سلطة عرفات تتلقى ضربة جديدة: كتائب الأقصى تحتل مقر محافظة خان يونس ومجهولون يحرقون مركزا للشرطة في «الزوايدة»

قريع يعد اقتراحا لتسوية الأزمة الداخلية وحرب البيانات بين الفرقاء في فتح والسلطة تتواصل

TT

تلقت السلطة الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات ضربة جديدة امس بقيام عشرات المسلحين من كتائب شهداء الاقصى غالبيتهم من الملثمين باحتلال مقر محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة فجر امس لمدة 5 ساعات مطالبين بإعادة 11 من أفراد الأمن المفصولين الى اعمالهم. وفي وقت سابق امس، اضرم فلسطينيون مجهولون النيران في مركز للشرطة من طابقين في قرية الزوايدة القريبة وسط القطاع. لكن المسلحين غادروا مبنى محافظة خان يونس المكون من 4 طبقات في سلام بعد اعلانهم أن الرئيس ياسر عرفات وافق على إعادة زملائهم في قوات الأمن الوطنية الذين أقيلوا من الخدمة. ولم تقع خسائر بشرية لكن التصرف سدد ضربة جديدة للسلطة الفلسطينية التي تواجه مشكلات بسبب مزاعم بالفساد والاضطرابات المدنية المنتشرة على نطاق واسع. وقال أحمد ابو زياد رئيس بلدية خان يونس انهم يحاولون تحديد من الذي استغل عدم الاستقرار في الاراضي الفلسطينية لارتكاب هذه الجريمة. ونفت كتائب شهداء الاقصى أية علاقة لها باضرام النيران.

وطالب المسلحون الملثمون في خان يونس الرئيس الفلسطيني باقالة موسى عرفات وهو احد اقربائه، الذي اثار تعيينه في منصب امني رفيع الاسبوع الماضي مواجهات مسلحة مع أعضاء إصلاحيين بالفصائل الفلسطينية تدفقوا الى شوارع غزة احتجاجا. وأعلن «ابو محمود»، احد الناطقين باسم كتائب الاقصى، ان الاجراء يأتي احتجاجا على قيام الرئيس عرفات بتعيين اللواء موسى عرفات كمدير للامن العام الفلسطيني في قطاع غزة. وسبق لعناصر من نفس المجموعة ان قاموا بإحراق مقر جهاز «الاستخبارات العسكرية»، الذي يقوده موسى عرفات في المدنية احتجاجا على قرار عرفات بتعيينه في المنصب. لكن اسم كتائب شهداء الاقصى، اصبح فضفاضا يستخدمه الفرقاء في حركة فتح وفي السلطة الفلسطينية لحسم صراعاتهم الداخلية. وكان المئات من عناصر الكتائب، قد انطلقوا الاسبوع الماضي في مسيرة حاشدة تأييدا لتعيين موسى عرفات على رأس جهاز الامن العام ولكل القرارات التي اتخذها ياسر عرفات. وبحلول ظهر امس، غادر المسلحون مبنى محافظة خان يونس، وقال زعيمهم «ابو الحاج» انهم تلقوا تأكيدات بأن 11 من زملائهم في كتائب شهداء الاقصى سيعادون الى الخدمة. وقال «ابو الحاج» ان «الازمة انتهت».

وأكد مسؤول كبير بالسلطة الفلسطينية أن الرجال الاحد عشر عينوا في أجهزة أمنية، الا أنه نفى اقالتهم أو الاستعانة بهم بوصفهم أعضاء في كتائب شهداء الاقصى. وقال اللواء فيصل ابو شرخ قائد القوة 17 لحرس الرئيس عرفات «ان الامر كله سوء تفاهم».

