مجلس صيانة الدستور يصعد الأزمة السياسية في إيران ويرفض التصديق على تعديل القانون الانتخابي

الإصلاحيون يحذرون من «فوضى سياسية» وخاتمي ما زال يأمل بحل وسط

TT

رفض مجلس صيانة الدستور الايراني امس التصديق على قانون طارئ لاصلاح القانون الانتخابي بالبلاد تقدم به مجلس الشورى (البرلمان) بهدف التوصل لحل وسط لازمة المرشحين المستبعدين من خوض الانتخابات التشريعية المقررة الشهر المقبل، وفور الاعلان رسميا عن قرار المجلس، انتقد الرئيس الايراني محمد خاتمي بشدة هذه الخطوة وأصر على انه ما زال يأمل في التفاوض للتوصل لتسوية، غير ان النواب الاصلاحيين المعتصمين بالبرلمان قالوا ان المجلس اغلق كل ابواب الحوار وانهم سيفكرون الان في الخطوات التصعيدية التي يمكن اتخاذها، ومن بينها الاستقالة الجماعية ومقاطعة الانتخابات. واستغل المجلس المحافظ الذي يتكون من اثني عشر شخصا كلهم من رجال الدين والقضاة غير المنتخبين، السلطات الواسعة التي يتمتع بها في رفض مشروع القانون الاصلاحي في تصعيد جديد لاسوأ أزمة سياسية تشهدها ايران منذ سنوات، وذكرت وكالة الانباء الايرانية ان المجلس اعلن قراره رسميا صباح امس، مؤكدا في حيثيات الرفض ان تعديلات القانون الانتخابي تتعارض مع الدستور والشريعة الاسلامية. فيما كشفت مصادر مقربة من المجلس الذي يرأسه رجل الدين المحافظ اية الله احمد جنتي ان المجلس اتخذ قراره قبل مرور اقل من 24 ساعة من تقديم البرلمان القانون اليه، وان الرفض جاء بالاجماع.

انتقد خاتمي بشدة هذه الخطوة وأصر على انه يأمل في التفاوض للتوصل الى حل وسط، وقال في تصريحات للصحافيين ان قرار المجلس يعقد الازمة ويدل على عدم رغبة المجلس في التوصل لتسوية. غير انه عاد وقال انه ما زال يأمل في حل للخلاف الذي قسم مؤسسات الحكم بالبلاد بين الاصلاحيين والمحافظين. واتهم أعضاء البرلمان المعتصمين في مقره بالعاصمة طهران منذ أسبوعين احتجاجا على رفض ترشيح عدد كبير من الاصلاحيين للانتخابات المقررة في 20 فبراير (شباط) المقبل، المحافظين في البلاد باتباع اساليب شمولية في صراعهم مع الاصلاحيين، وقالوا انهم سيفكرون الان في الخطوة التالية التي يتعين اتخاذها والتي قد تتضمن استقالات جماعية أو مقاطعة الانتخابات.

واوضح رضا يوسفيان عضو البرلمان لوكالة «رويترز» في مقابلة قصيرة أجريت بالهاتف ان «هذا يشير الى ان المواجهة مستمرة على نفس المستوى بين اعضاء البرلمان ومجلس صيانة الدستور وانهم في المجلس لا يريدون قبول أي حل». وأضاف «وعلى الجانب الاخر فان أعضاء البرلمان لا يرغبون في التراجع عن مطالبهم أيضا».

واضاف ان أعضاء البرلمان المعتصمين في البرلمان منذ أسبوعين سيفكرون الان في الخطوة التالية التي يتعين اتخاذها والتي قد تتضمن استقالات جماعية أو مقاطعة الانتخابات.

ومن ناحيتها، قالت النائبة الاصلاحية بالبرلمان فاطمة حقيقاتجو التي تم استبعادها ايضا من خوض الانتخابات ان رفض المجلس للقانون «يدفع البلاد نحو خطر الفوضى السياسية». واضافت ان القرار «يجبر الاصلاحيين وكل الذين يريدون انتخابات نزيهة على اتخاذ قرار مقاطعة الانتخابات». وتابعت «الايرانيون لا يسمحون للديكتاتوريين اتخاذ القرارات نيابة عنهم». وكان البرلمان الذي يسيطر عليه الاصلاحيون قد صوت اول من امس لصالح اجراء تعديل طارئ على القانون الانتخابي يهدف الى حل الازمة السياسية التي انفجرت في البلاد خلال الاسابيع الثلاثة الماضية، والحد من سلطات مجلس صيانة الدستور في رفض ملفات المرشحين. وقدم اعضاء البرلمان القانون لمجلس صيانة الدستور وعليه عبارة «طارئ من النوع الثالث» وهي تعني انه شديد الاهمية، وهي المرة الاولى منذ اندلاع الثورة الاسلامية عام 1979 التي يقدم فيها البرلمان قانونا مدموغا بهذه العبارة، اذ اكتفي حتى خلال الحرب مع العراق بين 1980 و1988 بتقديم القوانين المهمة تحت ختم «طارئ» فقط.

