هجوم الخبر: هندي نجا بفضل مكالمة هاتفية وعراقي سأله المعتدون: هل أنت مسلم.. اعطنا الدليل؟

TT

الخبر (السعودية) ـ ا.ب: كان المسلحون يتجولون من منزل إلى آخر وهم يطلعون على الأوراق ويدققون في الزخارف واللوحات المنزلية بحثا عن ضحاياهم. كانوا يوجهون لمن يجدونه أمامهم الأسئلة التفصيلية بحثاً عن غربيين يفتكون بهم.

وقد تحدث ناجون من الهجوم الذي استهدف سكان منازل وموظفي مكاتب ونزلاء فندق بمجمع الواحة في مدينة الخبر السعودية، عن بحث متأن ومنهجي عن الأجانب، أعقبته أحداث عنف لا تُصدق. وقد قتل في تلك العملية الارهابية 22 شخصا. وحكى نزيل بفندق الواحة كيف نجا بفضل مكالمة هاتفية قرر اثرها الاختباء تحت سريره ورفض الاستجابة لطرق باب المعتدين. وتذكر آخرون الأسئلة المرعبة التي وجهت إليهم مثل: «هل أنت مسلم؟ اعطنا دليلا على ذلك».

بدأت محنة المهندس الاميركي العراقي الاصل، ابو هاشم، 45 سنة، عندما سمع صوت الرصاص وهو يهم بمغادرة مجمع الواحة ذلك الصباح باتجاه مكان عمله. عندها أسرع راجعا إلى منزله وأخذ زوجته وأولاده إلى جار لهم. وذهب بعد ذلك ليبحث عن حارس، فإذا به يلتقي بأربعة رجال سعوديين ذوي لحى خفيفة تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاما. ويقول ابو هاشم الذي فضل عدم كشف اسمه بالكامل: «سألتهم: هل أنتم حراس؟ قالوا نعم. ثم قالوا: هل أنت مسلم؟ فقلت لهم نعم أنا مسلم. قالوا: اعطنا دليلا على ذلك». هنا عرف أبو هاشم أنهم ليسوا حراسا، وأطلعهم على أوراق إقامته والتي تشير بوضوح إلى أنه مسلم. ويضيف: «قالوا أنت أميركي. فقلت لهم، أنا مسلم أميركي». واضاف انهم قدموا له موعظة حول ضرورة الالتزام بالاسلام.

وقال ابو هاشم انه بينما كان يتجول معهم شاهد جثة طباخ غربي ذبح للتو تبين لاحقاً انه ايطالي. عاد أبو هاشم إلى منزله كما أمر بذلك، وظل يستمع إلى طلقات الرصاص حتى تمكنت قوات الأمن من إجلائه وأسرته مساء السبت. وقال إن معاملة المسلحين مع الغربيين كانت قاسية جدا، مشيراً الى ان لهم «منهجاً في التعامل مع المسلمين وآخر مختلفاً جدا مع غير المسلمين. وهذا ما لا يقره الإسلام».

وقال شاهد عيان آخر من سكان مجمع الواحة، هو عبد السلام الحكواتي، 38 سنة، وهو لبناني يعمل في مجال المعاملات النقدية باحدى الشركات، إنه وزوجته وابنه البالغ من العمر عامين، اختبأوا في الطابق الأعلى عندما سمعوا طلقات الرصاص صباح السبت. وقال إنه سمع بعض المسلحين يحومون داخل شقته قبل أن يقول أحدهم: «هذا منزل مسلمين»، وذلك بعد أن رأوا إطارات معلقة عليها آيات قرآنية. وقال الحكواتي إن شابا في حدود العشرين من العمر، كان يحمل بندقية وحزاما للذخيرة صعد الى الطابق الأعلى، وعندما رآه حياه باللغة العربية. وسأل الشاب ما إذا كان الحكواتي عربيا ومسلما. وعندما أجابه الحكواتي بالايجاب، قال له الشاب: «نحن نطارد الغربيين والأميركيين لإلحاق الاذى بهم. هل يمكنك ان تدلنا أين نجدهم؟»، فقال لهم الحكواتي إنه جديد في المنطقة، وعندها غادر الشاب.

ويقول باسكار بنكاتراماني، 44 عاما، وهو هندي ومدير مشروع كومبيوتري، كان في زيارة عمل إلى السعودية، إن محادثة هاتفية عادية مع مكتب الاستقبال في فندق الواحة هي التي أنقذت حياته. فقد أبلغه موظف الاستقبال أن هناك «وضعاً أمنياً حرجاً، وعليك البقاء داخل غرفتك. استخدم القفل المزدوج على الباب ودع المفتاح داخل الثقب، ولا تفتح الباب لأي شخص». وبعد لحظات فقط سمع طلقات الرصاص والصراخ والانفجارات العالية. وقال بنكاتراماني، صباح الأحد بعد أن عاد إلى منزله بدبي: «سمعت طرقا على الباب. وعندما نظرت من خلال الثقب رأيت أحد موظفي الفندق وقد وجه إلى رأسه مسدسين من اتجاهين مختلفين». وقال إنه اختبأ تحت سريره والرعب يزلزله ولكنه لم ينبس ببنت شفة. واضاف: «كنت أستمع إلى صليل القنابل، وهي ترن على البلاط قبل أن تنفجر». وقال إنه استخدم هاتفه الجوال للاتصال بأحد زملائه الذين كانوا مع قوات الأمن خارج الفندق. وتابع: «كنت أشعر بقلق شديد. واستشرت زميلي فيما إذا كان ممكنا أن أقفز من النافذة. ربما تُكسر رجلي ولكني ربما أحتفظ بحياتي بعد ذلك». لكن زميله أبلغه أن يبقى داخل غرفته بدون حراك. وبعدها أغلق على نفسه داخل الحمام وتغطى بالفوط والأفرشة واستند على الباب خوفا من الانفجار. وفي صباح يوم الأحد اقتحم رجال الغرفة وطرقوا باب الحمام وهم يعرفون انفسهم باعتبارهم من الشرطة السعودية. وقد أخذ في حراسة مسلحة إلى الطابق الخامس، حيث كان نزلاء آخرون ينتظرون إجلاءهم داخل الفندق الذي كان مسرحا للمذبحة: الزجاج محطم، والأبواب محطمة والدماء متناثرة على الأرضية والجدران.

اما دايان ريد، الاميركية التي تقيم في مجمع الواحة، فقد اصيبت بجروح في ساقها في الهجوم. وكانت حتى امس تتلقى العلاج في مستشفى الخبر. وقالت، من سريرها بالمستشفى، انها كانت في فيلتها يوم بدء الهجوم. واضافت: «حدث الأمر بسرعة كبيرة. سمعت بعض الطلقات». وقبل ان تواصل راويةً ما حدث، اقترب مدير المستشفى وحراس امن وأمروا الصحافيين بالمغادرة.