اجتماع طارئ للحكومة الفرنسية لبحث قضية الصحافيين المخطوفين وهيئة علماء المسلمين تناشد الخاطفين الإفراج عنهما

TT

عقدت الحكومة الفرنسية برئاسة جان بيار رافاران رئيس الوزراء اجتماعا طارئا امس خصص لبحث قضية خطف الصحافيين الفرنسيين في العراق حضره وزراء الخارجية ميشال بارنييه والداخلية دومينيك دو فيلبان والاعلام رينو دونديو دو فابر ومدير عام رئاسة الجمهورية لتقويم الوضع وتدارس ضمان الإفراج عنهما، في حين ناشدت هيئة العلماء المسلمين في العراق الخاطفين اطلاق سراح الصحافيين فورا، معربة عن امتنانها لموقف الحكومة الفرنسية إزاء العراق وشعبه، فيما رفضت جماعة الإخوان المسلمين الرابط الذي أقامه خاطفو الصحافيين مع قضية منع الحجاب الإسلامي في فرنسا ونددت بخطف المدنيين. ولم تستبعد الجماعة تورط أجانب في العملية التي تبنتها مجموعة تطلق على نفسها «الجيش الإسلامي في العراق». واستقبل رافاران رئيسي مجلس الشيوخ و النواب لوضعهما في صورة الموقف. واعقب اجتماع الحكومة لقاء جرى في قصر الأليزيه برئاسة الرئيس جاك شيراك لتقويم الوضع.

وتأتي عملية اختطاف الصحافيين قبل ايام قليلة على الزيارة التي سيقوم بها الرئيس العراقي غازي الياور لفرنسا.

وأفاد المتحدث باسم وزارة الخارجية في بيان «ان اجهزة السفارة الفرنسية في بغداد وكذلك السلطات الفرنسية اعلنت التعبئة». وأضاف «مرة اخرى ندعو الى اطلاق سراح الصحافيين كريستيان شينو وجورج مالبرونو»، موضحا ان الوزارة «لن تدلي بتعليقات اخرى في هذه المرحلة».

وأعرب المسؤولون عن وسائل الإعلام التي يعمل لحسابها الصحافيان، عن قلقهم ازاء مصيرهما، كما اعربوا عن ارتياحهم كونهما لا يزالان على قيد الحياة.

ويعمل الاول مراسلا مع اذاعة فرنسا واذاعة فرنسا الدولية بينما يعمل الثاني موفدا خاصا لدى صحيفة «الفيغارو» وصحيفة «ويست فرانس» وكان يعمل ايضا لدى «آر تي إل» (راديو وتلفزيون لوكسمبورغ).

وفقد اثر الصحافيين في العشرين من الشهر الجاري بينما كانا يهمان بمغادرة بغداد الى النجف التي كانت في تلك الفترة تشهد معارك ضارية بين الجيش الاميركي وميليشيات «جيش المهدي» التابع للزعيم الشيعي مقتدى الصدر.

وقال بيار روسلين، رئيس القسم الخارجي في صحيفة «الفيغارو» انه «اول نبأ نتلقاه عنهما منذ اختفائهما». واضاف «نحرص على التكتم نوعا ما لعدم عرقلة الجهود المبذولة لاطلاق سراحهما».

وأعرب الين مينارغ، نائب رئيس اذاعة فرنسا الدولية عن سروره «كونهما لا يزالان على قيد الحياة». وتوجه محمد بشاري رئيس الاتحاد الوطني لمسلمي فرنسا ونائب رئيس المجلس الفرنسي للدين الاسلامي بنداء بالعربية الى الخاطفين للمطالبة بالافراج فورا عن الصحافيين.

وقال رئيس اتحاد الجمعيات الاسلامية في فرنسا الحاج التهامي بريز انه يجب «عدم التفاوض» مع الخاطفين.

ووجهت منظمة «مراسلون بلا حدود» المدافعة عن حرية الصحافة نداء امس الى هيئة العلماء المسلمين وآية الله العظمى علي السيستاني للتدخل لصالح الافراج عن الصحافيين.

ومنح «الجيش الإسلامي في العراق» في بيان امس باريس مهلة 48 ساعة تنتهي مساء اليوم للرد على طلبها بالتخلي عن فرض منع الحجاب في ألاماكن العامة، غير انها لم توجه اي تهديد واضح يتعلق بحياتهما. وقال البيان ان «الجيش الاسلامي في العراق يطلب من فرنسا إلغاء قانون نزع الحجاب لما فيه من ظلم وعدوان على الدين الإسلامي والحريات الشخصية في بلد الديمقراطية المزعوم». وعلى عكس بيانات سابقة صدرت عقب خطف الرهائن، لم يتضمن البيان اي تهديد مباشر او غير مباشر بقتل الرهينتين.

