عودة المحاكم الإسلامية في الصومال

TT

عادت المحاكم الاسلامية مجددا الى الساحة الصومالية بعد غيابها خلال السنوات الثلاث الماضية. وقد تسارعت عملية انشاء المحاكم الاسلامية بعد تدهور الاوضاع الامنية في البلاد وخاصة العاصمة مقديشو نتيجة فشل الشرطة التي انشأتها الحكومة الانتقالية في التغلب على الفوضى.

وتشكلت خلال الاسابيع الماضية قيادات شعبية من زعماء العشائر ورجال الاعمال والمواطنين في العاصمة لمعالجة الوضع الامني المتدهور في العاصمة وتوصلت الى اهمية احياء المحاكم الاسلامية التي كانت تتمتع بوجود كبير قبل ان تلغى بعد احداث 11 سبتمبر (ايلول). وقد تمكنت هذه اللجان من اقناع عدد كبير من العلماء الشرعيين بالعمل في هذه المحاكم. واعلن خلال الاسابيع الماضية عن تشكيل 7 محاكم اسلامية في 7 احياء بالعاصمة الصومالية.

ويساهم رجال الاعمال والمؤسسات التجارية في تكاليف تسيير هذه المحاكم. ولا يربط جهاز اداري واحد بين هذه المحاكم، الا انها تعمل لغرض واحد على الرغم من من طابعها القبلي، اذ ان كل محكمة تعمل في منطقة تقطنها قبيلة محددة.

ويعود تاريخ انشاء المحاكم الاسلامية في الصومال الى بداية 1991 عقب انهيار الحكومة المركزية لكنها لم تعمر سوى اشهر قليلة بسبب الحرب الاهلية التي اندلعت اواخر عام 1991. وعادت الى الظهور ثانية عام 1994 وحققت استقرارا في بعض مناطق الصومال.

وفي عام 1996 ادت الخلافات القبلية والسياسية في الصومال الى تحجيم دورها بشكل كبير، مما ادى الى انحسار دورها في قضايا التحكيم بين الاطراف المتخاصمة بالتراضي من دون ان يكون لها تأثير سياسي او عسكري يذكر. وظلت تعمل كذلك الى ان تعزز دورها مرة اخرى عام 1998. وفي اعقاب هجمات سبتمبر خضعت الحكومة الانتقالية لضغوط لالغاء تلك المحاكم اعتقاداً منها انها مرتبطة بجماعة الاتحاد الاسلامي، المدرجة ضمن القائمة الاميركية الخاصة بالمنظمات الارهابية.

وبموجب تلك الضغوط اتفقت الحكومة بعد مفاوضات طويلة مع عدد كبير من رؤساء المحاكم الاسلامية بضمهم الى الجهاز القضائي الحكومي واستيعاب الميليشيات التابعة للمحاكم الى جهاز الشرطة الحكومي، وهو ما تم بالفعل وطوى ملف المحاكم الاسلامية في العاصمة مقديشو على الاقل.

لكن الحكومة الانتقالية لم تتمكن من السيطرة على الوضع الامني ولم تتجاوز سلطاتها بضعة جيوب في العاصمة الكبيرة مما ادى لظهور الميليشيات القبلية المسلحة من جديد التي تقوم بأعمال سطو ونهب في العاصمة وخطف اشخاص للحصول على فدية. وطالت عمليات الخطف موظفين اجانب تابعين لمنظمات دولية.

وبعد تفاقم الاوضاع الامنية بسبب انشغال الحكومة وقادة الفصائل المعارضة بالمفاوضات الجارية في نيروبي تشكلت لجان شعبية قبلية لاقناع العلماء بوضع حد للفوضى في العاصمة، ثم تطور الامر الى انشاء قبيلة محكمة اسلامية في المناطق التي تسكنها من العاصمة علي يد علمائها.

وقال الشيخ علي راجي شنلي رئيس المحكمة الاسلامية في حي «التوفيقي» بالعاصمة لـ«الشرق الأوسط» ان دور المحاكم الاسلامية يكتسب اهمية كبيرة في هذه الظروف، اذ ان «ثقة الناس في العلماء كبيرة كما انه ليس للعلماء طموح سياسي يقلق قادة الفصائل. لقد استجبنا لندءات المواطنين فقط».

وردا على ما يتردد بأن عناصر الاتحاد الاسلامي يقفون وراء انشاء المحاكم الاسلامية وتمويلها قال الشيخ شنلي: «هذه المعلومات مغلوطة ولا اساس لها من الصحة والغرض منها هو الاساءة الى المحاكم نفسها التي نشأت برغبة شعبية وعهد بين رجال الدين التقليديين والمواطنين لمعالجة الوضع الامني في العاصمة».