ضباط أميركيون: تعرية السجناء في أبو غريب ممارسة يومية وليست أحداثا منعزلة

TT

في الأسابيع التي أعقبت نشر صور السجناء العراة وكشف فضيحة انتهاكات أبو غريب، صور المسؤولون العسكريون الإذلال الجنسي المجسد في الصور باعتباره أفعالا فردية منعزلة خلال فترة تبديل النوبة الليلية.

ولكن إرغام السجناء على التعري في وحدة الاستخبارات العسكرية بأبو غريب كان يتم بطريقة بحيث أن الجنود قالوا لاحقا بأنهم لم يشاهدوا «عرض التعري بكامله» كما سماه أحد المسؤولين العسكريين باعتباره انتهاكا أو شيئا خارج المألوف.

وبينما كانت هناك تقارير عن إرغام المعتقلين على التعري في معسكرات الاعتقال في أفغانستان وخليج غوانتانامو بكوبا، فان الممارسة كانت أكثر عدوانية في أبو غريب وفقا لمقابلات وتقارير جماعات لحقوق الانسان وشهادات معتقلين وجنود. وقال المعتقلون ان ترك السجناء عراة بدأ في يوليو الماضي قبل ثلاثة أشهر من وصول الجنود السبعة المتهمين الآن وشركة الشرطة العسكرية التي ينتمون اليها الى سجن أبو غريب. وكان ذلك حسب بعض الجنود يعكس ثقافة يمكن ان يجري تصويرها في فيلم.

وكان السجناء يعرضون عراة أمام سجناء وحراس آخرين، بينما كان يجري ارغام بعضهم على القفز او الغناء. وقد جرت تعرية أب وابنه وارغامهما على الوقوف والنظر الى بعضهما البعض. واكتشفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي زارت السجناء في أكتوبر ان سجناء تركوا عراة في زنازينهم لمدة أيام.

ومن غير الواضح كيف ظهرت الممارسة ومن الذي أعطى تفويضا بها اذا ما كانت سياسة رسمية. وقد ابلغ توماس باباس ضابط الاستخبارات العسكرية المسؤول عن التحقيقات في السجن محققي الجيش بأن السجناء ربما جرت تعريتهم وتقييدهم لأغراض الاستجواب، ولكن ليس بدون «مبرر مقبول». وعندما حذر مراقبو الصليب الأحمر من خطر ترك السجناء أو ارغامهم على التحرك خارجها وهم عراة قالوا ان مسؤولي الاستخبارات العسكرية «أكدوا ان ذلك جزء من العملية الاستخباراتية العسكرية».

وقال محلل من كتيبة الاستخبارات العسكرية 205، مشترطا عدم الاشارة الى اسمه خشية من التعرض الى عقاب، انه «اذا ما سرت في الجناح الذي يعتقل فيه السجناء ستجد سجناء عراة. وفي بعض الاحيان يمكن أن يكونوا واقفين على صناديق ورافعين أذرعهم. وكان ذلك يحدث كل ليلة تقريبا. ولن اقول ان ذلك انتهاك، بل انه اذلال بالتأكيد».

ان التعري يعتبر ممارسة مخزية تماما في الثقافة الاسلامية، وانتهاكا للمبادئ الدينية. وبينما يعتبر التعري كوسيلة انضباطية أمرا مرفوضا تماما بالنسبة للمسلمين فانهم نادرا ما كانوا الضحايا الوحيدين لهذه الممارسة. فالجنود في المانيا النازية كانوا يعرضون السجناء عراة في النهار، وقد وثقت جماعات حقوق الانسان استخدام التعري خلال نزاعات في مصر وتشيلي وتركيا، وكذلك في أفغانستان خلال الاحتلال السوفييتي. وكانت كراسات التدريب للمخابرات المركزية من الستينات حتى الثمانينات تعلم تعرية السجناء كوسيلة في التحقيق. كما كانت هناك تقارير عن التعري والاذلال الجنسي في سجون أميركية حيث كان يعمل بعض من حراس سجن ابو غريب.

وظهرت شكاوى حول الاذلال الجنسي في أفغانستان أيضا. فقد قال سبعة من الرجال السجناء في مركز الاعتقال الرئيسي في باغرام، حيث يجري التحقيق حاليا في موت اثنين من السجناء واتهامات بممارسة انتهاكات، قالوا في مقابلات أجريت معهم أخيرا انه خلال فترات مختلفة من ديسمبر 2002 الى ابريل 2004 أخضعوا الى فحص أعضائهم التناسلية وأرغموا على تغيير ملابسهم والاستحمام أمام مجندات.

وقال عبد الله خان ساهاك الذي اطلق سراحه من المعتقل الأميركي يوم 19 ابريل الماضي وكان قد صور عاريا في أفغانستان «أنا في الخمسين من عمري. كانت لحظة في غاية الصعوبة بالنسبة لي. كانت تعني الموت». واضاف «لم نكن نعرف ما اذا كان الأمر لأغراض الفحص الطبي أم انهم كانوا مغرورين بأنفسهم تماما. ولكن اذا كان طبيا لماذا يخلعون ملابسنا أمام النساء ؟ نحن أفغان ولسنا اميركيين».

وفي مناسبتين أو ثلاث قال الرجلان ان النساء كن يعلقن لبعضهن البعض حول مشاهدة هذا السجين او ذاك، مضيفين انهن كن يضحكن كثيرا ويسخرن من السجناء وهم يستحمون.

وفي الزيارات التي قامت بها الى مراكز الاعتقال والسجون في العراق شخصت اللجنة الدولية للصليب الحمر قسم الاستخبارات العسكرية في أبو غريب باعتباره مكانا يمارس فيه التعري العمومي في اطار طريقة «منظومة» من المعاملة السيئة. وبالمقارنة قالت اللجنة انها لم تكن قد سمعت أية شكاوى بشأن «اساءة المعاملة الجسدية» في كامب بوكا، وهو مركز اعتقال كبير آخر يقع في أم قصر جنوب العراق.

وكانت هناك قائمة من اساليب التحقيق قد ارسلت الى أبو غريب في سبتمبر الماضي تشير الى ما هو مقبول وما يحتاج الى تفويض خاص، ولم تذكر أسلوب ترك السجناء عراة. وقال ضابط كبير «لم تكن هناك سلطة تحقيقية تمنح موافقة على نزع كل ملابس السجين عنه».

*خدمة «نيويورك تايمز»