وأعرب شينو احد المخطوفين في كلمة باللغة العربية عن دعمه لمقاتلي «الجيش الإسلامي في العراق» في حين طمأن مالبرونو اسرته في كلمة باللغة الفرنسية قال فيها «اريد ان اؤكد لأسرتي ان كل شيء على ما يرام». وظهر الصحافيان المخطوفان في اللقطات التي بثت واقفين امام راية سوداء كتب عليها اسم المجموعة ورسمت عليها خريطة العراق تقطعها صورة بندقية كلاشنيكوف.

وكانت المجموعة ذاتها اعلنت مسؤوليتها عن مقتل الصحافي الايطالي انزو بالدوني بعد انتهاء المهلة التي اعطتها للحكومة الايطالية لسحب قواتها من العراق. وسبق لهذه المجموعة ان اعدمت رهينتين باكستانيين خطفا في 23 من الشهر الماضي، كما تبنت خطف القنصل الايراني في كربلاء فيريدون جهاني وهددت بقتله ان لم تفرج ايران عن 500 اسير حرب اعتقلوا اثناء الحرب العراقية ـ الايرانية (1980 ـ 1988).

وجددت هيئة العلماء المسلمين، امس دعوتها الى اطلاق سراح الصحافيين. وقال الشيخ عبد الستار عبد الجواد، العضو في الهيئة «نناشد خاطفي الصحافيين اطلاق سراحهما فورا». واضاف ان «الهيئة لا تؤيد اتباع مبدأ الاختطاف لتحقيق المطالب وخاصة عندما يتعلق الامر بالصحافيين والاعلاميين لانهم يوصلون صوتنا وقضيتنا الى العالم».

وأكد قائلا «فرنسا دولة صديقة للعراق ومؤيدة للقضية العراقية، ونحن ممتنون لها لانها مؤيدة للعراق حتى اكثر من الحكومة العراقية نفسها».

وأوضح عبد الجواد ان مسألة «اختطاف هذين الصحافيين لا تخدم القضية العراقية في شيء وستجعلنا نصنع أعداء جددا ونخسر أصدقاء قدامى وستجعل الصحافيين يترددون في المجيء الى العراق مستقبلا». واعتبر ان «قضية منع الحجاب مسألة داخلية لفرنسا وعندما نتدخل في شؤونها الداخلية سنجعلها عدوة لنا». وأشار الى انه «على الرغم من ذلك فإننا نناشد فرنسا ان تراعي العاطفة الدينية الإسلامية وعلاقاتها وصداقاتها مع العالم الإسلامي وتعيد النظر في مسألة منع الحجاب لانه ليس من مصلحة فرنسا هذا القرار، فهي كانت على الدوام صديق العرب والمسلمين». وقال ان «معركتنا الاولى مع المحتل والمفروض التفرغ لهذا العدو». وأضاف «لا نستبعد ان تكون وراء عملية الاختطاف أياد أجنبية أرادت توجيه ضربة لفرنسا».

من جهتها، رفضت جماعة الإخوان المسلمين أمس الرابط الذي أقامه خاطفو الصحافيين الفرنسيين في العراق مع قضية الحجاب الإسلامي في فرنسا ونددت بخطف المدنيين.

وقال بدر محمد بدر رئيس تحرير صحيفة «آفاق عربية» الناطقة باسم الجماعة ان الإخوان المسلمين، في مصر، «بشكل عام ضد اختطاف المدنيين تحت اي مسمى خصوصا اذا كانت القضايا المعروضة لا تخص الدولة التي جرى فيها الاختطاف». ولم يستبعد بدر تورط غير عراقيين في خطف الصحافيين الفرنسيين. وأضاف «لا احد يستطيع ان يجزم بثقة من يقف خلف الأحداث والخلفيات التي تنطلق منها» لان «الساحة العراقية تختلط فيها الأوراق والتصرفات».

واستبعدت مصادر فرنسية قبول الحكومة مطالب الخاطفين لأن ذلك يمكن أن يشكل سابقة خطيرة. وهذه ليست المرة الأولى التي يختفي فيها صحافيون فرنسيون. ففي 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي اختفى فريد نيراك وهو صحافي فرنسي يعمل لحساب شبكة تلفزيونية أميركية في البصرة. ورغم الجهود الرسمية الفرنسية، لم يظهر له أثر. وفي 11 أبريل (نيسان) الماضي، تم خطف الصحافيين جوردانوف وإيفان سيكس وأطلق سراحهما بناء على تدخل جمعية العلماء السنة في بغداد بعد أيام قليلة من خطفهما.