أسماء جديدة في قائمة المرشحين لتمثيل واشنطن في بغداد بعد انتهاء الاحتلال.. وبوش صاحب القرار النهائي في اختيار مدير أكبر سفارة أميركية

TT

توصف بأنها اكبر المهام الدبلوماسية تحديا في العالم، وأكثرها صعوبة. فقبل ثلاثة اشهر من استعادة السيادة في العراق، لا تزال ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش تفكر في السفير الذي سيحل محل بول بريمر باعتباره المندوب الاميركي الاول في عراق ما بعد صدام حسين. ومع وجود ثلاثة الاف موظف على الاقل في السفارة الجديدة فإن السفير الجديد سيدير اكبر السفارات الاميركية وأكثرها تعقيدا. ويتردد ان الرئيس بوش لم يحدد بعد مرشحه لهذا المنصب، غير ان الدبلوماسيين يوافقون على ان من سيتولى هذا المنصب سيحتاج الى علاقات جيدة مع بوش والقادة العسكريين الاميركيين وكبار المسؤولين في وزارتي الخارجية والدفاع الذين اختلفوا حول العراق طوال السنة الماضية. كما ان على السفير الجديد ان يحافظ على الاحتياجات السياسية لبوش في سنة انتخابية يمكن لأي خطأ ان يؤدي الى ضجة سياسية. وقال مسؤول في الادارة الاميركية «اول شيء يجب ان تسأل عنه بخصوص هذا العمل، هو من يريده؟ لا يمكنني تخيل وظيفة مستحيلة مثل هذه، في مكان سيئ. ولكن يمكنك ان تحقق فرقا كبيرا هناك».

ومن بين الاسماء المطروحة داخل اروقة الادارة بول وولفويتز نائب وزير الدفاع والجنرال المتقاعد جورج جلوان وقائد قوات حلف الاطلسي السابق روبرت بلاكويل وهو سفير سابق لدى الهند يشرف على السياسة العراقية في البيت الابيض، بالاضافة الى دبلوماسيين سابقين هما توماس بيكرنغ السفير الاميركي السابق في موسكو وعمان وتل أبيب وعواصم اخرى وكان مساعدا لوزير الخارجية للشؤون السياسية وفرانك وايزنر السفير السابق لدى الهند ومصر والفلبين، وهو عضو الآن في مجلس العلاقات الخارجية. وقد تعقدت عملية الاختيار بسبب الخلافات بين بريمر، المسؤول أمام الرئيس عبر البنتاغون، ووزارة الخارجية، التي سيكون السفير الجديد مسؤولا أمامها اعتبارا من اول يوليو (تموز) المقبل.

وذكر مسؤولون في الادارة ان بريمر، يقاوم نقل السلطات الى السفارة الجديدة على مراحل تنتهي في 30 يونيو (حزيران) المقبل، ولا يريد أي فكرة تتعلق بتقليص سلطاته. وذكر بعض المسؤولين ان وزير الخارجية كولن باول شدد على ضرورة تعاون بريمر عندما كان في بغداد في الشهر الماضي. وقال مسؤول كبير في الادارة، من منطلق الاعجاب، ان بريمر «مهووس بعض الشيء بالسيطرة» ويخشى تقلص وضعه في وقت يحاول فيه التوصل الى اتفاق بين العراقيين حول نوعية الحكومة التي ستتولى السلطة في العراق في 30 يونيو. ويشير بعض المسؤولين الى ان على بوش تعيين شخصية سياسية معروفة في منصب السفير، مثلما فعل الرئيس جون كنيدي في عام 1963 عند بدأت حرب فيتنام في التصاعد وأراد ان يحمي نفسه من النقد من الجمهوريين.

وكان اختيار كنيدي المثير للدهشة هو هنري كابوت لودج الذي هزمه كنيدي في انتخابات مجلس الشيوخ عام 1952 وكان مرشحا لمنصب نائب الرئيس مع مرشح الرئاسة ريتشارد نيكسون في انتخابات عام 1960 .

