اسير حرب الذي اعطي لصدام حسين مقبول قانونا لأن هذا الاخير كان قائد القوات المسلحة العراقية». واضافت «يفترض الآن ان تطبق في شأنه اتفاقية جنيف الثالثة المتعلقة بأسرى الحرب». وينص البند الثامن عشر من اتفاقية جنيف على «عدم امكان تهديد او شتم اسير حرب يرفض الرد على اسئلة، او معاملته بشكل سيئ». كما «لا يمكن تعذيبه جسديا او نفسيا».

وقالت دوماني ان من حق صدام حسين «ان يتلقى زيارة الصليب الاحمر ورسائل من عائلته». كما شددت على ضرورة تحديد الوضع القانوني لآلاف المعتقلين لدى القوات الاميركية، استنادا الى اتفاقية جنيف، «سواء اكانوا اسرى حرب او موقوفين لاسباب امنية او مدنية». واشارت الى ان الصليب الاحمر «كثف عدد الزيارات التي يقوم بها الى المعتقلين بعد تراجع بسبب الاعتداء» الذي استهدف مقر المنظمة الدولية في بغداد في 27 اكتوبر (تشرين الاول).

واعرب عضو مجلس الحكم الانتقالي في العراق القاضي دارا نور الدين عن استيائه لاعلان البنتاغون.

وقال نور الدين الذي يرأس اللجنة القانونية داخل المجلس، «نستغرب ان يعلن البنتاغون ان صدام حسين اسير حرب بعد انتهاء العمليات العسكرية منذ مايو (ايار) الماضي»، مشددا على ان «هذه المسألة يجب ان تناقش مع سلطة الائتلاف الموقتة في العراق لمعرفة دوافع اتخاذ مثل هذا القرار». وأكد ان صدام حسين «مجرم حرب ويجب ان يعامل على اساس انه مجرم حرب».

واعتبر نور الدين ان «هذا الاعلان لن يؤثر بالنسبة للعراق على كون صدام مجرما ويجب ان يحاكم في العراق من قبل العراقيين وداخل محكمة عراقية لارتكابه جرائم ضد الشعب العراقي». وقال لاري داي ريتا ان وزير الدفاع دونالد رامسفيلد تبلغ الجمعة ان رجال القانون اعتبروا ان الرئيس المخلوع هو اسير حرب بموجب اتفاقات جنيف. لكنه ترك الباب مفتوحا امام اعادة النظر في منح هذا الوضع مشددا على ان هذه الاتفاقات تنص على هذه الامكانية. واوضح «اذا وردت معلومات جديدة لاحقا ستتخذ اجراءات لتقييم هذه المعلومات». مضيفا «لكن ما لم ترد هكذا معلومات او بانتظار مثل هذه المعلومات فان وضع صدام حسين سيكون وضع اسير حرب عدو». ويسمح هذا الوضع بمحاكمة الرئيس المخلوع بتهم ارتكاب جرائم حرب.

وفي الوقت ذاته، كشف مسؤولون اميركيون ان وكالة المباحث المركزية تشارك على نحو متزايد في التحقيقات التي تشرف عليها وكالة المخابرات المركزية مع صدام حسين، وذلك للاستعانة بخبراتهم في اعداد ملف الاتهامات التي ينتظر ان توجه ضده. وقال المسؤولون ان محققي وكالة المخابرات المركزية يعتبرون التحقيقات مع صدام حسين «لعبة شطرنج» سعيا للحصول على افضل وضع ممكن يتيح الكشف عن معلومات ليس في شأن برامج العراق لانتاج اسلحة دمار شامل، بل وايضا فيما يتعلق بالانتهاكات واعمال الابادة التي ارتكبت في ظل نظامه.

وحتى الآن يبدو ان صدام لا يتعاون بما فيه الكفاية مع المحققين، الامر الذي يضطرهم الى استدراجه للكشف عما لديه من معلومات، والى محاصرته بالأسئلة والمعلومات التي امكنهم جمعها.

وذكر مسؤولون انه سمح بابقاء وضعية صدام غامضة من الناحية القانونية وذلك لتوسيع نطاق التحقيقات معه، ولمنح الخبراء القانونيين فرصة افضل لتقييم الاتجاهات التي يمكن ان تسلكها الاجراءات القانونية وطبيعة المحاكمة التي سيواجهها لاحقا.

ومنذ اعتقاله في 13 ديسمبر الماضي، حرص المسؤولون عن التحقيقات على فرض ضوابط مشددة حول المعلومات التي استخلصتها التحقيقات. وسمح لاربعة من اعضاء مجلس الحكم الانتقالي بزيارته لوقت قصير وذلك للتأكد من شخصيته، حيث تلزم الاجراءات القانونية ان يكون هناك شهود يثبتون شخصية المتهم. ولم يكشف بصورة رسمية حتى الآن عن مكان اعتقال الرئيس السابق، الا ان الصور تظهر انه يقيم في زنزانة من دون شبابيك وفيها حمام وجدران مبلطة بحجر ابيض من السقف الى الأرض.