إسرائيل تتخذ احتياطات أمنية خوفا من تفجير طائرة في احدى العمارات ووزير الخارجية يطالب بتنفيذ قرار الحكومة إبعاد الرئيس عرفات

TT

ضمن اجراءات الطوارئ القصوى التي اعلنتها الاجهزة العسكرية والامنية في اسرائيل تحسبا لرد فلسطيني كبير على جريمة اغتيال الشيخ أحمد ياسين، كشف النقاب امس، ان هناك خطرا واقعيا بان يحاول الفلسطينيون خطف طائرة مدنية اسرائيلية وهي جاثمة على الارض في ساعات الليل وتلغيمها بالمتفجرات والطيران بها وتفجيرها في احدى العمارات الشاهقة على نسق تفجيرات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 في مركز التجارة العالمي ومقر وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون).

وجاء هذا الكشف خلال اجتماع للجنة الشؤون الداخلية في الكنيست قدم فيه رئيس قسم الامن في الشرطة، الجنرال زئيف فلدينغر، تقريرا عن الاحتياطات الامنية. فقال: «في اعقاب العملية الارهابية المزدوجة التي نفذها شابان من «حماس» و«فتح»، واغتيال الشيخ أحمد ياسين، قمنا بفرض حراسة مشددة على جميع المطارات الاسرائيلية الكبرى والصغرى، المدنية، حيث تجثم الطائرات الخاصة. والسبب في ذلك ان هناك تصورات لدينا بان الفلسطينيين معنيون بتنفيذ عملية تفجير نوعية ضخمة. ومن غير المستبعد ان يكون لديهم شبان قد تدربوا في الخارج على قيادة طائرات مدنية. فيحضر احدهم الى احد هذه المطارات ويخطف طائرة. ويحملها بعبوة ناسفة ضخمة ويطير بها في السماء، ثم ينفذ عملية تفجير انتحارية في احدى العمارات السكنية الشاهقة».

وكانت سلطة الموانئ قد اتخذت اجراءات طوارئ في مطار بن غوريون الدولي في اللد، بدرجة عالية جدا تقترب من حالة الطوارئ الحربية. وتم تقييد جميع الطائرات الجاثمة على ارض المطارات جميعها بواسطة صنادل خاصة.

يذكر ان حالة الطوارئ القصوى اعلنت في اسرائيل فور تنفيذ جريمة اغتيال الشيخ ياسين. وبموجبها تم تعزيز الحراسة الشخصية على جميع الوزراء واعضاء الكنيست، وخصوصا اولئك الذين ساهموا في قرار تنفيذ الاغتيال، وكذلك على رجال الدين اليهود الكبار. وكشف النقاب امس ان الشرطة تلقت تهديدا بقتل الحاخام الاكبر السابق، عوفاديا يوسيف، زعيم حركة «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين، المعروف بتصريحاته العدائية للعرب. فتم الغاء الدرس الديني الاسبوعي الذي يقدمه كل يوم ثلاثاء، وتضاعفت الحراسة عليه وعلى افراد عائلته.

وتستمر حالة الاستنفار الامني لجميع اجهزة الجيش والشرطة والمخابرات وحرس الحدود في اسرائيل، والتي الغيت بموجبها جميع الاجازات الى اجل غير مسمى، وانتشرت قوات هائلة على الحدود مع المناطق الفلسطينية وعلى مداخل المدن الكبرى وفي الشوارع الرئيسية والمجمعات التجارية الكبرى والمدارس والجامعات والمستشفيات والكنس.

وقال رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية، الجنرال اهرون زئيفي فركش، خلال لقائه مع رئيس الدولة، موشيه قصاب، ان هناك اكثر من 50 انذارا ساخنا تشير الى انطلاق فلسطينيين لتنفيذ عمليات تفجير فلسطينية انتقاما لاغتيال الشيخ ياسين. واوضح ان قوات الامن واثقة من انها ستستطيع مجابهة هذه الاخطار، ولكنها لا تضمن ابدا منع تنفيذ عمليات.

واصدر رئيس الكنيست، روبي رفلين، امس، تعميما على جميع النواب يكشف فيه ان اجهزة الامن الاسرائيلية تتوقع ان تنفذ عمليات تفجير ضد اليهود وضد اهداف اسرائيلية خارج البلاد، حيث ان «حماس» امتنعت حتى الآن عن القيام بعمليات في الخارج، بسبب موقف الشيخ أحمد ياسين الصارم ضد ذلك، واصراره على ان المقاومة تتم فقط ضد اسرائيل وداخل اسرائيل او في الاراضي الفلسطينية المحتلة. واما الآن، فان غياب ياسين قد يخلق وضعا جديدا، لذلك امر رفلين النواب بعدم السفر الى الخارج قبل ان ينسقوا ذلك مع اجهزة المخابرات. غير ان قائد حماس الجديد في غزة الدكتور عبد العزيز الرنتسي اكد التزام حماس بعدم القيام بأي عمليات خارج فلسطين.

واصدر وزير الخارجية الاسرائيلي، سيلفان شالوم، تعميما مماثلا للسفراء في الخارج طالبا اعلان حالة استنفار امني قصوى في جميع السفارات والقنصليات والمؤسسات الاسرائيلية في الخارج. وذكرت الوكالة اليهودية انها تلقت انذارات من عدة قيادات للجاليات اليهودية في العالم، خصوصا في فرنسا وايطاليا، تشير الى احتمال تعرض اليهود لاعتداءات انتقامية. في المقابل، واصل قادة اسرائيل السياسيون والعسكريون، امس، تهديداتهم باستمرار الاغتيالات ضد الزعماء الفلسطينيين.

وزاد نهم اليمين المتطرف، اذ طالب اقطابه برفع مستوى الاغتيالات وتوسيع دائرتها لتشمل الرئيس ياسر عرفات، ورئيس حزب الله، الشيخ حسن نصر الله، وجميع قادة «حماس» في الداخل والخارج، ولوحظ ان القادة الاسرائيليين يستمدون التشجيع الكبير من موقف الادارة الاميركية، الذي لم يجد من المناسب ادانة جريمة اغتيال الشيخ ياسين، بل منحها الشرعية، ان كان ذلك بتصريحات الرئيس جورج بوش وغيره من المسؤولين او بالموقف الرسمي في الامم المتحدة، حيث منعت الولايات المتحدة اصدار قرار في مجلس الامن الدولي ضد جريمة الاغتيال.

ومن المثير للدهشة والاستهجان ان رئيس الوزراء ارييل شارون، دعا امس، اي فقط بعد يومين من اغتيال الشيخ أحمد ياسين، الفلسطينيين والعرب الى ان ينشروا ثقافة السلام.

وكان شارون يتكلم في احتقال احادي الجانب بمرور 25 عاما على توقيع اتفاقيات كامب ديفيد للسلام مع مصر. وقاطع المصريون الاحتفال، احتجاجا على قتل الشيخ ياسين، اذ انهم يعتبرون هذا الاغتيال صفعة لهم ايضا. فهم الذين كانوا قاب قوسين او ادنى من توقيع اتفاق هدنة بين الفصائل الفلسطينية بوقف العمليات ضد اسرائيل وبحثوا امكانية توقيع الاتفاق في الاسبوع المقبل. فجاء هذا الاغتيال ليلغي كل شيء. ومن المفارقات ان شارون دعا العرب الى الاقتداء بمصر.