سلطة التحالف تلغي عقد تزويد الجيش العراقي بالمعدات

مسؤول: الجيش الأميركي يقوم بإعادة تقييم قابلية السلطة على منح عقود كبرى

TT

اثر تسليمها بوجود «أشياء مخالفة للأصول» في عملية تعاقد، ألغت سلطة الاحتلال التي تقودها الولايات المتحدة في العراق يوم الجمعة الماضي عقدا بقيمة 327 مليون دولار لتوفير تجهيزات للجيش العراقي. وكان العقد قد منح لشركة جديدة في ولاية فرجينيا تتمتع بخبرة محدودة في مجال التجهيزات العسكرية.

وقررت سلطة التحالف المؤقتة التي تقودها الولايات المتحدة، والتي سبق لها أن علقت الصفقة مع شركة «نور يو إس إيه»، الغاء العقد. وستبدأ السلطة من لا شيء في مساعيها لتأهيل 40 ألف جندي عراقي ليحلوا، أخيرا، محل قوات أميركية، وربما يتأخر المشروع أسابيع عدة.

وقد أخضع العقد المثير للجدل الى تحقيق بعد احتجاجات من عدد من مقدمي العروض ممن زعموا أن شركة «نور» لا تستطيع الوفاء بوعودها، وتقارير نشرتها صحيفة «لوس انجليس تايمز» ألقت ظلالا من الشك على مزاعم نور بشأن شركائها ومستشاريها.

كما أن الاعتراف بارتكاب أخطاء في واحد من أكبر وأهم العقود التي منحت حتى الآن من جانب مسؤولي التحالف، طرح أسئلة قابلية السلطة على ترتيب عملية العقد قبل أسابيع فقط من الموعد المحدد لمنح مبلغ 10 مليارات اضافية بصيغة عقود لاعادة اعمار البنية التحتية للعراق.

وفي حديث الى الصحافيين أول من أمس وصف مسؤول كبير في الجيش الأميركي مكتبا في بغداد مثقلا بمهمة تدقيق اقتراحات العروض المعقدة. وقال المسؤول ان عدد العاملين في المكتب هو خمسة فقط، وهم يتخذون قرارات بشأن ما يصل الى 15 عقدا يوميا.

وقال المسؤول ان الجيش يقوم باعادة تقييم قابلية سلطة التحالف على منح عقود كبرى، على الرغم من أنه لم يجر اكتشاف أشياء أخرى مخالفة للأصول.

وقال المسؤول العسكري «بصراحة وجدنا بعض المخالفات الاجرائية في ملف العقد وقد أوقفناه» العقد. وأضاف ان القضايا المتعلقة بقدرة «نور» على انجاز العقد لم تلعب دورا في اتخاذ القرار.

وقال مسؤول في شركة «نور» انه لم يجر إخطار الشركة بالقرار وانه لا يستطيع التعليق على الموضوع. ورئيسة الشركة هي هدى فاروقي، وهي خبيرة مالية وصديقة لأحمد الجلبي، رئيس المؤتمر الوطني العراقي وحليف وزارة الدفاع (البنتاغون) منذ زمن طويل.

وعلى العموم احتجت خمس شركات بولندية وأردنية على منح العقد لشركة «نور».

واشتكت ثلاث شركات ـ شركة بومار غروب العسكرية البولندية التي تملكها الدولة، وكونسورتيوم أميركي ـ أردني يحمل اسم سيميكس غلوبال، وشركة تتخذ من جورجيا مقرا لها وتحمل اسم بوسيكو دي إس تي ـ من أن أقساما في اقتراحاتها تعرضت للتجاهل.

وقالت بعض الشركات، أيضا، ان فوز «نور» بالعطاء الذي تبلغ قيمته 327 مليون دولار كان ينطوي على خفض قيمة العرض وانها لن تكون قادرة على تسليم سيارات الجيب والأسلحة والمفردات الأخرى المسجلة في العقد.

وكانت هناك، أيضا، أسئلة بشأن اقتراح الشركة تكليف كونسورتيوم دولي لتجهيز العقد. وبدأت الحكومة البولندية، التي كانت قيمة عرض شركتها العسكرية أعلى بمقدار 200 مليون دولار من قيمة عرض «نور»، تحقيقا في شركة أسلحة بولندية كانت شركة «نور» قد سجلتها كشريك لها في اقتراحها. واكتشف التحقيق ان الشركة، التي تحمل اسم «أوستروفسكي آرمز»، لا تتمتع برخصة لتصدير أسلحة.

ونفى عدد من الشركات الأخرى ومسؤولون عسكريون متقاعدون من ذوي الرتب العالية سجلتهم شركة «نور» كجزء من فريقها، مشاركتهم عندما اتصلت بهم «لوس انجليس تايمز».

وفي يوم الجمعة الماضي اعترف المسؤول في الجيش الأميركي بأن سلطة التحالف أخفقت في التوثق من الشركات الداخلة في كونسورتيوم نور، وانها لم تتحقق أيضا من مشاركة الضباط الذين سجلوا باعتبارهم ينتسبون الى مجلس استشاري. وقال الضباط انهم لم يلتقوا أحدا ولم يقوموا بأي عمل.

ومثل هذه التدقيقات لا تجري على نحو متكرر، وان عدم مشاركة المسؤولين أو الشركات «لم يلعب دورا في قرار تعليق» العقد، وفقا لما قاله المسؤول الكبير.

وبدلا من ذلك قال المسؤول العسكري ان سلطة الاحتلال تتحمل المسؤولية عن صياغة الطلب الغامض والاخفاق في دراسة جميع المعلومات التي كانت الشركات قد احالتها مع اقتراحاتها.

وكان الطلب على العقد الذي أصدر الخريف الماضي يتضمن «التباسات» غير محددة أدت الى التشوش بين الشركات الـ17 التي قدمت عروضا، وفقا لما ذكره المسؤول. وكدليل على ذلك أشار المسؤول العسكري الى طائفة واسعة في العروض تمتد من عرض شركة «نور» الذي تبلغ قيمته 327 مليون دولار الى عرض تزيد قيمته على مليار دولار من جهة عرض أخرى. وقال المسؤول ان «ذلك يشير الى أن الشركات كانت تقرأ المتطلبات على نحو متباين».

وأضاف المسؤول انه جرى ارتكاب أخطاء في تقييم العروض، على الرغم من أنه لم يحدد هذه الأخطاء.

وقال انه «اذا بعد أن أخذنا الأخطاء في الحسبان اتخذنا قرارا باعادة فتح تقديم العروض من أجل منافسة كاملة ومفتوحة، ووضع مسؤولية التعاقد بيد الجيش الأميركي بدلا من سلطة الاحتلال».

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»