معارك الفلوجة حرب شوارع تقليدية بأسلحة غير متطورة

TT

قتلت القوات الاميركية اكثر من مائة من المتمردين يوم الثلاثاء الماضي في مواجهة في قرية الكرمة الصغيرة القريبة من الفلوجة، طبقا لما ذكره قادة قوات مشاة الاسطول.

واستغرقت المعركة التي كانت مثالا تقليديا لحرب الشوارع 14 ساعة، وهي واحدة من اكثر المعارك عنفا منذ غزو العراق في العام الماضي. ولم تكشف فقط عن شدة المقاومة، ولكن الرغبة الشديدة بين المتمردين للموت.

وقال الكولونيل بي بي ماكوي قائد الكتيبة الرابعة «ينغمس الكثير من هؤلاء في الجهاد. وربما كانوا انتحاريين».

وقاتل مشاة البحرية الاميركية من بيت الى بيت ومن سطح الى سطح ومن باب الى باب. وصدوا هجمات بالمدافع الرشاشة والصواريخ والهجمات المتكررة من المقاتلين الملثمين، طبقا لما ذكره ماكوي. وقد اصيب جنديان ولكن اصابتهما لم تكن خطيرة.

وقد اندلع القتال في الكرمة الواقعة على بعد 6 اميال شمال شرق الفلوجة، خلال مهمة «بحث وتدمير»، للقوات الاميركية. وقال الكوربوريل توم كونروي «لقد اطلقوا علينا كل ما لديهم من اسلحة. هذا عالم في غاية الاختلاف، حيث لم تعد العداوة مجرد نظرات قاسية بل اطلاق نار أيضا».

وتجدر الاشارة الى ان المعارك في الفلوجة وحولها هي نوع من حرب الشوارع لا يعرفه اعضاء مشاة البحرية الا من افلام السينما، وهي صعبة ومكلفة، وكان الجنرالات الاميركيون يستعدون لها عندما غزوا العراق في العام الماضي ولكنها لم تقع بهذا الشكل الا الان.

ولا يبدو الامر ان تلك الهجمات تتلاشى، بالرغم من ان القوات الاميركية اعلنت وقف اطلاق النار للسماح للمفاوضين العراقيين بوقت كاف للتوصل الى اتفاق سلام مع المتمردين، وهو الامر الذي لم يحدث حتى الان، ولا يزال القتال مستمرا.

وذكر قادة مشاة البحرية ان العدو في الفلوجة اكثر تنظيما. ففي يوم الاربعاء الماضي شن 15 مقاتلا هجوما منسقا على مشاة البحرية عبر ركن من اركان المدينة. ولم يتمكن الجنود من صد الهجوم من فوق اسطح البيوت الا بعدما طلبوا امدادات من طائرات هليكوبتر هجومية.

وقد شوهد بعض المتمردين وهم يرتدون ملابس الشرطة العراقية، وهي الملابس التي قدمها الاميركيون. كما استخدم البعض طلقات مضيئة خلال هجمات يوم الاربعاء للمرة الاولى.

وقال ليفتنانت لويس لانغيلا «في الليلة الماضية كانوا حولنا، امامنا وخلفنا، في كل مكان». واضاف لانغيلا الذي يقود كتيبة من القناصة في ضواحي الفلوجة «كانوا يرموننا بكل انواع الطلقات، وكنا نطلق عليهم الكثير».

وخلال الاسبوع الماضي ظلت قوات مشاة البحرية تعزز مختلف مواقعها داخل الفلوجة. وعلى الرغم من ان حرب المدن محدودة ومحصورة، فإن في الفلوجة خطوطا أمامية ايضا وهي اسطح المنازل التي ربض فوقها افراد قوات المارينز، لمراقبة شوارع المدينة المليئة بالنفايات. ومن اهم الاسلحة التي استخدمت في هذه المعركة مطرقات ثقيلة جلبت من مخزن في حديقة. ففي يوم الاربعاء حفر افراد المارينز ثقوبا تكفي فقط لماسورة البندقية في جدران المنازل التي احتلوها، كما حطموا النوافذ بغرض تشتيت قطع الزجاج في الدرج الامامي. وشرح الكابتن شانون جونسون قائلا ان هذا اشبه بنظام الانذار المبكر، ثم مشى بالفعل فوق قطع الزجاج المتناثرة وأحدث صوتا مميزا، وقال معلقا ان هذه من الاشياء التي علمهم اياها من سبقوهم في الخدمة العسكرية. وبالقرب من ذلك الموقع كانت مجموعة من الشباب تعمل على تحطيم الاسيجة غير المرتفعة التي تحيط باسطح المنازل حتى يتمكنوا من الحركة بسهولة من سطح منزل الى آخر. قال الجنرال جيم ماتيس، قائد الفرقة الاولى لمشاة البحرية الاميركية، «هذه حرب مدن كلاسيكية»، وأضاف قائلا ان هذه من الاشياء التي تعلمها الجيش الاميركي من الحرب العالمية الثانية الى جانب تجربته في كوريا وفيتنام والصومال، وقال ان «الناس سيدرسون تجربة الفلوجة على مدى سنوات مقبلة». استخدم العراقيون اسلحة متبقية من الحروب السابقة، وهي تعتبر بدائية مقارنة بالقوة النارية الاميركية. لم تستخدم في المواجهات الاخيرة أي هجمات جوية بالصواريخ الموجهة بسبب اكتظاظ الفلوجة بالسكان، اذ لم يصدر القادة العسكريون أي تعليمات باستخدام الهجمات الجوية. ويقول الكولونيل ماكوي الذي يقود سرية تدخل يوميا في مواجهات مع المتمردين العراقيين ان القوات الاميركية لا تريد ان تحول الفلوجة الى ركام.

وتشق سكون الليل يوميا اصوات قذائف الهاون وإخراج القذائف الفارغة من ماسورات القاذفات وارتطام القذائف بالأرض.

* خدمة «نيويورك تايمز»