ولي العهد السعودي والملك عبد الله الثاني يجريان مباحثات مع مبارك

3 زعماء عرب في شرم الشيخ اليوم لمشاورات حول القمة المؤجلة * الشرع: نريد استجابة عربية شاملة لعقد قمة في القاهرة

TT

اشتعلت حمى الاتصالات بين أكثر من دولة عربية في سبيل تجاوز الازمة السياسية التي خلفها تأجيل القمة العربية التي كانت مقررة في تونس الاثنين الماضي، وتقود الاتصالات السعودية ومصر وسورية والاردن، وبات منتجع شرم الشيخ السياحي المصري على البحر الاحمر مركزا لهذه المشاورات.

وفيما يتوقع وصول ولي العهد السعودي الامير عبد الله والعاهل الاردني الملك عبد الله الثاني الى شرم الشيخ اليوم، اجرى وزير الخارجية السوري فاروق الشرع محادثات في المنتجع مع الرئيس المصري حسني مبارك قبل ان يطير الى السعودية، لمواصلة محادثاته هناك، كما شهد المنتجع السياحي محادثات لملك البحرين الملك حمد بن عيسى رئيس الدورة الحالية للقمة العربية، مع الرئيس المصري حسني مبارك.

ومن المقرر ان يتوقف ولي العهد السعودي الامير عبد الله في طريقه الى النمسا، اليوم، في شرم الشيخ لاجراء مباحثات مع الرئيس مبارك. ويبحث الجانبان الموضوعات التي «تندرج ضمن المشاورات العربية الضرورية لعقد القمة العربية قبل نهاية الشهر المقبل». ونفت مصادر مصرية ما تردد عن احتمال قيام قمة خماسية اليوم بمنتجع شرم الشيخ تضم الرئيس مبارك والامير عبد الله وملك البحرين الذي يزور مصر حالياً والعاهل الاردني الملك عبد الله الذي يصل اليوم والرئيس السوري بشار الاسد. وقال أحمد ماهر وزير الخارجية المصري «ليس هناك أي تخطيط لعقد مثل هذه القمة». وأضاف «لقاءات الرؤساء العرب ليست غريبة وهناك تشاور مستمر من خلال الاتصالات والمقابلات».

وتأتي زيارة الملك عبد الله لمصر في اطار مشاورات مكثفة تجريها القاهرة للتحضير لعقد القمة العربية. وأجرى وزير الخارجية الاردني مروان المعشر امس اتصالات مع عدد من نظرائه العرب الى جانب الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى، وذلك في اطار مشاورات تهدف الى «سبل انجاح القمة العربية المقبلة». وأفادت وكالة الانباء الاردنية (بترا) ان هذه الاتصالات شملت وزراء خارجية مصر احمد ماهر والسعودية الامير سعود الفيصل وقطر حمد بن جاسم وتونس الحبيب بن يحيى. كما اتصل المعشر بوزيري التعاون الدولي الفلسطيني نبيل شعث والمفاوضات صائب عريقات في السلطة الفلسطينية. وقال المعشر انه لمس «وجود رغبة من الجميع لانجاح القمة والعمل بكل جد لضمان خروجها بنتائج جيدة» بحسب بترا.

وكان مبارك انتقد قرار تونس المفاجئ بتأجيل القمة الى أجل غير مسمى وقال ان مصر على استعداد لاستضافتها في اقرب وقت ممكن. واضافة الى الاتصالات الهاتفية التي اجراها مبارك مع عدد من القادة العرب استقبل امس وزير الخارجية السوري فاروق الشرع الذي زار مصر ضمن جولة تشمل أيضا السعودية. ونقل الشرع رسالة للرئيس المصري حسني مبارك من الرئيس السورى بشار الاسد تتعلق بالعمل الجاد والمخلص لعقد القمة العربية. وقال ماهر عقب المقابلة التى استمرت ساعة أن اللقاء جاء فى اطار المشاورات التى تجريها مصر منذ تأجيل القمة العربية بتونس من أجل استئناف العمل العربى لمساره الطبيعى والخروج بقرارات «تنتظرها شعوبنا وتحقق مصالحنا». وأشار الى ان تأجيل القمة لا يعني وضع حد للعمل العربي المشترك وانما تكثيف المشاورات كما حدث في اليومين الماضيين للاعداد للعودة الى انعقاد القمة. ووصف للقاء بأنه كان مثمرا وتم خلاله تبادل الاراء، وأن الوزير السوري سينقل للرئيس بشار الاسد نتائج اللقاء وأن القاهرة ودمشق ستواصلان الاتصالات. من جانبه أعرب فاروق الشرع عن أمله في استجابة عربية شاملة لدعوة مصر لعقد القمة العربية في القاهرة بدلا من قمة تونس التي أرجئت. وقال في مؤتمر صحافي في شرم الشيخ «نحن متفائلون بعقد قمة عربية في القاهرة ونأمل أن تكون هناك استجابة شاملة من الدول العربية». وحول سؤال عن الاسباب الحقيقية وراء قرار تونس تأجيل القمة العربية، اكد الشرع ان القرار اتخذ لأسباب «خارجة عن نطاق الاجتماع» التحضيري الذي كان وزراء الخارجية العرب يعقدونه في العاصمة التونسية. واوضح «ان كل ما حدث قد تم افتعاله وهو عبارة عن شيء آخر خارج عن نطاق الاجتماع». ومن جهته نفى الشرع وجود خلاف بين سورية وليبيا خلال الاجتماعات التحضيرية بتونس فيما يتعلق باخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل وقال «لم يحدث أي خلاف في هذا الصدد والموقف السوري واضح ومؤيد للموقف العربي العام الذي يطالب بمنطقة خالية بالكامل من أسلحة الدمار الشامل النووية والكيماوية والبيولوجية وهذه هي المبادرة العربية». وحول ما اذا كانت سورية على استعداد للذهاب الى تونس في حالة انعقاد القمة هناك قال الشرع إن تونس بلد شقيق وجزء من المسعى العربي وقد تحدث مع الامين العام للجامعة وهو سيزور تونس ليشرح للتونسيين حقيقة الموقف ورغبتنا جميعا فى أن تعقد هذه القمة.

