الأميركيون حصلوا على اسم ورقم هاتف الشحي من الألمان قبل عامين من هجمات سبتمبر وفشلوا في متابعته

الألمان عرفوا عن «مروان» من خلال تعقب مكالمات زمار والأميركيون عجزوا عن مواصلة التدقيق «لأن الرقم في الإمارات لم يكن مسجلاً»

TT

حصل المحققون الأميركيون على الاسم الأول ورقم هاتف أحد منفذي هجمات 11 سبتمبر (ايلول) قبل عامين ونصف العام من وقوع تلك الاعتداءات، الا ان الولايات المتحدة فشلت في متابعة القضية بقوة، حسبما قال مسؤولون أميركيون وألمان.

وقال المسؤولون اول من امس ان هذه المعلومة، وهي اول ما علم حتى الآن عن تلقي الولايات المتحدة معلومات مسبقة عن أي من الخاطفين، أصبحت حالياً عنصرا هاما في التحقيق الذي تجريه اللجنة المستقلة بخصوص هجمات سبتمبر. وتعتبر هذه المعلومة هامة جدا لأنها قد تشير الى ان المسؤولين الاميركيين ربما ضيعوا فرصة كشف خلية «القاعدة» التي كانت تنشط في المانيا وحضرت لهجمات سبتمبر. وقد ظهرت تلك المعلومة قبل نحو 16 شهرا من التحاق الخاطف بمدارس طيران بالولايات المتحدة.

ففي مارس (آذار) 1999 أعطى مسؤولون في الاستخبارات الالمانية الى وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي. آي. ايه) الاسم الأول ورقم هاتف الاماراتي مروان الشحي، وطلبوا من الأميركيين تعقبه. وكان الالمان قد حصلوا على اسم «مروان» ورقم هاتفه بدولة الامارات العربية المتحدة من خلال مراقبة هاتف محمد حيدر زمار، الاصولي الذي كان في هامبورغ ومرتبطاً بشكل وثيق بـ«خلية هامبورغ»، حسبما قال المسؤولون الالمان.

وقال مسؤول كبير في الاستخبارات الألمانية ان الالمان، بعد ان قدموا تلك المعلومة للاميركيين، لم يسمعوا شيئاً عن الموضوع حتى بعد الحادي عشر من سبتمبر. وأضاف المسؤول انه «لم تكن هناك ردود فعل» في حينه.

ويقول مسؤولون أميركيون انه بعد تلقي المعلومات قررت وكالة الاستخبارات الأميركية ان «مروان» ربما كان مساعدا لأسامة بن لادن، لكنهم لم يلاحقوه ابدا.

واعتبر الألمان ان المعلومات حول الشحي قيمة جدا. كما ان لجنة التحقيق الاميركية صارت مهتمة كثيرا بالسبب الذي حال دون استخدام المعلومة لمراقبة الشحي بشكل اوسع.

وجاءت المعلومات الخاصة بالشحي، الذي كان ضمن الطائرة التي اصطدمت بالبرج الجنوبي لمركز التجارة العالمي، قبل أشهر من معلومات موثقة حول خاطفين آخرين بينهم اثنان ممن كشف حضورهما خلال اجتماع لمتطرفين في ماليزيا في يناير (كانون الثاني) 2000 .

وتلقت لجنة التحقيق الاميركية المعلومات الخاصة بالشحي، وبدأت التحقيق في القضية، حسبما قال مديرها التنفيذي فيليب زليكوف.

ويقول مسؤولون في الاستخبارات الأميركية وآخرون معنيون بالموضوع انهم غير متأكدين ما اذا كان هاتف الشحي قد خضع للمراقبة. وقال مسؤول اميركي ان «الألمان أعطونا اسم «مروان» ورقم هاتف، لكننا كنا عاجزين عن التوصل الى شيء. كان رقم الهاتف غير مسجل في الامارات العربية المتحدة».

ويتسم هذا الموضوع بأهمية خاصة لأن الشحي كان عضوا مهماً في «خلية هامبورغ» التي لعبت دوراً مهماً في التخطيط لهجمات سبتمبر.

وكان الشحي قد انتقل الى ألمانيا عام 1996 وكان منفصلا تقريبا عن المصري محمد عطا خلال الفترة التي قضياها هناك. وقد حضر الرجلان حفل زفاف زميل لهما نظم في مسجد يسيطر عليه المتشددون في هامبورغ في أكتوبر (تشرين الأول) 1999، في فترة كان التخطيط لهجمات سبتمبر جارياً. وتقول السلطات الأميركية والأوروبية ان الشحي شارك بنشاط في مخطط هجمات سبتمبر.