من جهة ثانية، اقدم مجهولون صباح امس على إحراق مركز للشرطة الفلسطينية في قرية «الزوايدة»، وسط قطاع غزة. وحسب شهود عيان فقد قام خمسة من المسلحين باقتحام مركز الشرطة وقاموا بسكب مواد مشتعلة في المركز وأحرقوا الاثاث. وامتد الحريق الذي اندلع في المقر الى مقر المجلس المحلي للقرية الذي يتاخم مقر الشرطة، الامر الذي ادى الى احراق غرفة الجباية في المقر. وحسب الشهود، فقد تمت السيطرة على الحريق بعد ان تم اتلاف محتويات المقر. الى ذلك، تواصلت «حرب البيانات»، داخل حركة فتح، على خلفية التعيينات التي امر بها الرئيس الفلسطيني. فقد واصلت مجموعة «كتائب شهداء جنين» المحسوبة على حركة فتح، المزيد من البيانات المطالبة بمحاربة الفساد في داخل السلطة الفلسطينية. ووزعت المجموعة بيانا في معسكرات اللاجئين في ارجاء مختلفة من قطاع غزة، شددت فيه عزمها على محاربة الفساد. وواصلت المجموعة تهديد هاني الحسن، عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، على خلفية اتهامه للذين وقفوا خلف عمليات الاختطاف في قطاع غزة بأنه يتم تحريكهم من قبل جهات خارجية. وتسببت مظاهر العنف المتفاقم في الضفة والقطاع في ردة فعل سلبية داخل المجتمع الفلسطيني، حيث ان هناك إجماعا على ان الحديث يدور حول مصالح شخصية وفئوية ضيقة. وقد وجه الاسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الاسرائيلي نداء الى الفصائل الفلسطينية والشعب الفلسطيني بأكمله، ناشدوا فيه حركات المقاومة الفلسطينية تفويت الفرصة على اعداء الشعب الفلسطيني. وفي بيان تم تسريبه من السجون، دعا الاسرى الى «وقف أي مظهر من مظاهر الاحتراب والاقتتال، وأن يصطف الجميع ويتوحد ويلتحم في خندق الكفاح والجهاد والمقاومة».

واضاف البيان «نستحلفكم بالله العلي القدير وبكل قطرة دم فلسطيني روت ثرى وطننا الغالي وبكل دماء شهداء شعبنا، نناشدكم أن تفوّتوا الفرصة على أعداء شعبنا وأمتنا الذين يتربصون بكم ويغذون الفتنة». وقال البيان ان سلاح المقاومة «لا يشهر في وجه اخوة السلاح، وخلافاتنا لا تحل إلا بالحوار والنضال على قاعدة التوحد والتلاحم والتكاتف». وانضم الاسرى الى الدعوة الى تشكيل «قيادة وطنية موحدة» تقود الشعب الفلسطيني.

من جهة ثانية، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر فلسطينية موثوقة ان رئيس الوزراء، احمد قريع أعد اقتراحا من اجل تسوية الازمة الداخلية في حركة «فتح» والسلطة الفلسطينية. وان هذه التسوية تشكل حلا وسطا بين القوى المتصارعة، في صلبها اصدار تعيينات جديدة للمناصب الامنية الاساسية تكون مقبولة للجميع وان تعالج بقية القضايا في لجان داخلية.

والقضايا التي ستعالج داخليا هي الفساد المالي والاخلاقي لبعض المسؤولين والتحقيق في عدد من الاتهامات التي نشرت في البيانات والاجتماعات والشارع ضد عدد من الشخصيات الرسمية للسلطة الفلسطينية واجهزتها الامنية بلا وثائق ومستندات.

والمفروض ان يكون قريع قد عرض هذا الاقتراح على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات مساء امس. وسوف يعرض على عدد من النواب في المجلس التشريعي المعروفين بقربهم من «كتائب شهداء الاقصى»، اقوى الفئات التي تطرح قضية الاصلاح بقوة في الشارع الفلسطيني، وباتت تستخدم العنف تحت يافطة تطبيقه.

وكانت البيانات الاخيرة للكتائب قد طرحت مطالب لإحداث تغيير جوهري في عمل السلطة الوطنية، بما في ذلك عمل الرئيس ياسر عرفات نفسه. فقالت له: «نعرفك قائدا مخلصا وذكيا، ولا نريد لك ان تقيم لنا امبراطورية آل عرفات ـ القدوة»، وحذرته من انها لن تدين له بالولاء اذا استمر في اسلوب عمله وتعييناته. وطالبت بحل حكومة قريع باعتبارها حكومة فاشلة وعاجزة ومشلولة واستبدالها بحكومة من القادة المخلصين من الجيلين الثاني والثالث للثورة وليس من الخيول القديمة والمفسودة، على حد تعبيره.

ووعدت كتائب شهداء الاقصى بنشر برنامج سياسي تفعيلي للعمل الفلسطيني، كما تراه للمرحلة المقبلة. وهددت بأخذ القانون بيديها ومحاكمة ومحاسبة من أسمتهم المفسودين أمام الجماهير.