وأجرى الرئيس المصري اتصالا هاتفيا أمس بالرئيس السوداني عمر البشير الذي رحب بدعوة الرئيس مبارك لعقد القمة العربية في أقرب وقت ممكن لأهمية الموضوعات المطروحة عليها. وتلقى اتصالا من الرئيس الصومالي عبد القاسم صلاد حسن الذي أكد حرص بلاده على المشاركة في أعمال القمة العربية التي تجري مصر مشاورات بشأن انعقادها، وكان مبارك قد أجرى أول من أمس اتصالا مع كل من الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي والعاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في هذا الشأن.

وفي القاهرة قال الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى انه سيزور تونس بعد غد الجمعة في بداية جولة مغاربية تشمل كذلك المغرب والجزائر، حسب ما ذكرت وكالة أنباء الشرق الاوسط الرسمية. واضاف موسى أنه سيلتقي خلال هذه الزيارة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي. وسيجري الامين العام للجامعة العربية مشاورات في الدول الثلاث حول دعوة الرئيس المصري حسني مبارك لاستضافة القمة في مصر بعد ان قررت تونس السبت تأجيلها إلى أجل غير مسمى.

وقد نقل وزير الخارجية التونسي الحبيب بن يحيى أول من أمس عن الرئيس التونسي تأكيده ان تأجيل القمة العربية «لا يمثل تنازلا من تونس عن رئاستها» و«لا تغيرا في التزامها باستضافتها». وقال موسى ان القمة قد تلتئم في غضون «ثلاثة الى سبعة أسابيع» وشدد على ان القمة يجب ان تعقد برئاسة تونس بصرف النظر عن مكان عقدها.

من جهته قال وزير الخارجية المغربي محمد بن عيسى أمس انه لا يمكن نقل مكان عقد القمة العربية «ما لم تتنازل تونس عن حقها» في عقدها على أرضها. واوضح بن عيسى الذي تتولى بلاده رئاسة مجلس الجامعة العربية انه «ما لم تتنازل تونس عن حقها في عقد القمة فوق أرضها فلا أرى صراحة ان تنقل القمة الى مكان آخر». واضاف ان «الملحق الذي وقعناه سنة 2000 في ما يتعلق بميثاق الجامعة العربية والمتعلق بدورية اجتماعات القمم كل سنة واضح. القمة تعقد في دولة المقر الا في حالة اذا طالبت الدولة التي يأتي دورها لرئاسة القمة ان تعقد هذه القمة في بلادها وهذا ما حدث بالنسبة الى تونس». واضاف ان «مصر لا مانع لديها في ان تعقد القمة في تونس» قبل ان يضيف «نحن مع ما تقرره الاغلبية. والمكان في نظري صراحة غير مهم في هذا الظرف».

وردا على سؤال بشأن ضغوطات خارجية واميركية اثرت على انعقاد القمة قال الوزير لقناة العربية الفضائية امس «صراحة اعتقد ان هذه مجرد مزايدات»، مضيفا «أنا لا اعتقد ان احدا منا شعر بأي تدخل من أي كان ونحن نجتمع في تونس على مدى يومين» للتحضير للقمة. وحول ما اشيع من خلاف بينه وبين الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى قال بن عيسى «حقيقة ما حدث كانت هناك اختلافات اجرائية لا علاقة لها على الاطلاق بالمواضيع التي نناقشها والتي كانت مسجلة على اجندة اجتماعاتنا في تونس»، مشيرا الى ان «عمرو موسى آت للمغرب. وقد تحدثنا مرارا بما ان المغرب يتولى رئاسة مجلس الجامعة ونحن نتشاور من اجل عقد القمة في أقرب الآجال».

وحول الاسباب التي دعت الى تأجيل القمة قال الوزير المغربي «صراحة يصعب على أي كان تحديد اسباب تأجيل القمة بالضبط»، مشيرا الى انه «لم يكن في نظري هناك خلاف. كانت هناك اختلافات في الصيغة احيانا وفي المصطلحات اللغوية لكن في الجوهر لا اعتقد انه كان هناك خلاف جوهري. هناك تعديلات تقدمت بها تونس على نص وثيقة العهد والاخوة في تونس قالوا انهم جاؤوا بما يدعم ويقوي الوثيقة وكان هناك تردد (في الاستجابة) من بعض الاخوة».

وأكد ان «الحديث عن الخلاف غير مجد على الاطلاق ونحن مطالبون بأن نعقد هذه القمة في أقرب الاجال ومطالبون كذلك ان نحشد كل قوانا لجمع الشمل العربي والعمل على مواجهة التحديات». وأكد بن عيسى مجددا اقتراحه عقد اجتماع استثنائي لوزراء الخارجية العرب.