أعضاء في مجلس الحكم العراقي متفقون على الانتخابات ومختلفون على موعدها وسبل إجرائها

TT

* أتفقت آراء ثلاثة سياسيين اعضاء في مجلس الحكم الانتقالي العراقي مع طروحات المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني بشأن اجراء انتخابات عامة في العراق لغرض استعادة السيادة كاملة من سلطة التحالف، لكن هؤلاء اختلفوا في مسألة اجراء الانتخابات.

«الشرق الأوسط» تحدثت مع أعضاء المجلس، الدكتور موفق الربيعي (شيعي مستقل) وحميد مجيد موسى (سكرتير الحزب الشيوعي العراقي) وغازي عجيل الياور (سني مستقل) حول اصرار المرجع الشيعي على مسألة الانتخابات، وما يسبب ذلك من تأخير في عملية تسليم السلطة للعراقيين.

* الربيعي: السيستاني يخشى التمديد طويلا للحكومة الانتقالية

* وقال موفق الربيعي «انا أدعي بأنني اكثر من يعرف ويزور السيد السيستاني، وهو شخص غير سياسي ولا دخل له في السياسة، وأن ما يفعله ليس سياسة، وهو لا يؤمن بمبدأ ولاية الفقيه بكل انواعها ولا يعتقد ان التجربة الايرانية ناجحة وليس له اي طموحات سياسية كونه غير عراقي، وغالبا ما يردد قائلا: «أنا لست عراقيا، وكل ما يطرحه هو ان سلطة التحالف تؤكد على الديمقراطية، والديمقراطية تعني الانتخابات، وأعتقد ان مطلبه هذا نبيل وهو ليس مطلبا شيعيا بل عراقي، ولكن سلطة التحالف تريد ان تفصل القضية على مقاساتها».

وأوضح الربيعي قائلا «صحيح انه (السيستاني) غير عراقي، لكن الملايين من العراقيين بايعوه، العراقيون أعطوه البيعة، ثم هل هذه هي المشكلة؟».

وحول معارضة الحاكم المدني الاميركي السفير بول بريمر وغالبية الاحزاب والحركات السياسية وأعضاء في مجلس الحكم لمسألة اجراء الانتخابات الان وتأجيلها حتى عام 2005، مثلما نصت عليه اتفاقية تسليم السلطة الموقعة في الخامس عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قال الربيعي «هذا سببه تزاحم المصالح، والسيد السيستاني قال ان ما لا يدرك كله لا يترك جله، وبضرورة العمل بمبدأ دفع المفاسد وجلب المصالح، والمفسدة هنا هي أن تعطى السلطة لحكومة عميلة، ضعيفة، مدارة من قبل الاجنبي، وهذا أكبر تأخير لتسليم السيادة، ثم ان السيد السيستاني يخشى ان الحكومة الانتقالية التي يفترض ان يكون عمرها عامين قد يتمدد بقاؤها تحت ذرائع اقتصادية وأمنية، وغيرها».

وتساءل الربيعي قائلا «هل من الافضل ان تتفاوض مع الحلفاء على الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية وغيرها حكومة ضعيفة مسلوبة الارادة أم حكومة منتخبة تمثل الشعب العراقي؟» وتطرق الى ما يقال عن العراقيل التي تعترض عملية اجراء انتخابات عامة في الوقت الحالي، وقال «العراقيل ليست فنية انما هي في النية، وهي عراقيل ذات دوافع سياسية»، مشيرا الى ان «كل خبراء الاحصاء العراقيين يؤكدون امكانية اجراء الانتخابات، حتى ان وزير التجارة أكد امكانية استخدام البطاقة التموينية كآلية التعرف على المنتخبين مع ان هامش الخطأ في البطاقة التموينية هو 5% سلبا أو ايجابا، أما العراقيون الذين في الخارج، فالأمم المتحدة ابدت استعدادها لأن تتكفل بجمع اصواتهم، والذين عادو الى العراق فهم يعملون على إصدار بطاقات تموينية لهم».

واختتم الربيعي حديثه قائلا «أعتقد اننا سوف نجد حلا وسطا يمكن ان يرضي الطرفين، وما ضاع على فقيه مسلك».

* حميد موسى: شروط الانتخابات النزيهة غير متوفرة

* وقال حميد موسى «لا احد فينا يرفض مبدأ الانتخابات او يضع العراقيل في وجهه، الجميع مقتنعون بأن اجراء الانتخابات هو عملية اساسية لتطبيق الديمقراطية المنشودة التي ضحينا من أجلها، لكن الموضوع يتعلق باجراء انتخابات نزيهة واضحة المعالم، دقيقة في التعبير عن رأي الشعب العراقي، وحتى نحصل على ذلك يجب ان تتوفر مستلزمات ادارية وفنية وسياسية»، مؤكدا ان «القضية لا تتعلق باجراء الانتخابات من عدمها بل تتعلق بمستلزمات نجاح هذه الانتخابات، لا سيما ان العراق يعيش جملة من المشاكل التي تعرقل الحصول على نتائج تعبر عن رأي العراقيين. البلد بحاجة الى الاستقرار السياسي والاداري ويجب توفر أجهزة حكومية واجراء احصاء سكاني وتوفير ظروف أمنية تحمي حرية الانتخابات وأمن المنتخبين، وهذه ليست مطالب تعجيزية بل منطقية، ويمكن تحقيقها بأقصر الفترات الزمنية اذا تضافرت الجهود وتوحدت».

