الفتيات الصم يعتبرن رسائل الجوال وسيلتهن الوحيدة للتواصل ويناشدن «الاتصالات السعودية» تخفيض رسومها

TT

توصلت دراسة سعودية قدمتها الدكتورة خيرية عبد الجواد أستاذة علم السمعيات المساعد في كلية العلوم التطبيقية، إلى أن نسبة الصمم في السعودية تبلغ 13 في المائة، وأن الإعاقة السمعية بعد الزواج من الأقارب تبلغ 37 في المائة في البنين و42 في المائة بين البنات، ويحتاج نحو 21 في المائة من النسب المذكورة إلى «معين سمعي قبل الدخول للمدرسة».

وبمناسبة أسبوع الصم العالمي نظمت الأمانة العامة للتربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم ندوة بعنوان «القاموس الإشاري وتواصل الصم في المجتمع» حضرتها اختصاصيات في حقل التربية الخاصة وذوات الاحتياجات الخاصة من الصم، ممن يعانين من العوق في السمع أو النطق والسمع معاً، كما أقيم على هامش الندوة معرض لمنتوجات الصم.

وتذكر لطيفة الفهيد مترجمة الإشارة في الجمعية السعودية للإعاقة السمعية، أن تخصصها في هذا الحقل يعود لانتشار الإعاقة السمعية في محيطها الاجتماعي بشكل كبير، ولزواجها من رجل أصم، ما استدعى أن تتعلم هي وأبناؤها لغة «القاموس الإشاري» وساعدتها خبرتها الطويلة في الارتباط بنحو 280 من المعاقات سمعيا في مدينة الرياض من أصل 3000 فتاة صماء.

وتثني الفهيد على الفتيات الصم بقولها «عالم الصم من الفتيات مميز، إذ يغلب طابع الهدوء والصبر وقوة الإرادة عليه بجانب أن الفتاة الصماء تعد أما وربة منزل بارعة تفتقد لمن يتفهم لغتها وهي دائماً تحرص على النجاح في حياتها الزوجية وفي تربيتها لأطفالها، وتعد الفتاة الصماء حساسة جدا فمجرد الالتفات للحديث مع شخص طبيعي يعنى انه قد يكون مفضلا عليها».

وفيما يتعلق بسن الزواج وكيف تفكر الفتاة الصماء الشابة تقول الفهيد «تحرص الصماء على التصريح برغبتها في الزواج وإنجاب الأطفال وتتباين الرغبة فيما بينهن عن مواصفات زوج المستقبل فمنهن من تري أنه يفترض أن يكون كما هي أصم ليشعر بمعاناتها، وهناك من ترى أن الزواج بإنسان طبيعي يضيف لحياتها ويساعدها على تخطي العقبات في الأماكن العامة وفي تربية الأطفال وغيرها من الضرورات الحياتية».

وعن معاناة المتزوجة الصماء وكيف تبوح وتتغلب على مشكلاته الزوجية تقول الفهيد «في السابق كانت لغة الإشارة أو اللجوء للمترجمة كأقرب المقربين للصم هي الحل»، وتضيف «إذا كان الزوج الأصم متفهما قد يصل الأمر إلى أن يذهب بزوجته لصديقتها من أجل أن تساهم في حل المشكلة، لكن الآن أصبح لرسائل الهاتف المحمول دور كبير في التخفيف من حدة المشكلات التي يعاني منها المتزوجون الصم، ولذلك تتمني كل الفتيات الصم تخفيض أجور رسائل الهاتف المحمول لأنه وسيلتهن الوحيدة للتواصل».

وعن دور الأسرة في حياة الفتاة الصماء المتزوجة تقول الفهيد «في الغالب توجد فجوة بين الأهل وبين الفتيات الصم لأن الأسرة غير قادرة على الفهم، وقد تتهم الفتاة بالتقصير، لذلك الاعتماد على الذات في إيجاد حلول للمشكلات أو استشارة الصديقات هو الأمثل».

وعن دور الأسرة في احتواء معاناة الفتاة الصماء قبل الزواج قالت الفهيد «مع الاعتراف بأن رعاية الأسر للفتيات الصم رعاية كريمة إلا أن التفاوت كبير، فالأثرياء منهم يوفرون خادمة خاصة تقف حاجزا بين الصماء والاعتماد على ذاتها، والمنتمين للطبقة المتوسطة تتراوح طريقة البعض منهم بين الجهل بوسائل احتواء الأصم أو تجاهله تماما والتمييز بينه وبين إخوته الطبيعيين، والبعض من الأسر يستهين بذكاء الأصم مما يشعره بالإهانة».

ساجدة الشريف، طالبة بالمعهد الشامل تدرس الكومبيوتر وعلومه وتبلغ 24 عاما، وتعاني من عدم وجود من تتحدث معه كونها صماء في عالم طبيعي. أشارت ساجدة إلى أنها تتمني الزواج برجل أصم لاعتقادها بأنه سيتفهمها بشكل أكبر، وأوضحت بأنها سعيدة في حياتها لولا معاناة الإعاقة.

