الزرقاوي يطلب من قادة «القاعدة» المساعدة لشن «حرب طائفية» تجر الشيعة وتوقظ السنة في العراق

المسؤولون الأميركيون يكشفون عن وثيقة من 17 صفحة تؤكد أن المتطرفين فشلوا في مساعيهم لترويع الأميركيين

TT

حصل المسؤولون الأميركيون في بغداد على وثيقة كتبت من قبل أحد النشطاء المناوئين لقوات التحالف في العراق الى كبار زعماء «القاعدة» طالبا المساعدة لشن «حرب طائفية» في العراق خلال الأشهر المقبلة.

ويقول الأميركيون انهم يعتقدون ان أبو مصعب الزرقاوي، الأردني الذي ظل منذ فترة طويلة تحت مراقبة الولايات المتحدة، للاشتباه في صلاته مع «القاعدة»، كتب الوثيقة غير المؤرخة التي تضم 17 صفحة. ويعتقد ان الزرقاوي يعمل هنا في العراق.

وقد توفرت الوثيقة لصحيفة «نيويورك تايمز» يوم الأحد الماضي، مع ترجمة مرفقة قام بها الجيش. وسمح لصحافي بالاطلاع على النسختين العربية والانجليزية وكتابة أجزاء كبيرة من الترجمة.

وتقول المذكرة ان المتطرفين يخفقون في الحصول على دعم داخل البلاد، وظلوا عاجزين عن ترويع الأميركيين وارغامهم على الرحيل، بل انها تعبر عن الأسى لافتقار العراق الى جبال يمكن ان تكون ملاذا.

غير ان شن هجوم على الأغلبية الشيعية في العراق يمكن ان ينقذ الحركة وفقا لما ورد في الوثيقة. وتشير الوثيقة الى ان الهدف هو اثارة هجوم مضاد على السنة العرب الذين يشكلون أقلية.

وترى الوثيقة ان مثل هذه «الحرب الطائفية» ستضم جهود العرب السنة الى جهود المتطرفين الدينيين. وتقول ان الحرب ضد الشيعة يجب ان تبدأ الآن ـ في «ساعة الصفر» ـ قبل ان يسلم الأميركيون السيادة الى العراقيين المقرر في أواخر يونيو (حزيران) المقبل.

وقال مسؤولون أميركيون في بغداد انهم واثقون من ان الوثيقة يمكن تصديقها، وأضافوا انهم كانوا قد توثقوا، على نحو مستقل، من ان كاتبها هو الزرقاوي. واذا كان التقرير موثقا فانه يوفر معلومات داخلية عن المقاومة واحباطاتها، ويؤكد عددا من الافتراضات الأميركية بشأن قوة وطبيعة المتطرفين الدينيين، ولكنه يرسم، أيضا، خطة لمعركة مقبلة.

ويمكن ان تشكل الوثيقة، أيضا، أقوى دليل حتى الآن على وجود صلات بين المتطرفين في العراق و«القاعدة». ولكنها لا تتحدث عن الجدل الدائر حول ما اذا كان هناك وجود لـ«القاعدة» في العراق خلال عهد صدام حسين، وليس هناك أية اشارة الى تعاون مع الموالين لصدام حسين.

غير ان تفسيرات أخرى يحتمل ان تكون واردة، وبينها ان الوثيقة كتبت من جانب شخص آخر من المقاومين، ولكنه يبالغ في صلاته.

وقال مسؤول استخباراتي أميركي كبير في واشنطن ان هناك معلومات اضافية تشير الى فكرة ان «القاعدة» كانت تدرس التصعيد أو انها صعدت، مؤخرا، الهجمات على الشيعة في العراق.

وقال المسؤول «ان هذا ليس الدليل الوحيد». وتبدو الرسالة التي جرى التنصت عليها أقوى دليل منذ الغزو الأميركي في مارس (آذار) الماضي على ان الزرقاوي يبقى نشطا في تخطيط الهجمات.

ووفقا لمسؤولين اميركيين في بغداد فقد اكتشفت الوثيقة المكتوبة باللغة العربية أواسط يناير (كانون الثاني) الماضي عندما اعتقل أحد المشتبه في انتمائهم الى «القاعدة». وقال الأميركيون انه في التحقيق شخص المشتبه فيه الزرقاوي باعتباره كاتب الوثيقة. وكان الرجل المعتقل يحملها على قرص مدمج الى أفغانستان، ويعتزم تسليمها الى أشخاص وصفوهم بانهم «الحلقة الداخلية» لزعامة «القاعدة». وهم يشيرون الى أسامة بن لادن ومساعده أيمن الظواهري.

ورفض الأميركيون الاعلان عن هوية المشتبه فيه. ولكن اكتشاف القرص المدمج يتوافق مع اعتقال حسن غول، الباكستاني الذي وصفه الأميركيون في حينه كرسول لشبكة «القاعدة». ويعتقد ان غول هو أول عضو مهم من تلك الشبكة يلقى القبض عليه داخل العراق.

والوثيقة مكتوبة ببلاغة خطابية وهي تصف الأميركيين باعتبارهم «أكبر جبناء خلقهم الله»، ولكنها لا ترى، في الوقت نفسه، فرصة كبيرة لارغامهم على الخروج من العراق.

وقال كاتب الوثيقة «ولهذا فان الحل، والله وحده يعلم، هو اننا نحتاج الى جلب الشيعة الى المعركة. وهذا هو السبيل الوحيد لادامة القتال بيننا وبين الكفار. واذا ما أفلحنا في جرهم الى حرب طائفية فان هذا سيوقظ السنة النائمين الذين يخشون من الدمار والموت على أيديهم».

