فى أول زيارة من نوعها منذ نحو 30 عاما: تشارلز يبحث مع خاتمي الملف النووي وكارثة بام

TT

التقى الامير تشارلز ولي عهد بريطانيا مع الرئيس الايراني محمد خاتمي امس في اول زيارة يقوم بها عضو في الاسرة البريطانية المالكة الى ايران منذ قيام الثورة الاسلامية عام 1979، التي اطاحت بالشاه محمد رضا بهلوي. وعكست رحلة تشارلز تحسنا كبيرا في العلاقات بين لندن وطهران على الرغم من ان ولي العهد البريطاني شدد على جانبها الانساني، مؤكدا انها لا تحمل فى طياتها رسالة سياسية. كما زار تشارلز في وقت لاحق مدينة بام في جنوب شرقي ايران التي سواها بالارض الزلزال القوي الذي ضربها في 26 ديسمبر (كانون الاول) الماضي وقتل اكثر من 40 الفا.

ونقلت وكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية عن خاتمي قوله لتشارلز خلال اجتماع قصير في طهران، ان المفاوضات الاخيرة التي اجرتها ايران مع دول اوروبية بشأن برنامجها النووي هي مؤشر على تحسن العلاقات مع الغرب. ونقلت الوكالة عن خاتمي قوله لتشارلز «نحاول تغيير سوء الفهم الى فهم افضل وتعاون من خلال المحادثات والتصرفات المنطقية». فرد تشارلز قائلا ان توقيع ايران على بروتوكول الامم المتحدة «يبعث على الرضى». كما رحب ايضا بدعوة خاتمي لحوار الحضارات. ونقلت عنه الوكالة قوله «الحوار بين الحضارات والاديان ضروري لعالم اليوم». وفي ترجمة لحديث تبادلاه، استفسر خاتمي من الأمير تشارلز عن صحة والدته ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية، كما تحدثا عن آلام الظهر التي كان يعاني منها خاتمي منذ ثمانية ايام. وقال مصورون سمح لهم بحضور بداية الاجتماع مع خاتمي ان تشارلز ابلغ الرئيس الايراني بأنه شخصيا يعاني من ألم في ظهره. ورد خاتمي، 60 عاما، الذي نصحه الاطباء الاسبوع الماضي بالراحة لعلاج ألم في الظهر ممازحا الامير، 55 عاما، ان ذلك «علامة على تقدم العمر». وبعد ذلك انسحب خاتمي وتشارلز لاجراء مباحثات ثنائية. وذكرت مصادر مطلعة ان الرئيس البريطاني وضيفه سيبحثان علاقات بريطانيا وايران وكارثة بام. ولاحقا توجه تشارلز الى مدينة بام الاثرية التى دمرها الزلزال قبل نحو شهرين، والتقى مع السكان والمسؤولين، وقال للمزارع باراني باراواتي وهو من اسرة تعيش على زراعة التمر والبرتقال على مشارف المدينة التي اضر الزلزال بنظم الري في مزارعها «وددت لو كان باستطاعتنا ان نفعل المزيد». وقد وقف عشرات من المارة يرقبون بفضول موكب الامير تشارلز وهو يمر وسط الشوارع المتربة، لكن الغالبية لم تبد اهتماما كبيرا أو لم تكن تعرف هوية الزائر. وخلال زيارته لبام التي استغرقت عدة ساعات زار تشارلز قلعة بام التاريخية العريقة التي اتى عليها الزلزال تقريبا. وقال مصدر في الجانب البريطاني ان الامير تشارلز يقوم بزيارته بصفته رئيس جمعية الصليب الاحمر البريطاني «في دور محض انساني» وفي زيارة «لا علاقة لها بالشأن السياسي». ووصف كل اللقاءات التي سيعقدها الامير تشارلز مع الشخصيات الايرانية الرسمية مسبقا، بأنها «اجتماعات مجاملة». وقد وصل الامير تشارلز مساء اول من امس الى طهران قادما من العراق، حيث زار القوات البريطانية. وقد جرت تحركاته بتكتم شديد لأسباب امنية.

