باكستان تكثف تحقيقاتها مع علمائها النوويين وتمنعهم من السفر إلى الخارج

المعارضة احتجت على اعتقال المزيد من العاملين في البرنامج النووي واتهمت مشرف بالخضوع لضغوط واشنطن

TT

منعت باكستان أول من أمس جميع علمائها العاملين في برنامج أسلحتها النووية من مغادرة البلاد بينما كثفت الحكومة تحقيقها في مزاعم تقديم تكنولوجيا نووية الى ايران. وفي الوقت ذاته قال مسؤول كبير في الاستخبارات ان قائدا عسكريا سابقا كان قد أقر نقل التكنولوجيا الى ايران.

وقال المسؤول ان العالم الذي قاد الجهود التي أدت الى بناء القنبلة الذرية، عبد القدير خان، كان قد أبلغ المحققين بأن أي مشاركة للتكنولوجيا النووية مع ايران جرت بناء على مصادقة الجنرال ميرزا اسلام بيغ، قائد الجيش في باكستان خلال الفترة من 1988 حتى 1991. وقال المسؤول ان مساعدين للدكتور خان أبلغوا المحققين بالشيء ذاته. ومن غير المعروف ما اذا كان المحققون قد استجوبوا الجنرال المتقاعد بيغ الذي يدعم اقامة شراكة استراتيجية بين ايران وباكستان. ولكن في مقابلة معه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قال الجنرال انه لم يصادق على نقل التكنولوجيا النووية الى ايران أو أي بلد آخر. وقال «كنت مطلعا على أسرار السياسة النووية. كانت هناك سياسة تقييد نووي».

ويقول مسؤولون أميركيون انهم يعتقدون بأن باكستان شاركت ايران وليبيا وكوريا الشمالية في التكنولوجيا النووية. وقال مسؤولون باكستانيون انه لم تقدم أي تكنولوجيا الى ليبيا ولا تتوجه أي تكنولوجيا في الوقت الحالي الى كوريا الشمالية وان المزاعم بشأن ايران تخضع لتحقيق صارم.

وقالوا انه ربما سرب أشخاص تكنولوجيا الى ايران في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات، ولكن الحكومة لم تصادق أبدا على مثل هذا الاجراء.

وفي خطاب أمام البرلمان قال الرئيس الجنرال برويز مشرف، الذي استولى على السلطة في عام 1999، انه يتعين على باكستان أن تثبت للمجتمع الدولي انها قوة نووية مسؤولة. وخلال ساعات احتجز ثمانية من المسؤولين السابقين والحاليين لغرض التحقيق، وفقا لما قاله مسؤولون حكوميون. وكان ثلاثة علماء قد احتجزوا لأغراض التحقيق في نوفمبر وديسمبر (كانون الأول) الماضيين.

وأثارت شدة التحقيق احتجاجات في الوسط السياسي واتهامات بأن حكومة مشرف تتصرف تحت ضغط من واشنطن.

والاثنين الماضي أعلن تحالف أحزاب اسلامية متشددة، يحمل اسم جبهة العمل الموحد، انه سيبدأ مظاهرات واسعة النطاق. ووصف قاضي حسين احمد، رئيس التحالف الديني بالنيابة، وهو تحالف لديه ثالث أكبر عدد من المقاعد في البرلمان، التحقيق بأنه «أسوأ نوع من معاقبة الأبطال القوميين لارضاء ادارة بوش».

وقامت الأحزاب السياسية العلمانية والمحللون الموالون للغرب فضلا عن عوائل العلماء، ايضا، بانتقاد الحكومة قائلين ان العلماء الذين جرى الاحتفاء بهم كأبطال قوميين قبل أسابيع يتعرضون في الوقت الحالي الى الاذلال. وقالوا ان كبار المسؤولين في الجيش والحكومة يحولون العلماء الى أكباش فداء من أجل زيادة اعتماد الزعماء الغربيين عليهم.

وقال خواجة آصف، عضو البرلمان عن منظمة مسلمي باكستان (نواز)، وهي حزب علماني، انه من المشكوك فيه أن يتمكن أفراد من نقل التكنولوجيا، سرا، دون معرفة الجيش.

ووصف اللواء شوكت سلطان خان، المتحدث باسم الجيش، قيود السفر الجديدة باعتبارها اجراءات أمنية احتياطية. وقال انه «حتى الوقت الذي تستكمل فيه التحقيقات يتعين على الحكومة أن تضمن وجود العلماء هنا». وقال مسؤولون حكوميون ان ثمانية من المسؤولين الحاليين والسابقين في البرنامج النووي، بينهم ضابطان متقاعدان برتبة بريغادير وآخر برتبه ميجر، وما لا يقل عن ثلاثة علماء، يجتازون استجوابا طوعيا وهم قادرون على الاتصال بعوائلهم. وأكدوا انه لم يتهم أحد حتى الآن بارتكاب جرائم.

وتقدم عوائل المسؤولين رواية أخرى مختلفة تماما. فقد اشاروا الى أن عدد الأشخاص الخاضعين للاستجواب يتراوح بين 20 و25. واضافوا ان المحتجزين جرى اعتقالهم بالقوة ولم يتصلوا بعوائلهم وهم رهن الاعتقال.

وقال أقرباء ان اثنين من العلماء الثلاثة الذين اعتقلوا في ديسمبر الماضي سمح لهم بالعودة الى عوائلهم. ولم يتصل معظم الآخرين بعوائلهم، وبينهم عالم اعتقل في أواخر نوفمبر الماضي، وفقا لما ذكرته العوائل. ويبدو ان جميع المسؤولين الخاضعين للتحقيق هم من العاملين في مختبرات البحث التي يديرها الدكتور خان، وهي المؤسسة الرئيسية لتطوير الأسلحة النووية في البلاد والتي تتخذ من كاهوتا مقرا لها. ويعتقد أنهم جميعا من المساعدين المقربين للدكتور خان الذي يخضع هو نفسه للتحقيق.

وقالت سايما عاد، الابنة الكبرى للدكتور نظير أحمد، وهو أحد كبار المهندسين في مختبرات كاهوتا، ان ما يتراوح بين ثمانية وعشرة رجال مجهولي الهوية طوقوا بيت العائلة مساء السبت الماضي. وقالت «أخذوا أبي، وحتى الان ليست لدينا أية فكرة عن مكان وجوده أو حالته. ان مثل هذا التعامل يماثل ارهاب أولئك العلماء الذين كرسوا حياتهم لخدمة بلادهم».

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»