وعن الوعي الحقوقي للصم وكيف تتعرف الفتاة الصماء على حقوقها تقول الفهيد «غالباً الفتاة الصماء تجهل حقوقها وما لها وما عليها وغالبا ما يعّين أوصياء علي ممتلكاتها برغم أنها لا ينقصها إلا المعلومة لإدارة حياتها ولا تطالب الصماء بحقوقها غالبا، وقد يوقع اي أصم وليس الفتيات فقط على أوراق لا يعلمون بمحتواها نتيجة للجهل، لكن توجد منهم فئة لم تعد توقع إلا بعد مراجعة واستشارة المختصين لتفادي الوقوع في فخ الإستغلال».

جميلة القاضي الحاصلة من معهد الإدارة العامة على دبلوم عال في تخصص شؤون الموظفين، والموظفة في جامعة الملك سعود، زوجة وأم لسبعة من الأطفال تعتبرهم طبيعيين وناجحين في حياتهم.

تتحدث جميلة عن تجربتها مع الإعاقة بقولها «أستطيع التحدث بطلاقة وذلك ساعدني في التواصل مع المجتمع وخفف من معاناتي لكن تجربتي مع السماعة الالكترونية هي ما يقلقني، ومن يستخدم هذه السماعة الالكترونية مضطر للسفر لألمانيا أو غيرها من الدول الأوروبية لعدم توفر المتخصص المتمكن في هذا المجال». وتنوه بقولها «نحن بخير وليست إعاقتنا مشكلة بل تغلبنا عليها وحققنا نجاحا على مستوى حياتنا الشخصية ونتمنى أن يبتسم لنا المجتمع ويعترف بإمكاناتنا».

أما عهود . ع، من الصم غير السعوديات، فتعاني من أخواتها وتتحدث عبر المترجمة الإشارية عن معاناتها بقولها «اشعر بأن أخواتي يضطهدوني كصماء لمجرد أنني صماء، وعن تجربة زواجها تفيد عهود أن الزواج لم يستمر أكثر من شهرين ثم طلقها زوجها بسبب تدخل الآخرين في حياتها الزوجية ورفضهم لزواجها من رجل سليم من الإعاقة».

وتؤكد هند الشويعر عضو الجمعية السعودية للإعاقة والتي تدرس تخصص الكيمياء في جامعة جالوديت الأميركية، أن المجتمع يعتقد أن الأصم متخلف عقليا على الرغم من انه لا صحة لهذا الاعتقاد، وأنهم كما غيرهم من ذوي الاحتياجات الخاصة يحاولون التغلب على إعاقتهم وينجحون في ذلك. وتنوه الشويعر على الفرق بين الدول العربية والدول المتقدمة فيما يخص الخدمات المتوفرة للصم بقولها «نفتقر للخدمات مقارنة بأميركا التي يقدم للصم فيها حسومات على تذاكر الطيران وخدمة الهاتف المخصص للصم وأجور المواصلات كما تتوفر للصم وسائل متطورة تساهم في إدماجهم بالمجتمع ومن هنا أتمني تشجيع المجتمعات العربية على الإلمام ولو بحد أدنى بالقاموس الإشاري بجانب الالتفات لتطوير المناهج والحرص علي تعليم الأصم القراءة والكتابة وترقية الجودة الخدمية ضرورة ملحة لتحقيق أي إنجاز».

وفيما يتعلق بتطوير المناهج للصم أكدت مترجمة الإشارة الفهيد على ذلك بقولها «بالطبع نشكر القائمين على الصم في المملكة والجهود المبذولة منهم تعتبر متطورة على مستوى العالم العربي, لكن نناشدهم تطوير المناهج التعليمية وتوفير خدمات تعني بالصم كما في الدول المتقدمة كوسائل التعليم والتركيز على الضمائر وقواعد اللغة العربية وتبسيطها».

وتضيف الفهيد «نحتاج مختصين في التعليم الخاص يتخصصون في التعليم العالي بتدريس المعاقين بشكل متطور ورفع مستوى الأداء للعاملين في معاهد الصم». وتشدد على الوعي الديني بقولها: «ليس لدى الأصم ثقافة دينية ونتعب كثيرا في إيصال المعلومة لذلك نتمنى تأهيل وتوفير متخصصين في مجال التوعية والتثقيف الديني للفتيات والأطفال الصم».

تجدر الإشارة الى أن أحدث المستجدات في عالم الصم هو إمكانية السمع من خلال «زراعة القوقعة الالكترونية» للأذنين ويستفيد منها اغلب المصابين بالعوق السمعي، وينصح بها بمجرد اكتشاف الإعاقة حتى ولو كان الطفل رضيعا وفي شهوره الأولى.