ويعرض الكاتب خدماته وخدمات أتباعه لمتلقي الرسالة الذين يرى الأميركيون انهم زعماء «القاعدة».

ويقول الكاتب «أيها الاخوة الكرام، يا قادة الجهاد، نحن لا نعتبر انفسنا أشخاصا يتنافسون معكم أو يمكن ان يكون هدفنا تحقيق المجد لأنفسنا كما فعلتم. ولهذا فاذا ما اتفقتم معنا، فاننا مقتنعون بفكرة قتل الطوائف المنحرفة، ونحن نقف على أهبة الاستعداد كجيش لكم يعمل تحت توجيهاتكم ويطيع أوامركم».

وفي الفترة التي سبقت الحرب أكد مسؤولون في ادارة الرئيس جورج بوش ان الزرقاوي شكل الصلة الرئيسية بين «القاعدة» وحكومة صدام حسين. وفي فبراير (شباط) الماضي قال وزير الخارجية كولن باول أمام الأمم المتحدة ان «العراق يؤوي اليوم شبكة ارهابية قاتلة، يترأسها أبو مصعب الزرقاوي، مساعد أسامة بن لادن، وأتباعه من أفراد «القاعدة».

وفي ذلك الوقت كان الأميركيون يعتقدون ان الزرقاوي كان يختفي في الجبال الواقعة عند الحدود الايرانية مع انصار الاسلام، وهي جماعة مرتبطة بـ«القاعدة» يشتبه في شنها هجمات ضد القوات الأميركية في العراق.

ومنذ انتهاء الحرب لم تظهر دلائل كثيرة تعزز المزاعم التي تتحدث عن وجود صلة بين «القاعدة» والعراق قبل الحرب. وفي الشهر الماضي قال ان الحكومة الأميركية لم تجد «دليلا قاطعا» على وجود صلات بين حكومة صدام حسين و«القاعدة».

وفي الوثيقة اشار الكاتب الى انه كان قد أدار 25 عملية تفجير انتحاري داخل العراق. وذلك يتوافق مع وجهة النظر الأميركية التي ترى انه من المحتمل ان التفجيرات الانتحارية تنفذ من جانب متطرفين دينيين عراقيين وأجانب أكثر من حلفاء صدام حسين.

ويقول كاتب الوثيقة «كنا مشاركين في كل العمليات الاستشهادية ـ في اطار الاشراف والاعداد والتخطيط ـ التي جرت في هذا البلد. والحمد لله فقد انجزت 25 من هذه العمليات، بعضها ضد الشيعة وزعمائهم، والأميركيين وقواتهم، والشرطة والجيش وقوات التحالف».

ولكن الكاتب يدون تفاصيل الصعاب التي يمر بها ورفاقه، سواء في مقاتلة القوات الأميركية أو في تجنيد المؤيدين. ان الأميركيين هدف سهل بالنسبة للكاتب الذي يزعم، مع ذلك، تأثرة بعزم الأميركيين. ويكتب قائلا انه بعد خسائر كبيرة «لا تعتزم أميركا الرحيل ولا يهمها عدد الجرحى أو دموية المعركة».

ويقول الكاتب ان العراقيين انفسهم لم يكونوا مستعدين لاستقبال المحاربين من أجل القضية المقدسة في بيوتهم.

وتشير الوثيقة الى ان «كثيرا من العراقيين يحترمونك كضيف ويوفرون لك المأوى ذلك انك أخ مسلم. غير انهم لا يسمحون لك بتحويل بيتهم الى قاعدة للعمليات أو ملاذ آمن».

ويشير الكاتب الى ان الجهود الأميركية لاقامة قوات أمن عراقية أفلحت في حرمان المقاومين من الحلفاء، خصوصا في بلد حيث شبكات الصلات القرابية واسعة.

وتقول الوثيقة ان «المشكلة انك تنتهي الى وجود قوات جيش وشرطة مرتبطة بصلات القربى والدم والمظهر. وعندما ينسحب الأميركيون، وقد بدأوا ذلك مؤخرا، فان هؤلاء العناصر يحلون محلهم، وهم مرتبطون على نحو وثيق بأهل المنطقة».

وبشيء من السخط يقول الكاتب «نستطيع ان نحزم أمتعتنا ونغادر الى بلد آخر، كما حصل في الكثير من بلدان الجهاد. ان عدونا يصبح أقوى يوما بعد آخر، وتتزايد معلوماته الاستخباراتية. وهذا والله اختناق».

ولكن لا يزال هناك، كما يرى الكاتب، وقت لشن حرب ضد الشيعة وبالتالي الشروع بحرب أوسع اذا ما كانت الهجمات جارية قبل تسليم السلطة في يونيو المقبل. ويشير كاتب الوثيقة الى انه بعد ذلك سيجري تصوير أي هجمات على الشيعة باعتبارها عنفا من عراقيين ضد عراقيين آخرين لن تجد تأييدا كبيرا في أوساط الناس.

ويقول الكاتب «يجب ان نصل الى ساعة الصفر لكي نبدأ صراحة السيطرة على البلاد بحلول الليل، وبعد ذلك في النهار، ان شاء الله. وتحتاج ساعة الصفر ان تحل قبل أربعة اشهر على الأقل من اقامة حكومة جديدة».

ويرى مؤلف الوثيقة ان ذلك هو الموعد، لانه بعد ذلك «كيف يمكننا ان نقتل أبناء عمومتهم وأبناءهم؟».

وتقول الرسالة «ان الأميركيين سيواصلون الهيمنة من قواعدهم، ولكن أبناء هذا البلد سيكونون هم السلطة. وسيقولون هذه هي الديمقراطية. ولن تكون بأيدينا ذرائع».

* خدمة «نيويورك تايمز»