مقربون من شارون واثقون من إمكانية تمرير الخطة يوم الأحد المقبل حتى لو اضطر لإقالة وزيرين

TT

شهد الكنيست الاسرائيلي امس، جولة اخرى من جولات الصراع داخل معسكر اليمين الحاكم حول خطة الانفصال عن الفلسطينيين. وفي حين عاد المقربون من صاحب الخطة، رئيس الوزراء ارييل شارون، ليأكدوا انه سينجح في تمريرها في جلسة الحكومة، يوم الاحد المقبل راح نواب اليمين المتطرف يديرون حرب اعصاب ضده، ويتهمونه بالخرف. بينما تواصلت الجهود داخل الليكود وخارجه للتوصل الى حل وسط بين شارون ووزير ماليته، بنيامين نتنياهو، يقضي باقرار الخطة مبدئيا في الحكومة وتأجيل البحث في تطبيق المرحلة الاولى منها الى موعد لاحق.

وكان شارون قد حضر جلسة لجنة الخارجية والامن في الكنيست. وخلال ثلاث ساعات ونصف الساعة، حاول اقناع النواب والمعارضين من حزبه، ورد على اسئلتهم الكثيرة. ومع ان الجلسة كانت سرية، تسرب معظم النقاش فيها. وتبين ان شارون يحسب حسابا، بالاساس، الى الادارة الاميركية التي ابلغته بانها تصر على ان يقوم بتمرير الخطة كاملة، كما قدمها للادارة الاميركية خلال لقائه مع الرئيس جورج بوش قبل حوالي 3 اشهر، اي الانسحاب الكامل من قطاع غزة وازالة جميع مستوطناتها اليهودية، والانسحاب الكامل من شمال الضفة الغربية. كما اضافوا اليها طلبا جديدا هو التنسيق مع السلطة الفلسطينية حول تطبيقها.

وقال شارون انه مصر على تمرير الخطة يوم الاحد المقبل، بحيث بدأ مسيرة تستمر حتى نهاية 2005، وبانتهائها، لا يبقى اي يهودي في قطاع غزة او في شمال الضفة الغربية. واكد انه ليس مستعداً، بأي شكل من الاشكال، ان يخاطر بالعلاقات مع الولايات المتحدة «فهذه العلاقات هي الكنز الذي تحمله اسرائيل. والتنازل عنها او المساس بها يكون بمثابة مغامرة جنونية، لا ارضاها ولا اسمح بها».

واوضح المقربون منه ان الطريقة التي سيستخدمها شارون لتمرير الخطة هي واحدة من اثنتين:

الاولى: ان يقيل وزيرين من اتحاد احزاب اليمين المتطرف، هما افيغدور ليبرمن، وزير المواصلات، وبيني الون، وزير السياحة. فعندها ينخفض عدد الوزراء الى 22، فتصبح لشارون اكثرية مؤيدة لخطته (12: 10).

الثانية: ان يتوصل الى حل وسط مع نتنياهو، يتاح بموجبه توفير اكثرية في الحكومة من دون الحاجة لاقالة اي وزير في هذه المرحلة.

ومع ان شارون قال انه لن يوافق على اي حل وسط. وانه يريد تمرير خطته كما هي، الا ان بعض المقربين منه اشاروا الى مرونة جديدة في موقفه، وانه يميل الى قبول الاقتراح الذي تقدمت به وزيرة الاستيعاب، تسيبي لفنة، ويقضي بان تقر الحكومة في جلستها القريبة خطة شارون كما هي، لكن ان تؤجل البحث في التطبيق، الى موعد آخر، بعد اسابيع. وان يكون التطبيق على اربع مراحل، كل مرحلة فيها تبحث على حدة. وفي كل مرة، يفتح الملف كاملا، بما في ذلك اسماء المستوطنات التي سيتم اخلاؤها وشروط هذا الاخلاء ومدى التنسيق حوله مع الاطراف العربية (يقصدون مصر والاردن، بصفتهما قناتي الاتصال بين شارون والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات). وفي هذه الحالة، يتم تأجيل الازمة، اذ ان الادارة الاميركية تكون راضية واحزاب اليمين المتطرف تبقى في الحكومة، والليكود يظل في هذه المرحلة موحدا، فتستغل الاطراف هذه الفترة لاعادة حساباتها بهدوء، بعيدا عن الضغوط المكثفة، التي مورست في الاسابيع الاخيرة من عدة اطراف على كل الاطراف.

