تشيني: إدارة بوش تتابع الوضع في العراق ولن تسمح له بامتلاك أسلحة الدمار

TT

وجين بيرليز * قال ريتشارد تشيني نائب الرئيس الاميركي ان ادارة الرئيس جورج بوش تتابع الوضع في العراق وتراقب نشاطاته، خصوصا في ما يتعلق بمحاولاته اعادة بناء اسلحة الدمار الشامل، وهذا ما ستفعل الادارة على منع حصوله والحيلولة دون تحقيقه.

واضاف في مقابلة امس مع محطة «فوكس» التلفزيونية الاميركية ردا على سؤال عن الطريقة او الاسلوب الذي ستتعامل به ادارة الرئيس بوش مع الرئيس العراقي صدام حسين ونظامه، وما اذا كان الاسلوب سيختلف عن السابق، قائلا: «انه لم يمض علينا (في السلطة) إلا اسبوع واحد». واشار الى الإعداد والتحضير الذي يقوم به المسؤولون المعنيون للاجتماع الاول الذي يعقده مجلس الامن القومي في البيت الابيض، والذي يضم بالاضافة الى الرئيس ونائبه وزير الخارجية ووزير الدفاع ومستشارة الرئيس للامن القومي ومدير الاستخبارات المركزية وغيرهم من اركان الادارة يبحثون فيها مختلف القضايا في العالم وخصوصا تلك التي لها علاقة بالامن القومي الاميركي.

وبالنسبة للعقوبات على العراق قال: ان هدفها هو منع العراق من اعادة بناء ترسانة اسلحة الدمار الشامل. واضاف قائلا: انه يتفق مع وزير الخارجية كولن باول في التفريق بين العقوبات الدولية، والعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على العديد من الدول، وان الثانية يوافق كول في قوله انها تضر بالولايات المتحدة.

وفي هذا الصدد تشير عدة تقارير الى ان وزير الخارجية الاميركي كولن باول يستهل ايامه الاولى في منصبه مواجها نفس المشكلة التي تركها وراءه قبل ثماني سنوات والمتمثلة في صدام حسين، اذ يحاول العراق ارغام ادارة بوش على التراجع عما اعلنته من تصريحات خلال حملته الانتخابية من تشديد قبضتها على الرئيس العراقي، الى حد القبول بالتعامل معه. في المقابل، يطرح الجنرال باول افكارا اكثر واقعية من تقليص الاهداف الاميركية والاقرار بان الابقاء على التطبيق الكامل للعقوبات واعادة فرق مفتشي الولايات المتحدة الى العراق من قبيل القضايا الخاسرة. وتتركز الاستراتيجية الجديدة التي يحاول باول تحديدها على تطبيق عقوبات اقل بدل السعي وراء اطاحة عسكرية لنظام بغداد، لا سيما ان هناك موقفا سابقا للجنرال يوازي موقفه الحالي. فخلال الاشهر التي افضت الى اندلاع العمليات العسكرية في الخليج عام 1991، كان باول اكثر المتحمسين بين فريق الامن القومي للابقاء على العقوبات كمصدر ضغط رئيسي ضد صدام، واكثر المترددين في شن حرب لطرد القوات العراقية من الكويت.

وترى عدة دوائر انه ليس من خيار امام الادارة الجديدة غير مراجعة السياسة الاميركية تجاه العراق، التي بقيت على حالها طيلة العامين الماضيين لادارة بيل كلينتون، منذ طرد صدام فريق مفتشي الامم المتحدة عام .1998 وحتى بريطانيا، الحليف الاقرب لواشنطن بشأن العراق، تجري الآن مراجعة لسياساتها ازاء بغداد. ويعود ذلك في جانب منه، الى قلق المسؤولين البريطانيين المتنامي من اعباء الغارات الجوية المشتركة مع الولايات المتحدة لفرض حظر الطيران في جنوب العراق. كما يلاحظ البريطانيون تشتت الموقف ازاء العراق داخل الامم المتحدة، اذ بات ثلاثة من اعضاء مجلس الامن الخمسة دائمي العضوية، فرنسا وروسيا والصين، الى جانب كثير من الدول العربية والآسيوية تضغط في اتجاه رفع العقوبات لتتمكن من استئناف علاقات تجارية كاملة مع العراق.

