عناصر من دائرة ضريبة الدخل يقتحمون مسجدا بفيلادلفيا وشرطة المدينة تعتقل إمامه محمد غراب وتستجوب زوجته المغربية

TT

قامت عناصر من دائرة ضريبة الدخل الأميركية، معززة بأكثر من 100 شرطي وعناصر من مكتب المباحث الفيدرالي «إف.بي.آي» ترافقهم كلاب بوليسية، بغارة تفتيش ضرائبية مفاجئة صباح أمس على مسجد «أنصار الله» بمدينة فيلادلفيا، في ولاية بنسلفانيا الأميركية، بحثا عن هدف لم يعلنه بيان صدر بعدها عن شرطة المدينة التي اعتقلت إمام المسجد، الشيخ محمد غراب، بشبهة لم تتضح تفاصيلها حتى الآن.

والشيخ غراب، مصري عمره 45 سنة ويقيم في الولايات المتحدة منذ 4 أعوام، ومتزوج من المغربية مريم المؤمن، 33 سنة، أو المرأة التي كانت عائدة معه مشيا إلى البيت من مدرسة أوصلا ابنتهما إليها حين فاجأتهما ملالات للشرطة كبيرة، وفيها كلاب مدربة، فترجل منها عشرات المسلحين بهراوات ومسدسات وأسرعوا وأحاطوا بالإمام وزوجته، صارخين بهما أن يرفعا أيديهما استسلاما، ثم قاموا بإبعادها عن زوجها وسط حالة من الهلع دبت في الزوجين، وبعد قليل اقتادوا الإمام إلى إحدى العربات ومضوا به مكبلا بالأصفاد، فيما بقي آخرون من الشرطة ينهالون بالأسئلة على زوجته في الشارع والكلاب تحيط بها وترهبها أمام عشرات كانوا يمرون بالمنطقة غير البعيدة عن المسجد، حيث يؤم الشيخ غراب الصلاة منذ عامين.

دقائق مرت وتوجه عناصر من مكتب المباحث الفيدرالي، ومعهم آخرون من دائرتي الهجرة وضريبة الدخل إلى مسجد «أنصار الله» التابع لجمعية إسلامية تحمل الاسم نفسه بفيلادلفيا، واقتحموه بعد أن حاصر المنطقة اكثر من 100 عنصر متنوعي المهام، ثم مضوا واقتحموا بيت الإمام نفسه، بل وبيت نائبه القريب منه بعض الشيء.

ولم تكن المرة الأولى التي يتم فيها اعتقال الإمام محمد غراب، فقد تم احتجازه منذ عامين لانتهاء تأشيرته، وكان مهددا بالطرد لبقائه مدة تزيد على صلاحيتها، وهي 6 أشهر، لكنهم أطلقوا سراحه بكفالة قيمتها 50 ألف دولار «وربما يكون امتلاكه لقيمة الكفالة ودفعه للمبلغ بسرعة هو ما أثار استغراب دائرة ضريبة الدخل، فسعت لمعرفة أصول المبلغ. مع أنني أعتقد أنه حصل عليه كتبرعات جمعها بسرعة أعضاء الجمعية والمؤمون عادة المسجد للصلاة ليساعدوه بالخروج من الاحتجاز«وفق ما بثه محامي الإمام غراب، وهو الباكستاني أنصار أحمد، في بيان ذكرت تفاصيله محطة تلفزيون محلية بفيلادلفيا، وربطت بين اعتقال الإمام وتحذير أطلقته أجهزة أميركية أمنية قبل يومين من إمكانية تعرض الولايات المتحدة لأعمال إرهابية قد يكون 7 منتمين إلى تنظيم «القاعدة» يخططون لها ويعدون لتنفيذها بأنفسهم على الطريقة الأصولية بعد أن تسللوا إلى الولايات المتحدة متنكرين بأسماء وهويات مزورة.

لكن أحد أصدقاء الامام غراب، طلب عدم ذكر اسمه، روى بعد أن اتصلت به «الشرق الأوسط» عبر الهاتف أمس أن الامام غادر مصر إلى الولايات المتحدة في عام 2000 بعد أن دعاه إليها أمام «مسجد الأقصى» في المدينة، وهو الشيخ شكري خورشيد «وهي عادة يقوم بها أي مسجد يدعو إماما من الخارج كل عام، خصوصا في رمضان، تلبية لرغبة الجالية المسلمة بالمدينة. لكنه لم يرغب بالعودة إلى مصر عندما انتهت مدة تأشيرته، بل قرر البقاء في فيلادلفيا حيث عمل بعض الوقت في «مسجد الأقصى» ثم أصبح إماما لمسجد «جمعية أنصار الله الاسلامية بفيلادلفيا» ومن بعدها راح يبدي بعض التطرف في المواقف، كاقامته منذ عامين ندوة معارضة للحملة الأميركية على أفغانستان بعد تفجيرات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001 بواشنطن ونيويورك، ثم جمعه تبرعات لصالح الأفغان بطريقة تعدت عمل أي إمام في أي مسجد، إلى درجة أنه في إحدى المرات أقفل أبواب المسجد في وجوه المصلين ومنعهم من الدخول للصلاة فيه ما لم يجمعوا 20 ألف دولار كتبرعات» كما قال.

ولم تتمكن «الشرق الأوسط» من العثور أمس على زوجته مريم المؤمن، الحاصلة على الجنسية الأميركية، فيما لم يرد أحد من «جمعية أنصار الله» على اتصالات عدة أجرتها «الشرق الأوسط» على هاتف مقرها. لكن صديق الإمام، وهو ناشط في الجمعية أيضا، ذكر أن عناصر مكتب المباحث الفيدرالي صادروا كومبيوتراً من المسجد وآخر من بيت الإمام وملفات وأوراقاً ووثائق وصوراً ونسخاً عن تحويلات مالية. ثم قال: «لا أدري إذا كان لاعتقــــاله علاقــة باعتقال أبو حمزة المصري في لندن، أو بالمخاوف الأميركية الأخيرة من عملية ارهابية مرتقبة قد تتعرض لها الولايات المتحدة، لأن ذلك قد يكون كله مجرد صدفة».