تشغيل خط كركوك ـ بانياس يؤمن لبغداد عائدات إضافية بحدود مليوني دولار يوميا

TT

روبن رايت * يرى مسؤولون اميركيون ان سورية وضعت فريق السياسة الخارجية الاميركي الجديد امام امتحان عسير لسماحها باعادة تشغيل خط انابيب رئيسي لنقل النفط العراقي. ويؤدي تشغيل هذا الخط لمبيعات نفطية اضافية تقدر بمليوني دولار يوميا، تعود لبغداد حسب تقديرات المسؤولين الاميركيين والدبلوماسيين وخبراء النفط.

وقد اصبحت هذه العملية التي بدأت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، اكبر مصدر مستقل للدخل لدى بغداد، منذ الآن، لتجاوز العقوبات التي فرضتها الامم المتحدة على العراق بعد غزوه الكويت عام 1990.

وعلى مدى اوسع، يعكس هذا المشروع اجندة سياسية طموحة من قبل كل من سورية والعراق معا. ويقول المسؤولون الاميركيون ان العراق، بتقديمها تخفيضات في اسعار النفط تصل احيانا الى الخمسين في المائة انما يحاول اغراء بعض الدول المجاورة، مثل سورية، على الدخول في «احلاف سرية»، تولد لديها علاقة اعتماد طويلة المدى على العراق.

جدير بالذكر ان شحنات النفط العراقي المهربة ظلت تتدفق براً عبر تركيا والاردن، وعبر الطرق البحرية الايرانية، ولكن المسؤول الاميركي يقول ان هذه العمليات لا تساوي «شروى نقير» بالمقارنة مع الخط السوري. فالعمليات عبر تركيا وايران بطيئة، وشاقة من الناحية اللوجستية، لانها تتم عبر البر والبحر أو كليهما، هذا فضلا عما تستتبعه من تخفيضات في الاسعار ورشاوى ضخمة.

اما الخط السوري الذي يربط خطوط النفط العراقية في شمال العراق بميناء بانياس السوري على البحر الابيض المتوسط، ويبلغ طوله 552 ميلا، فهو مجز تماما من حيث التكلفة، مما يسمح للعراق بالحصول على ارباح اعلى، حسب تقديرات الخبراء. ويبدو ان خطط حكومة بغداد نجحت في استمالة دولتين كانتا من أهم المشاركين في عملية «عاصفة الصحراء» قبل عقد من الزمان، هما سورية وتركيا.

ويقول جيمس بلاكه، الدبلوماسي الاميركي السابق في العراق، «هذه عناصر مهمة في خطة الرئيس صدام حسين لاضعاف عقوبات الامم المتحدة، وافشالها في النهاية، وخاصة سيطرة الامم المتحدة على النفط العراقي. ويريد صدام ان يضع يده على هذه الاموال ليبرهن ان اشراف الامم المتحدة لا يعتمد عليه ولا يستحق الجهد الذي يبذل من أجله.

وينقل الانبوب السوري حوالي 150 ألف برميل من النفط حاليا، ولكن طاقته القصوى تصل الى 200 ألف برميل يوميا.

ولكن ثمة شكوكاً حول مقدرة الخط للعمل بطاقته الكاملة خاصة انه دمر عام 1991 أثناء حرب الخليج. ويقول مسؤولون اميركيون ان سورية تستهلك النفط العراقي محليا وتصدر كميات اكبر من نفطها الخاص.

ويقول بعض المسؤولين الاميركيين ان دمشق تريد ان توجه رسالة الى المجتمع الدولي عموما، والى الولايات المتحدة على وجه الخصوص، فحواها ان سورية يجب ألا ينتظر منها الالتزام بقرارات الامم المتحدة حول العقوبات على العراق، اذا كان المجتمع الدولي لا يفعل شيئا ازاء تنفيذ قرارات سابقة للامم المتحدة تدعو لانسحاب اسرائيل من مرتفعات الجولان التي احتلتها عام 1967.

وقد لوحظت عملية النقل عبر سورية، لأول مرة، عندما لوحظ ارتفاع غير عادي في الصادرات السورية. وعندما استفسرت الولايات المتحدة والامم المتحدة، قالت دمشق انها تجهز الخط للتصدير «في الوقت المناسب».

وكانت بغداد ودمشق قد وقعتا مذكرة تفاهم عام 1998، تنص على اعادة افتتاح الخط الذي اغلق عام 1982، نتيجة خلافات سياسية بين البلدين. وبعد افتتاح الخط طلبت ادارة كلينتون من دمشق الحصول على اذن من الامم المتحدة قبل استخدامه، شريطة تسليم عائداته لبرنامج «النفط من أجل الغذاء»، التابع للامم المتحدة حسب زعم المسؤولين الاميركيين.

وخلال العامين الماضيين، ظلت الولايات المتحدة تراقب جهود العراق الحثيثة لاعادة بناء مصانع عدة ذات استخدامات مزدوجة، تجمع بين الانتاج التجاري وتصنيع الاسلحة الكيماوية والبيولوجية. وفي تقرير صدر في العاشر من يناير (كانون الثاني) الحالي اعلن البنتاغون أن التسهيلات الاساسية اكتمل بناؤها، ولكنه لا يملك ادلة ملموسة على ان المصانع الواقعة غرب بغداد بدأت فعلا في انتاج اكثر الاسلحة فتكا في العالم. وقد اعلنت ادارة الرئيس الاميركي الجديد جورج بوش انها ستجبر العراق على الوفاء بالتزاماتها الدولية، وانها ستبقي على العقوبات حتى تفعل ذلك. وقد قال ريتشارد باوتشر الناطق الرسمي باسم الخارجية الاميركية، الاثنين الماضي: «الواضح من شهادة كولن باول (وزير الخارجية) في خطابه امام مجلس الشيوخ، ومن التصريحات التي ادلى بها الرئيس بوش، ان هذه القضية ستحظى بأقصى درجات الاهتمام، وان العراق سيجبر على الوفاء بالتزاماته الدولية، واننا سنعمل مع حلفائنا لتفعيل العقوبات».

*خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»