وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: إذا كنا نحن نسلح «الجنجويد» فمن يسلح «المتمردين»؟

مصطفى إسماعيل: التفسير الوحيد لتصعيد القضية هو أنها أصبحت جزءا من الحملة الانتخابية الأميركية

TT

طالب وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان اسماعيل من المجتمع الدولي اعطاء بلاده فرصة لتنفيذ ما التزمت به لحل ازمة دارفور (غرب) واعطاء الاتحاد الافريقي الفرصة نفسها لمباشرة تنفيذ معالجة القضية. وقال اسماعيل في حوار مع «الشرق الاوسط» خلال زيارته لبروكسل، ان الاتحاد الافريقي يمسك بزمام الامور ويريد الحل لكن واشنطن لا ترغب في ذلك. وقال ان التفسير الوحيد لتصعيد القضية هو انها اصبحت جزءا من الحملة الانتخابية الاميركية لكسب اصوات الافارقة في الولايات المتحدة. واوضح ان الصراع على مناطق النفوذ والنفط لهما دخل في الهجمة الخارجية على دارفور. وأبان ان السودان «دولة مستقلة وقضية دارفور مسألة سودانية في المقام الاول». واشار الى ان منظمة العفو الدولية «لم تزر اقليم دارفور حتى الان وفي الوقت نفسه تصف الوضع بانه ابادة جماعية». وحول الاتهامات بان الحكومة السودانية تسلح ميليشيات الجنجويد، قال اسماعيل «اذا كنا نحن نسلح الجنجويد فمن يسلح المتمردين»؟

* هل تتوقعون ضغوطا اكثر خلال الفترة المقبلة من اطراف مختلفة للاسراع بايجاد حل لقضية دارفور؟

ـ السودان دولة مستقلة ولا يوجد اي تأثير على السودان، ونحن لا نتلقى مساعدات من الولايات المتحدة ولا نتلقى مساعدات من الاتحاد الاوروبي والحمد لله. انا اقوم بجولة اوروبية لتوضيح موقف السودان ونتمنى ان يكون هناك موقف معتدل من الاتحاد الاوروبي، والجميع يعلم ان هناك اختلافات بين الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي وهناك من يتفهم موقفنا وهناك من يتأثر بالموقف الاميركي. وقضية دارفور هي قضية سودانية في المقام الاول ونحن نعالجها في الاطار الامني والسياسي والانساني.

* ولكن البعض هدد بالتدخل العسكري؟

ـ من يريد ان يتدخل عسكريا في دارفورعليه ان يعلن ذلك وليتقدم واذا جاء احد للتدخل العسكري فان كل ما سنفعله هو سحب قواتنا من دارفور، وسوف نتركه الى سكان الاقليم.

* منظمة العفو الدولية ادانت ما يحدث في الاقليم واشارت الى عمليات ابادة جماعية؟

ـ منظمة العفو الدولية لم تقم بزيارة الاقليم ولا تعرف ماذا يجري هناك ولكن الاتحاد الافريقي الذي لديه ما يقرب من 100 مراقب اصدر قرارا وقع عليه كل قادة الدول الافريقية في قمة اديس بابا وجاء فيه انه ليست هناك ابادة جماعية في الاقليم السوداني.

* اذن لماذا كل هذا التصعيد من وجهة نظرك؟

ـ نحن ايضا نتساءل لماذا هذا الانفجار، هذا الزلزال، هذا التصعيد في قضية يمكن معالجتها محليا، وخاصة ان الحكومة السودانية لم ترفض التعاون مع المجتمع الدولي. ولكن تفسيري الوحيد هو ان قضية دارفور اصبحت جزءا من الحملة الانتخابية في الولايات المتحدة لكسب اصوات الافارقة، وخاصة ان نفس الموقف الذي تتخذه ادارة (الرئيس الأميركي جورج) بوش من قضية دارفور هو نفس الموقف الذي تتخذه جماعة المرشح الاخر (جون) كيري واذا قرأ البعض مقال وزيـــــر الخارجية الاميركي كولن باول في احدى الصحف الفرنسية نراه يقول انه من خلال التعامل الاميركي مع قضية دارفور تثبت الولايات المتحدة اهتمامها بقضايا افريقيا وهذا ما اوصلني الى التفسير الذي خرجت به. اما بريطانيا فالجميع يعلم انها لم تتخذ من قبل قرارا مخالفا لسياسة الولايات المتحدة وسبق ان ســـــاندتها اثناء ضرب مصـــنع الشفاء السوداني وكذلك في الحرب على العراق. وبالرغم من ان الاتحاد الافريقي يمسك بزمام الامور ويريد الحل الا ان واشنطن لاتريد ذلك وتدخلت لانها تريد ان تمسك بزمام الامور بدلا من الاتحاد الافريقي.