وقال زليكوف ان «خلية هامبورغ هامة جدا» بالنسبة للتحقيق في هجمات سبتمبر، والمعلومات الاستخباراتية حول الشحي «تتسم بأهمية واضحة بالنسبة لنا، واننا نحقق حولها». وعندما سئل ما اذا كان مسؤولو الاستخبارات الأميركية منحوا اهتماما كافيا للمعلومات الخاصة بالشحي، قال زليكوف: «لم نتوصل الى أي نتائج».

يذكر ان لجنة الكونغرس التي حققت في هجمات سبتمبر كانت ابلغت عن القضية من قبل وكالة (سي. آي. ايه)، لكن جزءاً صغيراً من المعلومات كشف عنه وأعلن في التقرير النهائي للجنة في ديسمبر (كانون الأول) 2002، حسبما قال عدد من المسؤولين. ولم يذكر التقرير المعلن سوى أن وكالة الاستخبارات المركزية كانت قد تلقت الاسم الأول للشحي، دون الاشارة الى تلقي الوكالة لرقم الهاتف. وأوضح المعنيون بتحقيق الكونغرس ان قضية نشر قصة اكثر تكاملاً كانت موضع نزاع مع وكالة الاستخبارات المركزية حول الكشف عن بعض الأسرار. واعترف مسؤول سابق شارك في تحقيق الكونغرس ان الحصول على رقم هاتف أحد الخاطفين أكثر أهمية من الحصول على اسمه الأول.

ومنذ هجمات سبتمبر، تعرضت وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب المباحث الفيدرالي (اف. بي. آي) ووكالات حكومية اميركية أخرى الى انتقادات شديدة لاخفاقها في تبادل المعلومات بشكل كاف والحؤول دون كشف مخطط الهجمات.

وحتى الآن، فان الفشل الذي جرى التدقيق فيه بصورة أكبر يرتبط بتعامل وكالة الاستخبارات المركزية مع المعلومات حول لقاء ماليزيا الذي شارك فيه متشددون بينهم الخاطفان خالد المحضار ونواف الحزمي. وعلى الرغم من أن وكالة (سي. آي. ايه) حددت الرجلين باعتبارهما متطرفين مشتبهاً فيهما، فان الوكالة لم تطلب وضعهما على قائمة المراقبة الحكومية لابقائهما خارج الولايات المتحدة حتى أواخر أغسطس (آب) 2001. وبحلول ذلك الوقت كانا في الولايات المتحدة. وفضلا عن ذلك، فانه بينما كان الرجلان يعيشان في سان دييغو، فان مالك المكان الذي استأجراه كان مخبرا في مكتب المباحث الفيدرالي، لكن المكتب لم يتعرف على صلاتهما الارهابية من المخبر.

لكن بخلاف المعلومات عن المحضار والحازمي في سان دييغو، فان المعلومات السابقة عن الشحي كان لها أن تأخذ المحققين الى قلب خلية «القاعدة» في وقت ربما كانت فيه الخطة في مراحلها الاولى. ووفقا لشهادة في ألمانيا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي في قضية جنائية مرتبطة بهجمات سبتمبر، كان الشحي واحدا من أربعة أعضاء فقط في خلية هامبورغ كانوا يعرفون عن الهجمات مسبقا.

وكان الشحي وعطا قد سافرا الى أفغانستان عام 2000 لتلقي التدريب في معسكر تابع لـ «القاعدة» مع عدد آخر من المشاركين في هجمات سبتمبر. وبعد عودته الى ألمانيا، قدم الشحي الى أمين مكتبة في هامبورغ اشارة تنذر بسوء حول مركز التجارة العالمي عندما قال له: «سيكون هناك آلاف من الموتى. وستفكرون جميعا في»، حسبما قالت السلطات الألمانية.

وبعد فترة قصيرة من ذلك بدأ الشحي وعطا وخاطف آخر هو زياد الجراح بارسال الرسائل الالكترونية الى عشرات من مدارس الطيران الأميركية من ألمانيا للحصول على معلومات حول التسجيل فيها، ووصلوا الى الولايات المتحدة أواخر عام 2000 للشروع بالتدرب على الطيران.

* خدمة «نيويورك تايمز»