أكثر من 50 ضابطا اميركياً يواجهون اتهامات بارتكاب جرائم في انتهاكات أبو غريب

TT

سيدفع التقرير الذي أصدرته وزارة الدفاع الأميركية الأربعاء الماضي، نحو توجيه تهم جنائية لأكثر من خمسين شخصا مسؤولين عن الانتهاكات التي وقعت ضد المعتقلين في سجن أبو غريب.

وكان الجندي جيرمي سيفيتس قد أقر بالذنب أمام المحكمة. وقال الرقيب الأول إيفان فريدريك المتهم الأساسي في قضية انتهاكات سجن أبو غريب إنه سيقر بالذنب تجاه بعض التهم الموجهة ضده.

أما محامو المعتقلين الخمسة الآخرين فقالوا: «إن استنتاجات التقرير تدعم نقطة دفاعهم الأساسية القائلة، إن موكليهم كانوا ينفذون أوامر ضباط من وكالة الاستخبارات العسكرية وغيرهم». وجاء في التقرير «مزاعم أفراد الشرطة العسكرية من أن أفعالهم كانت بتوجيه من الاستخبارات العسكرية، على الرغم من أنه من باب الدفاع عن الذات لكنه يستند إلى أرضية صحيحة».

وقال ريتشارد هيرناندز محامي الجندية ليندي إنغلاند: إن التقرير إثبات لبراءة موكلته. وأضاف «هؤلاء ليسوا جنودا مارقين سبعة. إنهم بالتأكيد أكثر من ذلك، إنهم كانوا يتسلمون الأوامر من الاستخبارات العسكرية... هذا التقرير يجعل الأمور أسهل بالنسبة لنا. نحن نستطيع القول بوضوح إنها كانت تنفذ الأوامر. والسؤال الآن هو ما إذا كانت الأوامر شرعية، وإذا لم تكن كذلك فهل لديها أي سبب يجعلها تعرف إنها غير شرعية».

واختلف الخبراء القانونيون حول ما إذا كان التقرير قد ساعد أم آذى الجندية إنغلاند والمتهمين الآخرين التابعين للشرطة العسكرية. وقال مايكل نون بروفيسور القانون في الجامعة الكاثوليكية والخبير في القضاء العسكري، «الكثير من المتهمين يستطيعون القول الآن وبشكل مشروع، إن الأوامر التي تسلموها إما بشكل غير رسمي أو مباشر كانت شرعية. لكن الناس سيقولون للمتهمين: لا بد أنكم تمزحون هل أنتم جادون في القول إن آخرين قد أمروكم لجعل أناس آخرين يستمنون؟».

أما غاري سوليس القاضي العسكري السابق الذي يدرّس القانون حاليا في الأكاديمية العسكرية الأميركية في مدينة ويست بوينت فقال، إن على المتهمين ألا يتنفسوا الصعداء بسبب صدور التقرير. وأضاف «إنه لا يوفر أي مساعدة لأولئك الذي وجهت إليهم اتهامات. فمع كل تقرير جديد نحن نرى وجها آخر من الخروق والأفعال غير الشرعية. ما في يد الدفاع القليل من الدعم. وهذه التقارير هي تضيف الوقود لنار هيئة الادعاء العام... صحيح أن أفرادا من الاستخبارات العسكرية كانوا هناك ووكالة الاستخبارات المركزية كانت هناك، لكن الضغط المفروض عليهم بل حتى حثهم الشديد لا يساعد الأفراد على الإفلات من العقاب».

وللنجاح في الوصول إلى البراءة على المتهمين أن يبرهنوا إنهم تسلموا فعلا أمرا من رئيسهم، حسبما قال البروفيسور سوليس، لكن لا يوجد دليل من هذا النوع. وأضاف «حتى لو أنهم واجهوا هذين التحديين فإن عليهم أن يظهروا أنهم تصرفوا بشكل عقلاني باتباع ما فهموا أنه أمر مشروع».

ويستنتج التقرير الذي أعده الميجور جنرال جورج فاي والليفتنانت جنرال أنتوني جونز أن 42 من جنود الاستخبارات العسكرية والضباط والموظفين الصحيين والمتعاقدين المدنيين يتحملون إلى درجة ما قدرا من المسؤولية عن وقوع الانتهاكات. ويقول أيضا إن أربعة من ضباط الشرطة العسكرية لعبوا دورا في الانتهاكات.

ومن المتوقع أن تستهدف الجولة الثانية من توجيه الاتهامات بعض الجنود العاملين في الاستخبارات العسكرية. وقال نيل بوكيت الذي يمثل البريغادير جنرال جانيس كاربينسكي آمر لواء الشرطة العسكرية الـ 800 في سجن أبو غريب «أنت ترى ضباطا صغارا وجنود احتياط توجه لهم التهم. وأنت ترى مجموعة منهم يعملون اتفاقات إذا كانت الأحكام مخففة نسبيا. أنا أتوقع على الأقل عددا من الدعاوى الجديدة يساوي ما هو موجود حاليا».

وقال بوكيت إن التقرير الأخير الذي ركز على الموظفين من الاستخبارات العسكرية أكثر من الشرطة العسكرية لن يؤول على الأكثر إلى توجيه عقوبة انضباطية أو أي إجراء آخر ضد موكلته.

ورسم التقرير صورة عن الفوضى التي كانت تسود السجن وهذا قد يساعد المتهمين الحاليين واللاحقين. لكن جوانب أخرى قد تؤثر في المحلفين تأثيرا سلبيا حسبما قال ايوجين فيدل رئيس المعهد القومي للقضاء العسكري. وأضاف «قد تطرح أسئلة حول إمكانية توفر محاكمة عادلة للمتهمين الحاليين واللاحقين». كذلك قد يجدد التقرير المطالب بتبديل مكان المحاكمة. فباستثناء المحكمة العسكرية التي تجري للجندية إنغلاند ستتم بقية المحاكمات العسكرية على الأرجح في بغداد، وهذا قد يكون أمرا حسنا أيضا حسب رأي البروفيسور مايكل نون، الذي قال في هذا الخصوص «قد يكون هناك تعاطف أكبر للمتهمين في العراق مما لو أنهم حوكموا في قاعدة فورت هود».

وقال فيدل إن المؤسسة العسكرية الأميركية أصبحت اليوم جهازا على مستوى العالم أجمعه وهذا يعني أن مكانا للمحاكمة هنا أو هناك لا يغير من الأمر شيئا. «فحالما يعطس جنرال في البنتاغون حتى يقول له شخص آخر في بغداد رحمكم الله».

كذلك وجد التقرير أن المتعاقدين المدنيين من الشركات الأهلية متواطئون في الانتهاكات، لكن محاكمتهم في الولايات المتحدة عن جرائم اقترفت في العراق ستكون واحدة من القضايا الصعبة على المستوى القضائي.

وقالت اليزابيث هيلمان التي تدرّس القضاء العسكري في جامعة روتجيرز «إنه سؤال عسير لا يمكن الإجابة عليه إلا بشكل مبتسر. إنه يفتح أرضا جديدة».

وقال غاري مايرز محامي الرقيب الأول فردريك، إن أكثر الأسئلة القضائية أهمية يحتاج إلى تقديم إجابة له، وأضاف «لأن المحاكمات أصبحت ذات طابع سياسي، أصبح التحقيق يدور حول ما يجب فعله وإلى أي مدى يمكننا أن نسير. نحن نفترض أن يكون هناك على الأقل ضابط كبير تجري محاكمته حسب تقديري».

* خدمة «نيويورك تايمز»