وعلى الرغم من تأكيد المسؤولين البريطانيين على ان زيارة تشارلز انسانية الطابع ومحورها زيارة بام، الا ان بعض الصحف الايرانية اضافت ثقلا سياسيا الى الزيارة. وقالت صحيفة «الشرق» الليبرالية في افتتاحيتها «هذه الرحلة الرمزية نقطة تحول في علاقات ايران مع الغرب». وذكرت الصحيفة انه في الوقت الذي اعدت فيه طهران لزيارة تشارلز لبام رفضت الشهر الماضي عرضا اميركيا لقيام اليزابيث دول عضو مجلس الشيوخ الاميركية بمهمة انسانية مماثلة.

وكانت آخر زيارة رسمية لايران يقوم بها عضو من الاسرة البريطانية المالكة هي الزيارة التي قامت بها الملكة الام، جدة تشارلز، لايران عام 1975 . وجاءت زيارتها بعد ان حضر والد تشارلز الامير فيليب زوج الملكة اليزابيث ملكة بريطانيا، وشقيقته الاميرة آن الاحتفالات التي أقامها الشاه الراحل عام 1971 في ذكرى مرور 2500 عام على قيام عرش الطاووس، وبعد ذلك بثماني سنوات أطاحت الثورة بالشاه عام .1979 وتجيء زيارة تشارلز في وقت اشتعلت فيه التوترات السياسية في ايران بين الاصلاحيين والمحافظين، بل داخل التيار الاصلاحي ذاته على خلفية ازمة المستبعدين من الانتخابات التشريعية المقررة الشهر الجاري. كما تواكب الزيارة الاحتفالات التي تقام هذا الاسبوع في الذكرى الخامسة والعشرين للثورة التي قادها اية الله الخميني.

الى ذلك، رفض مجلس صيانة الدستور، الهيئة المحافظة التي تسببت في ازمة سياسية في ايران بعد استبعاد قرابة الفين من المرشحين، وخصوصا من الاصلاحيين للانتخابات التشريعية، اعتماد الفرز الالكتروني للاصوات وفق ما اعلن محافظ طهران علي اوسط هاشمي.

واعلن المجلس ان الكومبيوتر ليس الطريقة المثلى، متهما مجلس المحافظة في طهران بالتنصل من مسؤولياته متذرعا بالكومبيوتر، لكن هاشمي اوضح لوكالة الانباء الطلابية ان «مندوب مجلس صيانة الدستور اعرب منذ اليوم الاول عن رفضه اعتماد الفرز الالكتروني، على الرغم من اننا امضينا اشهرا في اعداد برامج الكومبيوتر لهذا الغرض». واضاف «لقد اشاروا الى بعض الاخطاء وعملنا على اصلاحها، لكن ذلك لم يرضهم» علما بأن «جميع المشاكل قد سويت». وقال اخيرا «ما زلنا لا نعرف ما هي مآخذ مجلس صيانة الدستور على الفرز الالكتروني».

ويأتي ذلك في ما اعلن اثنان من قياديي التيار السياسي، الذي ينتمي اليه خاتمي وهو جمعية علماء الدين المقاتلين ـ روحانيون مبارز ـ، ان الجمعية ستشارك في الانتخابات. ونقلت وكالة الانباء الطلابية الايرانية عن رسول منتاجابنيا القيادي في الجمعية ان الجمعية الاصلاحية قد تنشر خلال ايام لائحة مشتركة لخوض الانتخابات مع تنظيمات اخرى.

وكشف عضو آخر هو مجيد انصاري ان الجمعية قررت «تقديم لائحتها» لخوض هذه الانتخابات. واضاف «ان ايا من مرشحي جمعية علماء الدين المقاتلين لا ينوي سحب ترشيحه»، واضعا بذلك حدا للتكهنات التي عززها اعلان على موقع وزارة الداخلية على الانترنت ان الجمعية لن تشارك في الانتخابات.

واشار رسول الى ان عناصر الجمعية و«بعض» عناصر «جبهة الثاني من خورداد» وهو ائتلاف يضم 18 تشكيلا يؤيد خاتمي «سيتقدمون بلائحة مشتركة» في الانتخابات. واضاف «نتفاوض حاليا مع هذه المجموعات وسننشر خلال ايام لائحتنا المشتركة»، نافيا ان يكون هو نفسه بين المرشحين. وكان اثنان من الاحزاب الاصلاحية الرئيسية في البرلمان، وهما جبهة المشاركة ومنظمة مجاهدي الثورة الاسلامية اعلنا انهما سيقاطعان الانتخابات بعد رفض ملفات قرابة الفي مرشح معظمهم من الاصلاحيين.