تجدد الاشتباكات بين القوات الإيرانية وميليشيا حزب العمال الكردستاني يعكس تحول موقف طهران من المطالب الكردية في العراق

TT

كشف مسؤول بارز بوزارة الداخلية الايرانية عن اسباب المواجهات الاخيرة بين قوات الحرس الثوري ومقاتلي حزب العمال الكردستاني السابق، الذين كانوا حتى وقت قريب يحظون بحماية الحرس ودعمه. واشار المسؤول الايراني الى ان اعلان الحزب انهاء فترة وقفه القتال ضد تركيا، تم دون التنسيق مع الحرس وسلطات الامن الايرانية مما تسبب في ازعاج قيادة الحرس، خاصة بعد ان دخلت وحدات تركية الاراضي الايرانية لمطاردة افواج من مقاتلي الحزب المتمركزين في ايران منذ اكثر من 18 شهرا.

وخلال الاشتباكات التي وقعت في الايام الاخيرة بين رجال الحرس وميليشيا حزب العمال الكردستاني في محافظة ارومية، سقط ما يزيد عن عشرين كرديا تركيا بين قتيل وجريح، فيما بلغت خسائر الحرس تسعة قتلى و19 جريحا.

وحسب المسؤول الايراني فان ايران تعهدت من خلال اللجان الامنية المشتركة مع تركيا، بانهاء ظاهرة وجود مقاتلي الحزب في الاراضي الايرانية بالسرعة الممكنة. الا ان دوافع التصعيد الاخير في المواجهات بين رجال الحرس الايراني وميليشيات الاكراد، تعود الى علاقات ايران مع الاكراد بشكل عام، والاكراد العراقيين والاتراك بوجه خاص، فبعد ان قمعت ايران الحركة الكردية داخل البلاد لجأ الآلاف من قوات «البيشمركية» التابعة للحزب الديمقراطي الكردي الايراني الى شمال العراق واستقر قادة الحرب في كويسنجق ومناطق اخرى في كردستان العراقية. وقد حافظت الميليشيات الايرانية على علاقات وثيقة مع الاحزاب الكردية العراقية طوال حكم صدام حسين ومع حزب العمال الكردستاني بتركيا. وبفضل هذه العلاقات، تمتعت اجهزة الاستخبارات الايرانية والحرس الثوري بوضع خاص في شمال العراق منذ قيام الكيان الكردي شبه المستقبل عقب حرب الكويت وحتى اواخر العام الماضي. وبالنسبة لميليشيا حزب العمال الكردستاني فقد وفرت ايران لهم ملاذا آمنا عقبه هروب المئات منهم بعد تعرضهم لمطاردة الجيش التركي من جهة وحملات القوات الكردية التابعة لزعيمي الاكراد العراقيين مسعود بارزاني وجلال طالباني.

ولعدة سنين كانت هناك خطوط حمراء بين الاطراف الكردية العراقية والتركية والجانب الايراني، أملتها علاقات المصلحة القائمة فيما بينها، وللايرانيين كانت الخطوط الحمراء عدم السماح لمقاتلي الحزب الديمقراطي الكردي الايراني بمزاولة نشاط مسلح ضد ايران من داخل كردستان العراق، ومنع اسرائيل من ايجاد موطئ قدم في كردستان العراقية. ولم يراع حزبا الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردي العراقي، التزاماتهما حيال ايران فحسب، بل سمحا بفتح مكاتب لاستخبارات الحرس في السليمانية واربيل، تأكيدا على صدقهما.

وفيما تجاوزت ايران مرارا الخطوط الحمراء مع الاكراد، سواء في تعاملها مع النظام العراقي السابق او في انشطتها داخل كردستان العراق، اعتبر حزب العمال الكردي التركي، احدى مواد الاتفاقية الامنية بين ايران وتركيا ـ الخاصة بتبادل المتسللين والمجرمين ـ انها موجهة ضد وجودهم، فأصدر الحزب تعليمات الى اعضائه بان يكونوا مستعدين لمواجهة أي محاولة لاعتقالهم وتسليمهم الى تركيا.

وعلمت «الشرق الأوسط» ان تصريحات وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري لاذاعة الـ«بي بي سي» البريطانية وصحيفة «صنداي تليغراف» حول تسلل الارهابيين الى العراق من ايران وسورية، لم تصدر عفوا بل تعكس استياء الاكراد العراقيين من ممارسات بعض اجهزة الاستخبارات الايرانية وفي مقدمتها استخبارات الحرس الثوري وفيلق القدس، وقد كشف بعض عناصر تنظيم «انصار الاسلام» المعتقلين في السليمانية واربيل عن معسكرات اقامتها استخبارات الحرس وفيلق القدس على طول الحدود مع العراق لتدريب عناصر تنظيم «انصار الاسلام» و«جند الاسلام» فضلا عن مجموعات صغيرة تضم عربا واكرادا، يدخلون العراق في نهاية تدريباتهم للقيام بأعمال ارهابية تحت غطاء مقاومة الاحتلال.

كما ان محاولات ادخال المتفجرات الى المناطق الكردية في شاحنات الوقود والاسمنت من قبل عناصر مرتبطة باستخبارات الحرس، اثارت غضبا شديدا لدى القيادات الكردية. الى ذلك فان مواقف بعض التنظيمات الشيعية القريبة من ايران في العراق، حيال فكرة الفيدرالية ومطالب الاكراد تعتبرها القيادات الكردية طعنة في الظهر. ونقل المسؤول الايراني بوزارة الداخلية عن مسؤول في الاتحاد الوطني الكردي التقى بوفد ايراني في السليمانية مؤخرا، قوله ان الاكراد فتحوا ابواب مناطقهم امام ميليشيا الاحزاب الشيعية وخاصة فيلق بدر، حينما كان صدام حسين في قمة سلطته ببغداد ولم يكن الاكراد يتوقعون بان يتحول الاصدقاء الايرانيون الى سندٍ للقوى المناهضة لحقوق الاكراد والدولة الاتحادية التي يسعون اليها.