واضاف موسى قائلا «ان الذي افهمه هو ان السيد السيستاني تحدث عن ضرورة أخذ رأي الشعب. فهناك اكثر من وسيلة لاستفتاء الشعب، وأعتقد الآن ان المسألة المهمة هي الاسراع بنقل السلطة واستعادة السيادة والاستقلال وانهاء الاحتلال. هذه هي الاولوية بالنسبة للجميع ولا أعتقد ان من يريدون مصلحة الشعب يعارضون موضوع الاسراع بنقل السلطة الى العراقيين». وعبر عن اعتقاده ان الموضوع «لن يصل الى طريق مسدود، فالسيد السيستاني يتمتع بارجحية العقل والحكمة وهو يراعي مصالح الجميع والباب لا بد ان يكون مفتوحا للوصول الى افضل النتائج لصالح البلد».

وأكد حميد موسى ان «من حق كل حزب ان يتبنى فكرة بغض النظر عن الاهداف والنوايا والاجتهادات، لكنني اقول ان هناك عراقيل تحول دون اجراء الانتخابات في هذا الوقت ودون ضمان نزاهتها ويجب اعتماد منطق الحوار للوصول الى قناعات معينة وعلينا الاذعان لصوت العقل والى ما يريده الشعب».

* الياور: الانتخابات حرة في ظل الميليشيات.. والبعض يستغلها لإثارة الطائفية

* واعتبر غازي عجيل الياور ان رأي آية الله السيستاني «مهم جدا، وهو مرجع لشريحة واسعة من العراقيين، وأنا لا أقول شيعة وسنة فكلنا مسلمون والمرجع هو مرجع للسنة مثلما للشيعة»، وقال «المرجع يبحث عن الحل الامثل لموضوع تسليم السلطة للعراقيين، ولا اعتقد ان هناك أي عراقي يرفض اجراء انتخابات حرة ونزيهة، ولكن كيف ستكون هذه الانتخابات حرة ونزيهة وهناك خمس ميليشيات مسلحة تابعة لأحزاب وحركات سياسية؟ من سيضمن أمن الناس، كيف ستجري الانتخابات وهناك ميليشيات الحزبين الكرديين والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية وحزب الدعوة والمؤتمر الوطني والوفاق؟ كيف ستكون الانتخابات حرة ونزيهة في ظل وجود قوات مسلحة غير نظامية؟ يجب توفير الأمن للناخب وضمان ألا تمارس عليه الضغوط. وجود مثل هذه الميليشيات يوجه رسالة سيئة للشعب العراقي تؤكد فلتان الوضع الأمني في البلد، هم يقولون ان هذه الميليشيات التي انضمت الى تشكيل قوة الدفاع المدني تحت اشراف القوات المركزية للتحالف موجودة لاغراض أمن قيادات الاحزاب والحركات السياسية. نحن نعمل من أجل اعادة بناء العراق ونضع سيادة الدولة فوق كل شيء ولا نستعين بميليشيات أو حمايات».

ودعا الياور الى «ضم هذه الميليشيات الى الجيش العراقي وان يكون ولاؤها للعراق وليس لحزب او حركة سياسية او لشخص معين»، وطالب بإزالة «كل اشكال ضعف الدولة والاضطرابات وضرورة استقرار الوضع الأمني، فهناك من يعتقد ان هذه الفترة ملائمة لتحقيق المكتسبات». وقال «أنا أحترم رأي السيد السيستاني، ولكن اذا كنا لا نتمكن من اجراء انتخابات نزيهة فعلينا ان نعيد العراق قويا موحدا، واعتقد ان الحل الأفضل هو تأجيل الانتخابات حتى تصدر القوانين الخاصة بذلك».

وقال الياور أيضا «عتبي على الحركات والاحزاب السياسية القريبة من السيد السيستاني، ذلك ان مهمة السياسي هي تقريب وجهات النظر وتقديم الحلول المتاحة للمرجع بدلا من وضع الصعوبات امام عملية انتقال السلطة للعراقيين». وأضاف ان «هناك من يريد تأجيج نار الفتنة الطائفية بين الشيعة والسنة، وأنا اقول ليس هناك في العراق مثل هذا التقسيم. يجب ان نقول ان العراقيين عرب وأكراد وليس سنة وشيعة، الغريب اننا لا نسمع من يقول العراق ويطالب بتوحيد العراق».

واختتم غازي الياور حديثه قائلا «المهم الآن هو استعادة السيادة للعراق وتسلم السلطة من المحتلين، ويحزننا قيام أي طرف بتأخير هذا. الاحتلال يشكل جرحا في كرامتنا على الاقل من الناحية المعنوية، واذا أجلنا تسلمنا للسلطة سوف يتأجل كل شيء وهذا ليس في صالح البلد، والدعوات للتعجيل في إجراء الانتخابات لا تعكس الصورة الحقيقية لما يريده العراقيون».