اليوم الثاني لأعمال المؤتمر الوطني العراقي: الصدر يوافق على مقترحات حل الأزمة

الحزب الإسلامي العراقي يهدد بالانسحاب إذا لم يتم توزيع مقاعد الهيئة التشريعية الانتقالية بعدالة

TT

تواصلت صباح امس اعمال المؤتمر الوطني العراقي في اجواء امنية افضل من اليوم الاول بعد ورود انباء عن قرب انفراج ازمة النجف التي صاحبت انعقاد المؤتمر بعد ان كاد تصاعد وتيرة التهديدات الاميركية باقتحام الصحن الحيدري الشريف لاخراج مقاتلي جيش المهدي الموالين للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، يحجب صوت المؤتمر، وكانت بغداد صباح امس تعيش اجواء هادئة رغم ان الازدحام كان على اشده في شوارعها القليلة المتبقية من دون الاغلاق جراء الاجراءات الامنية الاحترازية المشددة التي اتخذتها الشرطة العراقية منذ الفجر بعد انتهاء ساعات حظر التجول في جانب الكرخ الذي ينعقد فيه المؤتمر الوطني.

واعلن الدكتور فؤاد معصوم رئيس الهيئة التحضيرية للمؤتمر الوطني العراقي في نهاية الجلسة الصباحية ليوم امس موافقة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر على المقترح الذي تقدم به المؤتمر للخروج من ازمة النجف. واضاف معصوم ان السيد الصدر اعلن استعداده التام للقاء الوفد الذي شكله المؤتمر اول من امس.

وكان المؤتمر قد تبنى بيانا وصفه حسين الصدر بـ«المهمة المقدسة» يهدف الى ايقاف النزيف في مدينة النجف. وتضمن البيان ثلاثة شروط اساسية وهي تحويل جيش المهدي الى كيان سياسي واخلاء الصحن الحيدري الشريف وتسليمه الى الحكومة العراقية المؤقتة مع ضمان سلامة الجميع وعدم ملاحقتهم قانونيا اضافة الى الاسهام الفاعل والمشاركة في العملية السياسية.

وتحدث حسين الصدر الذي ترأس لجنة خاصة شكلها المؤتمر لبذل مساع سلمية مع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر لاحتواء الازمة في النجف والمدن العراقية الاخرى في الجلسة الصباحية من المؤتمر بأن الحكومة العراقية استجابت لطلب المؤتمرين بايقاف العنف من خلال اللجنة التي تابعت الموضوع مع مجلس الوزراء وطالب بتسجيل هذا الموقف في المؤتمر الذي ساهم في حل المشكلة من جانب الدولة. واضاف ان الدول المتقدمة لا تقبل وجودا للميليشيات المسلحة فيها، لذا طالب بالتعاون لاقناع مقتدى الصدر بتحويل جيش المهدي الى حزب سياسي وممارسة العمل السياسي بكل حرية في العراق الجديد، اذ ان المؤتمر يرفض وجود ميليشيا مسلحة ويعد ذلك «خطا احمر» لان الميليشيات المسلحة تعني دولة داخل دولة. وطالب الصدر في حديثه امام المؤتمر باعطاء الامان الكامل لمقتدى وجماعته وعدم ملاحقتهم. وقد صوت اعضاء المؤتمر بالاجماع على مقترحات حسين الصدر ووافقوا على هذا الاتجاه الذي سموه بـ«النداء العاجل» وتلقى المؤتمر موافقة مقتدى الصدر على استقبال الوفد والتباحث معه بشأن انهاء الازمة.

ومن جانبه، اكد خضير عباس ممثل حزب الدعوة الاسلامي الذي يتزعمه نائب رئيس الجمهورية ابراهيم الجعفري ان «حزب الدعوة موافق مائة بالمائة على هذه المبادرة». واضاف ان «المؤتمرين يعملون حاليا على تشكيل الوفد الذي سيتوجه الى مدينة النجف للقاء السيد مقتدى الصدر». واوضح عباس انه «تم اختيار عشرين شخصا ولكننا نعمل على تقليص الوفد». واكد الشيخ احمد الشيباني المتحدث الرسمي باسم مقتدى الصدر ان «مسألة نزع سلاح جيش المهدي وتحويله الى منظمة سياسية أمر يأتي من خلال المفاوضات وليس بقرار يتخذ مسبقا».

واوضح ان «هذا الامر يمكن الاتفاق عليه في المفاوضات». واضاف ان «الاتصالات بدأت منذ اول من امس مع الشيخ علي سميسم احد ممثلي الصدر». وقد اكد السيد حسين الصدر صاحب المبادرة للصحافيين انه التقى الاحد مع وفد من المؤتمر الوطني برئيس الوزراء العراقي اياد علاوي. وقال الصدر ان الحديث تناول «هذه القضية وكانت الاستجابة واضحة من قبل الحكومة (...) واخذت ضمانات من الحكومة الا تكون هناك اي ملاحقة لا ضد مقتدى الصدر ولا ضد اي من اتباعه في حال الانسحاب من الصحن العلوي». وذكر ان «هناك رغبة حقيقية في ان يشارك الصدر وتياره وانصاره ومحبوه ومريدوه في مجمل العملية السياسية في العراق. هذا ما ترغب به الحكومة وما نرغب به نحن ايضا». واكد الصدر انه «تم فتح الباب على مصراعيه امام جميع الاخوات والاخوان من (اعضاء المؤتمر) من ممثلي الشعب العراقي الراغبين في الانطلاق الى مدينة النجف والمشاركة في هذا الوفد».

