«قوة المهمات الوطنية» تتدرب على وسائل مكافحة التمرد

جنرال أميركي: أخطاء الفلوجة أقنعتنا بالحاجة إلى رجال أمن مدربين قبل إرسالهم في مهمات قتالية

TT

يقوم المستشارون العسكريون الأميركيون بتشكيل قوة عراقية لمكافحة عمليات التمرد المسلح وتدريبها على تكتيكات رجال العصابات مثل نصب الكمائن للعربات وسبل الاختفاء والتمويه.

وتدعى القوة الجديدة باسم «قوة المهمات الوطنية العراقية» وهذه المبادرة هي الأكثر طموحا ضمن المساعي الهادفة لمحاربة التمرد بأيدي رجال امن عراقيين. هناك ما يقرب 1000 منتم منهم إلى هذه القوة حاليا مع وجود خطط لزيادة عددها إلى 7000 شخص. ويأتي تأسيس القوة الجديدة كرد على رفض عدد من الجنود العراقيين النظاميين مواجهة المتمردين في الفلوجة قبل ما يقرب من شهرين. وتوِّج هذا الربط حينما حدثت مواجهة بين ثمانية من قوات المارينز في قاعدة جوية حينما رفض 200 جندي عراقي الصعود إلى طائرة هليكوبتر للمشاركة في عمليات مسلحة مع الجنود الأميركيين.

وقال الميجور جنرال بول ايتون المستشار العسكري الرفيع والمكلف تدريب قوات الأمن العراقي «في الأساس كان ذلك المشهد الدافع وراء تشكيل هذه القوة. إنها غلطتنا. نحن حاولنا إرسال وحدات عسكرية عراقية إلى الفلوجة قبل أن تكون جاهزة وهذا ما جعلها تتراجع. بعد إدراكنا لوجود قوة مصممة خصيصا لخوض المعارك في المناطق المدنية ومستعدة لمقاتلة عراقيين».

وأضاف الجنرال ايتون «أنا شخصيا أخطأت فيما يتعلق بحادثة الفلوجة. لم أقيِّم بشكل جيد الولاءات المتعارضة التي يحملها هؤلاء الرجال ـ لعائلاتهم وعشائرهم وأئمتهم وطوائفهم. لقد تعلمت من ذلك كثيرا منذ وقوع تلك المواجهة حول سايكولوجية الشبان العراقيين وما نحن نواجهه جراء ذلك». وقال الجنرال ايتون إن كل الجنود الذين تطوعوا للالتحاق بهذه القوة قد وافقوا على تقديم تعهد بأنهم سيحاربون الإرهابيين والعناصر السابقة من نظام صدام حسين والمتمردين الموجودين داخل العراق. وقام قسم من جنود هذه الوحدة بترديد القسم بينما قدم آخرون تعهدا غير رسمي.

ويتم تدريب هذه القوة في معسكر التاجي الواقع في شمال بغداد، وتغطي أرضيته آثار النزاعات السابقة، حيث يمكن للمرء مشاهدة بقايا دبابات محترقة ومصانع مهدمة ومبان قد تحطم زجاج نوافذها. ويقول مستشارون عسكريون أميركيون إن تدريب قوة مكافحة التمرد هو الأفضل من بين الدوائر الأمنية الأخرى، وهي الأفضل من حيث العدة والعتاد، فهي مزودة بقاذفات الصواريخ المحمولة على الكتف وقنابل ومدافع رشاشة ثقيلة.

وكانت احداث الفلوجة نقطة تحول بالنسبة للقادة العسكريين الاميركيين. وقال المستشار هوارد أدلام «حال رؤيتنا لما قامت به المقاومة أصبحنا مقتنعين بألا تكون درجة التسليح لدى رجالنا أقل مما في حوزة المتمردين. إنها قضية مصداقية».

وعبّر الكثير ممن في هذه القوة عن استعدادهم لقتل الإرهابيين، لكن حينما طرِح عليهم سؤال فيما إذا كانوا على استعداد لمحاربة «المجاهدين» بدا أنهم أكثر ترددا. وقال الملازم أحمد حميد كاظم، 25 سنة، والقادم من البصرة «الكثير من المجاهدين فلاحون فقراء وغير متعلمين. أنا آمل ألا نكون مجبرين لمحاربتهم. إنهم أبناء بلدنا». وأضاف الملازم كاظم «إذا كان لزاما علينا أن نقاتلهم فنحن سنبيدهم».