وينص القانون الذي اقره الاصلاحيون على اجراء تعديلين للمادة 28 من القانون الانتخابي، وينص احد التعديلين على حق كل المرشحين الذين سبق لهم ان شغلوا مقعدا في البرلمان التقدم بترشيحهم مجددا من دون اخذ موافقة المجلس، الا في حال ارتكابهم جرما. بينما ينص التعديل الثاني على استبعاد المعايير «القيمية» التي لا تدخل في اطار «الاعراف القانونية المعمول بها» من المعايير التي تقبل على اساسها الترشيحات الى الانتخابات. ويهدف التعديل الثاني الى التخلص من مسألتي تقييم المرشحين على اساس ولائهم للنظام الاسلامي وولاية الفقيه، وهما الشرطان اللذان استغلهما مجلس صيانة الدستور لرفض نحو 50% من ملفات المرشحين للانتخابات المقبلة. ومن جانبه قال اية الله أحمد جنتي رئيس مجلس صيانة الدستور ان المجلس أقر ترشيح نحو خمسة الاف في الانتخابات، مما يعني وجود 17 مرشحا في المتوسط لكل مقعد برلماني. وتساءل في بيان نقلته وكالة انباء الجمهورية الاسلامية «هل يشي هذا الرقم بعدم وجود فرص متساوية للمنافسة». وفي اول تدخل لهم في الازمة، اكدت منظمات طلابية ايرانية ان الطلبة والمدرسين في جميع الجامعات في طهران سيخرجون في مظاهرات خلال الايام الماضية للاعراب عن احتجاجهم على تعنت مجلس صيانة الدستور. ويعد دخول الطلبة في معترك الازمة عنصرا مهما لصالح الاصلاحيين، غير انه يأتي متأخرا الى حد كبير. الى ذلك اعلن المتحدث باسم الحكومة الايرانية ان الحكومة الاصلاحية قد ترفض تنظيم الانتخابات التشريعية المقررة الشهر المقبل اثر رفض مجلس صيانة الدستور التصديق على قانون أقره مجلس الشورى (البرلمان) لاصلاح النظام الانتخابي بهدف الخروج من ازمة المستبعدين من خوض الانتخابات التشريعية.

وقال المتحدث باسم الحكومة عبد الله رمضان زادة متحدثا لوكالة الأنباء الطلابية: «لا يمكننا تنظيم عملية اقتراع خالية من المنافسة، غير صحيحة وغير حرة»، وتابع: «هذا يعني ان هذه الحكومة لن تنظم سوى انتخابات فيها تنافس، انتخابات صحيحة وعادلة». وشدد على انه «يجب ان تكون هناك منافسة حقيقية بين كل الذين يريدون المشاركة بشكل شرعي في عملية الاقتراع في اطار الدستور». واضاف: «هذا الشرط الوحيد الذي تضعه الحكومة، لأنه لا يمكنها ان تنظم عملية اقتراع لا تحترمه». وقال ان «أحد الشروط من اجل ان تكون المنافسة عادلة هو الوقت الذي يمنح للحملة» الانتخابية، معتبرا ان «مدة الحملة انخفضت» الآن بسبب الازمة.

واكد رمضان زادة ان عددا من الوزراء ابلغوا الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي انهم يعتزمون الاستقالة في حال استمرت الازمة.

وعلى اثر هذا الرفض، اعلن رئيس لجنة الأمن القومي والشؤون الخارجية في البرلمان محسن ميرماضي امس ان عشرات النواب الاصلاحيين على وشك تقديم استقالاتهم. وقال: «ان النواب المشاركين حاليا في الاعتصام سيجتمعون اليوم ليقرروا تاريخ استقالاتهم». وقال ان «غالبية المشاركين في هذا الاعتصام سيستقيلون، لكنني لا اعرف عددهم بالضبط».