اذا اختار بوش المضي قدما في هذا الطريق، لم يتضح بعد الشخص الذي سيقع عليه الاختيار. وفي الوقت الراهن لا يفكر كثيرون في الادارة الاميركية في اختيار ديمقراطي يمكن ان تشعر تجاهه بالارتياح في التعامل، او ديمقراطي يرغب في قبول هذه المهمة سوى زيل ميللر، حاكم جورجيا السابق الذي وافق على إعادة انتخاب الرئيس بوش. من ضمن الاسماء الاخرى التي جرى نقاش حولها هاوارد بيكر السفير الاميركي الحالي لدى اليابان، وبوب دول زعيم الاغلبية السابق بمجلس النواب، وفيل غرام ووارين رودمان المعروف بانتقادات ادارة بوش في الكثير من القضايا الأمنية. ويقول زملاء لبريمر انه لا يرغب في ان يكون ضمن قائمة المرشحين وإنه يعتزم العودة الى الولايات المتحدة فور نقل السلطة الى العراقيين. ويرى مراقبون ان الغموض بشأن اختيار سفير لواشنطن في بغداد يعكس الغموض الذي يحيط بصورة الحكومة المستقبلية في العراق. ومن جانبهم يقول مسؤولون اميركيون انهم في انتظار وصول مندوب الامم المتحدة، الاخضر الابراهيمي، الى العراق قريبا لمحاولة ايجاد إجماع وسط القادة العراقيين حول هذه القضية. وكان بريمر قد اعلن الاسبوع الماضي ان قوات الأمن تحت ظل الحكومة العراقية الجديدة ستكون تحت قيادة عسكرية اميركية، وهي خطوة ينظر اليها بواسطة اوروبا والأمم المتحدة كونها انتقاصا من الاستقلال والسيادة. ويقول مسؤولون اميركيون ان العلاقة بين الجنرال ريكاردو سانشيز الذي افادت مصادر البنتاغون بأنه سيرقى ويظل قائدا عسكريا عاما في العراق، ستكون معقدة مع السفير الجديد. ويقول بعض المسؤولين ان حدود السلطات لم تتضح بعد في المناقشات الاخيرة بين وزارتي الخارجية والدفاع. وكان مسؤولون اميركيون قد قالوا في بداية الامر ان البنتاغون يريد الاحتفاظ بالسيطرة ليس فقط على العمليات العسكرية والتدريب وإنما على الاموال التي خصصها الكونغرس لإعادة إعمار العراق (18 مليار دولار). وجرى التوصل الى تسوية يكون السفير مسؤولا بموجبها عن التمويل، فيما سيكون الجيش مسؤولا عن التنفيذ والإشراف على عمليات إعادة الإعمار. ويخشى بعض المسؤولين من ان تؤدي الترتيبات التي جرى الاتفاق بشأنها الى خلافات بيروقراطية حول كيفية إنفاق هذا المبلغ. ويرى مراقبون ان تجربة فيتنام تضمنت ترتيبات يمكن الاستفادة منها في حالة العراق. فالجنرال ماكسويل تيلر، رئيس هيئة الاركان الاميركية المشتركة، عمل سفيرا للرئيس جونسون لدى فيتنام. وقال هولبروك ان الجنرال تيلر عارض بصورة غير رسمية الحشد العسكري في فيتنام، لكنه وافق على المسؤول العسكري، الجنرال ويليام ويستمورلاند. ومن جانبه قال مسؤول عسكري اميركي رفيع ان فكرة الجنرال المتقاعد قد «جاءت وذهبت». وفي غضون ذلك قال متحدث باسم بول وولفويتز انه يشعر بأنه يمكن ان يقدم افضل خدمة للادارة الاميركية من موقعه الحالي.

ووصف دبلوماسيان مقربان من كولن باول وريتشارد ارميتاج وجون نغروبونتي، السفير الاميركي الحالي لدى الامم المتحدة، بأنهما مؤهلان، لكنهما لن يتلقيا موافقة على الارجح بسبب عدم قربهما من الرئيس بوش. ويعمل العديد من مسؤولي سلطات الاحتلال في مكاتب منتشرة في القصر الرئاسي الذي كان يستخدمه الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين لاستقبال الزوار.

وقررت الادارة من جانبها الاحتفاظ بهذه المكاتب، وأشار مسؤولون في إدارة بوش الى ان الجهات المعنية تبحث الآن عن موقع مناسب وأكثر تواضعا للسفارة في احياء اخرى. وقال واحد من المسؤولين ان ثمة حاجة الى التأكيد على إرسال مؤشر على إنهاء الاحتلال لأن الإقامة في قصر الرئاسة، حسبما قال، ليس هو المؤشر الذي تبحث عنه الولايات المتحدة.

* خدمة «نيويورك تايمز»