وانطلاقا من كلمته امام مجلس الشيوخ، حدد الجنرال باول خطوط سياسته ازاء العراق بالتوجه الى دول الخليج التي كانت ضمن قوات التحالف واقناعها بانها اكثر عرضة للخطر، من الولايات المتحدة، من وراء جهود صدام لتطوير اسلحة الدمار الشامل. ولهذا فانه يدعوها للمشاركة في تنفيذ اشد لعقوبات يجري اختزالها، لتتركز هذه المرة على المعدات العسكرية والمواد مزدوجة الاستخدام، التي يمكن لصدام استعمالها لصناعة اسلحة الدمار الشامل. وتسمح صيغة العقوبات الجديدة لباول بفتح الطريق امام البضائع الاستهلاكية، وبهذا تخف معاناة الشعب العراقي ولا يغدو الضحية الاولى للعقوبات التي يفرضها الغرب. غير ان الجنرال باول لا يزال راغبا في استبقاء الامم المتحدة سيطرة قوية على الاموال المودعة الآن حسابا مشروطا، ويجنيها صدام من تصدير النفط. ومن الواضح، ان الجنرال باول سيزور بعض الدول العربية التي ستكون السعودية والكويت من بينها. وتحل الذكرى العاشرة لتحرير الكويت في الشهر المقبل، وقد دعا الكويتيون الجميع، وخاصة باول، الى حضور احتفالاتها بهذه المناسبة. كما تتضمن استراتيجية باول التخلي عن امل اعادة مفتشي الامم المتحدة الى العراق. الى جانب ذلك، فان كيفية تنفيذ حظر وصول المعدات والمواد مزدوجة الاستخدام الى العراق لا تزال غير واضحة ايضا.

وفي هذا السياق يعلق ميغان اوسيلفان من معهد بروكينجز والمتخصص في سياسات فرض العقوبات قائلا «ينبغي ألا يكون مفتشو الامم المتحدة محط تركيز السياسات الاميركية، لان من غير المحتمل رجوع هؤلاء الى العراق، ولأنه عبر التركيز على ذلك نفوت فرصة تحديث نظام العقوبات». واردف اوسيلفان مؤكدا ان من بين الطرق الواضحة لفحص المواد العسكرية المستوردة، ايجاد تفويض يكفل تفتيش الطائرات المتجهة الى بغداد والتي يتزايد عددها يوما بعد يوم. ومن الاحتمالات الاخرى التي تجرى دراستها انشاء مراكز للمفتشين على النقاط الحدودية المهمة.

ويضغط جناح متشدد داخل ادارة بوش باتجاه منح اموال واسلحة اكثر للمعارضة العراقية في المنفى. ويبدو ان ذلك لا يعد حتى الآن خيارا مفضلا. ويشير باول دي ولفويتز، الذي اختير نائبا لوزير الدفاع، وآخرون الى ان ادارة كلينتون كانت مترددة ازاء دعم المعارضة العراقية وباتت تفضل الآن تقويتها ودعمها. غير ان الجنرال باول اكد، خلال كلمته، بنبرة متشككة ان خطة كهذه تتطلب «اساسا متينا من الاعتقاد ان بمقدور الناس تحقيق النجاح في حال عبورهم الاراضي العراقية».

ويرى بعض الخبراء ان استراتيجية باول تبقي على الحد الادنى من الاهداف المرجوة ولكنها ممكنة التحقيق. وقد اعرب مؤخرا جريام فولر، النائب السابق لمدير مجلس الاستخبارات القومية في وكالة الاستخبارات الاميركية، عن ان «كل ما بوسع بوش فعله عند هذه النقطة الابقاء على اجماع يحول دون بيع العراق اي مواد حربية». ويضيف «غير ان الامر السيئ ربما يكون ان الوقت بات متأخرا جدا بالنسبة للادارة الجديدة لإحداث تغيير حقيقي في العراق مقابل ثمن تستعد الولايات المتحدة لدفعه».

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»