* اذا كانت قضية دارفور قد اصبحت جزءا من الحملة الانتخابية الاميركية فماذا تقول للناخب الاميركي او للشعب بصفة عامة وخاصة في اعقاب القرار الاخير لمجلس النواب؟

ـ اقول للشعب الاميركي ان قضية دارفور قضية امنية، سياسية، انسانية يجب الا تعامل في اطار التنافس الحزبي الذي يجري الان ونحن منفتحون لمعالجة قضية دارفور بالتعاون مع الادارة الاميركية وبالتعاون مع المنظمات الاميركية الموجودة الان، لكن ان تكون قضية انسانية بهذا الشكل جزءا من المنافسة الحزبية فهذا اسوأ شيء ولا يعكس الدور الذي يلعبه الشعب الاميركي والذي تلعبه الادارة الاميركية في المساهمة الانسانية سواء كانت في دارفور اوغير دارفور

* وماذا عن الاتهامات الموجهة لحكومة الخرطوم بمساعدة ميليشيات الجنجويد؟

- دعني اتساءل اذا كانت الحكومة كما يرددون تقوم بتسليح الجنجويد فمن يقوم بتسليح المتمردين؟ واقول لهم السلاح منتشر في دارفور نتيجة عدم الاستقرار في الدول المجاورة، كما ان معسكرات النازحين تقع كلها في منطقة السيطرة الحكومية. واذا كانت الحكومة تسلح الجنجويد فلماذا يلجأ اليها المدنيون الفارون بحثا عن الامن والامان؟

* تحدثتم عن دور للاتحاد الافريقي لحل القضية.. هل تعتقدون انه قادر على لعب هذا الدور؟ ـ الاتحاد الافريقي اذا تركناه بدون التدخلات الاجنبية يمكن ان يلعب دورا مفيدا في هذه القضية لانه هو الادرى بهذه المسألة.

* اي الاطراف الدولية تحتاجون لمساعدته في الوقت الحالي؟ ـ الى كل الاطراف الدولية خاصة الحريصة على أمن السودان واستقراره ووحدته.

* ومن اكثرهم قدرة على فعل شيء للسودان؟

ـ الافارقة.

* باي شكل؟

ـ بالمعالجة السياسية، بإبعاد التدخلات الاجنبية السالبة، بدعم الحوار السياسي الذي يجري الان بين الاطراف السودانية المختلفة.

* ربطتم في تصريحات سابقة بين دارفور والمسألة العراقية.. على اي اساس جاء هذا الربط؟ ـ على اساس ان هناك ضغطا على مجلس الامن من جانب الولايات المتحدة وهناك اصرار من مجلس الامن على ان تعالج هذه القضية وفقا للاتفاق الموقع بين كوفي انان والحكومة السودانية، ولكن الولايات المتحدة تضغط في اتجاه فرض عقوبات وبريطانيا تتحدث عن تدخل عسكري تماما مثلما حدث في ضرب مصنع الشفاء للادوية وتماما كما حدث في العراق عندما رفضت الدولتان الانصياع لقرار مجلس الامن وخرجتا وقادتا الحرب على العراق.

* ولكن البعض يرى ان العراق ربما يمثل مطمعا للسيطرة على النفط فهل ترى ان السودان ينطبق عليه نفس الامر؟ ـ اولا دارفور مناطق الصراع على النفوذ على حدود تشاد، وعلى الحدود مع تشاد توجد قاعده فرنسية. ثانيا الحملة الانتخابية الحالية في الولايات المتحدة واصبحت دارفور في اطار المنافسة الحزبية.

* ولكن هل هناك مطامع في بترول السودان؟

ـ قد يكون.. فالبعض يقول ذلك.