وقال العقيد شافين عبد المجيد المقاتل الكردي صاحب العينين الحديديتين ـ والذي قال المستشارون الأميركيون عنه إنه واحد من الضباط الواعدين ضمن هذه القوة المخصصة لمكافحة أعمال التمرد المسلح ـ «أهم شيء أن تجعل جنودك يدركون أنهم يحاربون من أجل العراق لا ضده».

سيستخدم جنود هذه القوة السيارات الرياضية وهذا ما يسمح لأن تكون حركتهم خفيفة وقادرين على التنقل السريع. وقد تم اختيار أفراد هذه القوة بعناية شديدة لضمان أن تكون الفئات الثلاث (الشيعة والسنة والأكراد) التي تشكل أغلبية المجتمع ممثلة حسب نسبتهم.

معظم المنتمين للقوة هم جنود عراقيون سابقون. ويقول المستشارون الأميركيون إنهم قد مروا بفحوصات عبر بنوك المعلومات في الكومبيوتر للتوثق من أنهم ليسوا إرهابيين سابقين أو مشتبها في ارتكابهم جرائم حرب، لكن القادة العسكريين يعترفون بأن النظام الذي اتبعوه في الانتقاء ليس مثاليا تماما. ويتسلم أفراد هذه القوة نفس الراتب المخصص لجنود الجيش النظامي، فهو يبدأ من 150 دولارا شهريا. وتشكل هذه القوة واحدة من عمليات الدفع الهادفة إلى تهيئة قوات الأمن العراقية لأداء مهامها قبل حلول أجل إعادة الولايات المتحدة السيادة للعراقيين يوم 30 يونيو.

وقال المستشارون الأميركيون إنهم راضون على التقدم الذي تم تحقيقه حتى الآن. وكان الهدف الأول هو تدريب 85 ألف ضابط شرطة، مع وجود 92 ألف شرطي مشغَّل بشكل مؤقت. وقد تم إكمال عدد حراس الحدود الذي يبلغ 17 ألف ضابط، كذلك هي الحال مع القوة المخصصة لحماية المرافق المدنية، إذ ان هناك حاليا 74 ألف ضابط لهذه القوة. أما فيلق الدفاع المدني فيبلغ عدده 25 الف شخص، مع 15 ألفا آخرين في طريقهم للانضمام. أما الجيش العراقي فما زال بعيدا عن تحقيق هدفه، فهناك الآن 7 آلاف جندي من 35 ألف شخص يزمع كسبهم للجيش النظامي.

وقال الجنرال ايتون الذي سيغادر العراق نهائيا بعد أسبوع واحد بعد تسليم المهمات لفريق جديد «إن هناك تحسنا كبيرا جدا عما كان عليه الوضع يوم 5 أبريل (نيسان) الماضي. ففي ذلك اليوم وفيما كان 4500 جندي من وحدات المارينز يتهيئون للهجوم ضد الفلوجة، تم استدعاء اللواء الثاني من الجيش العراقي للمشاركة في القتال. لكن في الطريق من التاجي إلى بغداد واجهت القوة كمينا. آنذاك غيّر المستشارون الأميركيون خططهم وجلبوا 200 جندي عراقي غير مجرَّب إلى مطار كي يتم نقلهم إلى الفلوجة. ولم يكن أي منهم قد صعد في طائرة هليكوبتر من قبل.

آنذاك تم التخلي عن تلك الخطط الهادفة لإشراك الجنود العراقيين في القتال. إذ قام 70 عراقيا من بين المائتين من الجنود بإحاطة المستشارين وإخبارهم بأنهم غير مستعدين لمقاتلة عراقيين. أما العراقيون الذين أرادوا أن يذهبوا إلى الفلوجة فراحوا يصرخون على زملائهم الذين رفضوا المشاركة».

وقال الميجور كريس ديفيد «كان لدي 200 جندي عراقي غاضب تحت سلطتي وكان لكل منهم 100 طلقة. دعنا نقل فقط إن الوضع كان متأرجحا». في الأخير قرر الميجور ديفيد إلغاء الحملة.

وقال المستشارون الأميركيون إن أولئك الذين رفضوا الذهاب إلى الفلوجة قد تم نقلهم إلى عمل آخر، وإن القوة الجديدة مستعدة لمواجهة حالات شبيهة بتلك التي جرت في الفلوجة. وقال الجنرال ايتون «نحن نقوم بتهيئة شيء متميز هنا. وكل ما نحتاج إليه هو قليل من الوقت للتعلم».

*خدمة «نيويورك تايمز».