لكن قوى اليمين المتطرف لم تبد ارتياحا لهذه الاجواء وراحت تشن حملة هجوم شخصي كاسحة على شارون، تتهمه فيها بخيانة الطريق وبقيادة «معركة حزب العمل المعارض» و«استبدال سياسة اليمين بسياسة شيمعون بيريس، و«الدوس على الخطوط العريضة لحكومة اليمين بالخطوط العريضة لحكومة ايهود باراك السابقة» والدوس على آراء غالبية اعضاء الليكود في استفتاء الثاني من مايو (ايار) الماضي وفرض رأيه فرضا عليهم.

وبزهم جميعا عضو الكنيست شاؤول يلهوم، من حزب المستوطنين (المفدال)، الذي قال ان شارون سقط على رأسه واصيب بزعزعة دماغ او بنوبة خطيرة من الخرف. فهو يدوس على القيم والمبادئ التي حملها عبر حياته كلها في المعسكر القومي لمصلحة مبادئ فاشلة لحزب العمل.

من جهة ثانية، اعلن بيريس انه بات قلقا على خطة الفصل. وانه يشعر بان شارون قرر الرضوخ الى قلة من معارضيه في الليكود. وانه يتراجع عن خطته شيئا فشيئا. وان ما يمنعه من الكشف عن هذا التراجع علنا هو الخوف من الموقف الاميركي. وقال بيريس: ان هذا التراجع بدأ منذ وافق شارون على تقسيم خطته الى 4مراحل ـ «فهذا التقسيم يعني تأجيل تطبيق الخطة من سنة الى 3 سنين على الاقل. ففي كل مرة ستجلس الحكومة للبحث في تطبيق احدى المراحل، سيهب اليمين المتطرف معارضا من جديد. والجولة التي نرى تطبيقها الآن، وبالامكان حسمها مرة واحدة، ستتكرر 4 مرات. وكل مرة سيتم مطها من جديد بلا حدود».

واكد بيريس ان حزبه ابلغ شارون انه يتجند بالكامل الى جانب هذه الخطة، وسيصوت الى جانبها عندما تطرح في الكنيست. وانه يعتقد ان هناك اكثر من 61 عضو كنيست يؤيدونها. ولا يوجد مكان لخوف شارون من عدم تحريرها هناك.

يذكر ان الادارة الاميركية ابلغت اسرائيل مجددا، اول من امس، انها لا توافق على صيغة اخرى لخطة الفصل. وحسب مصادر مقربة من شارون، فان كوندوليزا رايس، مستشارة الرئيس الامـيركي للامــن القومي ابلغت مدير مكتب شارون، دوف فايسغلاس، خلال لقائها به في البيت الابيض، ان الرئيس بوش يتوقع من اسرائيل ان تدرك مصلحتها، فالرئيس وافق على خطة، وقدم مقابلها ضمانات بعيدة المدى. وهو لا يتصور ان اسرائيل يمكن ان ترد عليه برفض الخطة او تقزيمها. من جهة ثانية، اشارت مصادر مصرية في اسرائيل امس، الى ان خطة وقف اطلاق النار التي يسعى وزير المخابرات المصري عمر سليمان لانجازها بين الفصائل الفلسطينية لم تنجز بعد. وانه يحتاج الى المزيد من الوقت حتى يتم قبولها من جميع الاطراف.

ويتضح ان هناك جهودا لتوسيع رقعة المشاركة العربية في التسويات. وان الاردن سيقوم بدور في الضفة الغربية، مماثل للدور المصري في قطاع غزة: تدريب القوات الفلسطينية على فرض النظام والامن.