وكان احد مستشاري الصدر طلب امس من الاحزاب الشيعية مغادرة المؤتمر الوطني العراقي. وقال الشيخ احمد الشيباني في اتصال هاتفي مع صحافيين ان «الاحزاب الشيعية مثل حزب الدعوة والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق يجب ان تغادر المؤتمر الوطني».

ويفترض ان يستمر المؤتمر الذي يهدف الى اطلاق العملية السياسية الديمقراطية في العراق التي ستؤدي الى انتخابات عامة في يناير (كانون الثاني) المقبل، ثلاثة ايام بحضور 1300 مندوب من جميع محافظات العراق.

وهدد الدكتور محسن عبد الحميد مدير العلاقات الخارجية في الحزب الاسلامي العراقي والذي يشارك في المؤتمر، ان الحزب سينسحب من المؤتمر اذا لم تتحقق اهدافه في المشاركة، داعيا المشرفين على اعمال المؤتمر الى مراعاة التوازن والعدالة في التوزيع عند اختيار المائة عضو المرشحين لعضوية الجمعية العمومية. واضاف عبد الحميد ان ما حصل في اليوم الاول من المؤتمر كان مجرد مشاكل داخلية داعيا الى حلها بالحوار الاخوي والشفافية ومراعاة الوضع الذي يمر به العراق حاليا والذي يستوجب الحكمة والتعقل.

ونفى عبد الحميد الانباء التي تناقلتها وسائل الاعلام بمقاطعة بعض الاحزاب والشخصيات اعمال المؤتمر، مشيرا الى انه كانت هناك اعتراضات من قبل بعض الاشخاص الذين هددوا بالانسحاب، مضيفا «كنا قلقين بسبب الاضطرابات فضلا عن بعض الانتخابات التي زيفت في بعض المناطق»، وناشد عبد الحميد جميع الاطراف بتجاوز تلك الخروقات في المستقبل، مطالبا الهيئة المشرفة على المؤتمر بان يكون هناك نوع من التوازن والعدالة في التوزيع والانتخاب الحر للهيئة العمومية، التي ستكون بمثابة الهيئة التشريعية الانتقالية، وان تكون هناك تحالفات داخل المؤتمر من اجل الفوز بعضوية الهيئة.

من جانبه اشار حسن كريم الجاف احد الاعضاء المشاركين في المؤتمر على قائمة الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني وهو شخصية كردية مستقلة ان المؤتمر ركز خلال الجلسة الصباحية على كيفية مواجهة التحديات في مستقبل العراق والمشاكل التي يعاني منها العراقيون نتيجة الانفلات الامني والجريمة المنظمة ومن ابرز النقاط المطروحة من قبل المشاركين، قضية المفصولين السياسيين واعادتهم الى الخدمة وقضية المهجرين من العرب والاكراد الذين لا يمتلكون المستمسكات الرسمية لاثبات هويتهم الى جانب القضية الساخنة في النجف ودور المؤتمر الوطني لحلها بالتعاون مع الحكومة العراقية والتيار الصدري.

وعن طبيعة التوجهات والطروحات التي يشهدها المؤتمر قال الجاف «ان توجهاتنا تتناغم مع المطالب الكردية والايمان ببناء نظام جديد نقيض النظام المركزي الشمولي السابق الذي اثبت فشله في العراق، ومن هذا المنطلق اتفق مع الاصوات الداعية الى اقامة نظام ديمقراطي فدرالي يضمن الاتحاد بين جميع الاقليات والقوميات العراقية مما سيكون له الاثر الايجابي في بناء مستقبل زاهر للعراق».

وعلى الصعيد الشعبي ورغم ما القته قضية الازمة في النجف بظلالها على المؤتمر الوطني الذي تزامن انعقاده مع اشتداد ازمة النجف، الا ان عددا من المواطنين العراقيين الذين التقتهم «الشرق الاوسط» عبروا عن ارتياحهم لدور المؤتمر في تهدئة الاوضاع بالنجف والمدن الاخرى، فقد قال عبدالله الجبوري صاحب مكتب انترنت ان المؤتمر «اثبت اليوم قدرته على التعبير عن رأي الشارع العراقي عندما ارسل وفدا الى الحكومة والى السيد مقتدى الصدر وقام بدور جيد لاحتواء الازمة وانهائها، وهذا ما كنا ننتظره منه اذا كان فعلا يريد ان يكون لسان حال الشارع العراقي، عليه فانني ارحب بانعقاد المؤتمر في هذا الوقت واتمنى له المزيد من النجاحات خلال الايام القادمة».

وقال محمد فرحان وهو طالب في علوم الحاسبات انه سعيد بنتائج جهود المؤتمر لانهاء ازمة النجف «انا لا اريد ان ينزف العراق بعد الان، وسعيد بورود انباء بتوقف القتال هناك ونجاح المفاوضات، فنحن جميعا نريد للعراق الخير والبركة والسيد الصدر هو ابن هذا البلد له ما للاخرين من حقوق عليه».