هبوط في شعبية باراك وشارون وازدياد نسبة الغاضبين الإسرائيليين المترددين

TT

مع اقتراب موعد انتخابات رئيس الحكومة الاسرائيلية في 6 فبراير (شباط) المقبل وارتفاع حرارة التنافس وانخفاض مستواه الى درجة التجريح، بين المرشحين ايهود باراك رئيس الوزراء المستقيل وارييل شارون زعيم اليمين، زادت نسبة الناخبين الاسرائيليين المترددين والمتخبطين وانخفضت شعبية كلا المرشحين في استطلاعات الرأي التي نشرت امس.

ودلت نتائج استطلاع صحيفة «يديعوت احرونوت» على انه لو جرت الانتخابات الآن، لجاءت النتيجة 46%: 30% (50%: 31% في نهاية الاسبوع الماضي)، بينما في «معاريف» بقيت النتيجة كما هي (51%: 31%). وانخفضت شعبية شيمعون بيريس ايضا (47% لشارون و43% لبيريس).

ويرى المراقبون ان هذه النتائج تدل على بدء نجاح باراك في تقليص الهوة بينه وبين شارون، مع التشكيك في قدرته على سد الهوة تماما خلال الاسبوعين المتبقيين من المعركة الانتخابية.

ويستمد باراك التشجيع من هذه النتائج، خصوصا انها ترافقت مع بروز تفوقه على شارون في الانتخابات التي تجري في عدد من المدارس والجامعات، في اطار الحملات الدعائية. ففي الانتخابات العشوائية التي جرت في جامعة تل ابيب، فاز باراك على شارون (55%: 25%)، وفي مدرسة ثانوية في هرتسليا فاز باراك بنسبة (44%: 33%). وفي مدرسة ثانوية اخرى في بيتح تكفا فاز شارون بفارق حوالي 0.5% فقط (50.3%: 49.7%) علما بان طلاب الثانوية، عموما، ليسوا اصحاب حق اقتراع. لكنهم يعكسون الاجواء في الشارع.

وخلص مستشارو باراك الى الاستنتاج بان دعايتهم ضد شارون بدأت تؤتي ثمارها، اذ انها تركز بشكل قوي على دوره في حرب لبنان وخداعه الحكومة والجمهور وتبرز تصريحاته القديمة والجديدة حول هذه الحرب التي يصفها بانها «اكثر الحروب شرعية». ويبث طاقم باراك هذا التصريح على خلفية صور الحرب وقد طبع عليها عدد قتلى الحرب (1000 شاب) بلون الدم. كما يبرز مستشار باراك تصريحات شارون وحلفائه من اليمين المتطرف حول المه لانه لا يستطيع اعادة احتلال نابلس واريحا وتصريحات ايفيت ليبرمن (حزب «اسرائيل بيتنا») بان حكومة شارون سترد على اطلاق الرصاص باتجاه حي غيلو الاستيطاني في القدس الشرقية المحتلة، باعادة احتلال بيت جالا الفلسطينية وتهديداته بالصواريخ الاسرائيلية القادرة على الوصول الى طهران والى سد اسوان في مصر والرد على عمليات حزب الله بقصف بيروت.. وغيرها.

وبدأت هذه الدعاية تثير قلق طاقم شارون، فطلبوا منه ان يسكت ويكف عن اطلاق التصريحات اليمينية، وكذلك طلبوا من حلفائه في اليمين.

في المقابل، يشجع مستشارو باراك تصريحاته المتواصلة عن الفرق بين البرنامجين «سلام وحرب»، ويدفعون به للظهور امام كل من يطلب. ويقولون ان باراك هو افضل من يقوم بالدعاية لنفسه. وفي الوقت ذاته يبرزون في دعايتهم الانتخابية عددا كبيرا من المواطنين، من مختلف الطوائف والمناطق، الذين يؤكدون انهم يخافون من حكم شارون ويرون فيه حربا مؤكدة.

وتلقى شارون ضربة اعلامية شديدة، اول من امس، حين واجهته فتاة يهودية بالاتهام: «ابي وانا نعاني من جراء سياستك الحربية».

وكان ذلك عندما ظهر شارون امام طلبة مدرسة ثانوية في النقب. فوقفت ايلاييل كوماي، وهي ابنة رجل اصيب بصدمة نفسية خلال حرب لبنان (معركة «سلطان يعقوب» سنة 1982، عندما ارسل قوة اسرائيلية احتلالية لمهمة عسكرية، فاصطدمت بكمين للجيش السوري). وبسبب ازمته هذه، كما يقول، دمرت حياته.

من هنا، قالت التلميذة لشارون، امام المئات من زملائها ومعلميها، وهي ترتعد والدموع تنهمر من عينيها: «انت ادخلت والدي الى لبنان، فخرج مصابا بصدمة نفسية حربية. انني احملك الذنب بالتسبب لي وله معاناة متواصلة خلال 16 عاما، (الفترة منذ اكتشاف الصدمة سنة 1986 وحتى اليوم). انني احملك الذنب لما سببته لي وللكثير الكثير من الناس في هذه الدولة من المعاناة. ولهذا، اعتقد انك لا تصلح لمنصب رئيس الحكومة».

في بداية كلامها ساد صمت مريب في القاعة. ولكن ما فتئ ان راح التلاميذ يصفقون لها. وارتسم ذهول على وجنتي شارون. وبعد هنيهة صمت، اجابها قائلا: «انني آسف على ما اصابك واصاب والدك. لكنني اقترح ان توجهي الاتهام الى العنوان الصحيح».. فقاطعته صارخة: «الصحيح هو انني ووالدي نعاني، لا شيء آخر صحيح في القضية». فأجابها بصوت عال يفضح الغضب المتفجر بداخله: «سمعت ما قلته، انا آسف على معاناتك. ولكن لا بد من ذكر الوقائع كما هي. فأولا نحن موجودون في لبنان منذ عام 1975، قبل 25 سنة، عندما كان رئيس الحكومة، اسحق رابين، ووزير الدفاع، شيمعون بيريس وثانيا انا اقترحت على الحكومة في اكتوبر (تشرين الاول) 1982 ان ننسحب من لبنان ولكن باراك ورابين وبيريس لم يوافقوا على ذلك (إقحام اسم باراك هنا لم يكن بريئا. اذ ان وظيفته آنذاك كانت رئيس قيم التخطيط الحربي. ولم يكن صاحب قرار في الموضوع). فلماذا لم يقم باراك بسحب الجيش من قبل. يجب ان تقال الحقيقة كاملة، وليس الاكاذيب واقوال التحريف التي ذكرتها».