نادي باريس يبحث مصير ديون العراق

TT

وصفت فرنسا اجتماع نادي باريس للنظر في مصير الديون العراقية الذي التأم امس في مقر وزارة الاقتصاد الفرنسية برئاسة مدير الخزانة الفرنسية السابق جان ـ كلود جوفيه بأنه «جولة افق اولى لمناقشة الوضع الاقتصادي العراقي العام» ما يعني ان هذا الاجتماع، الثاني من نوعه في اطار نادي باريس، لن يسفر عن قرارات حاسمة بشأن مصير الديون المذكورة. ويدفع في الاتجاه نفسه ان الحكومة العراقية لم تكن ممثلة في اجتماع امس الذي حضره ممثلون عن عشرين بلدا تتشكل منهم الهيئة العامة الدائمة للنادي. ويضم النادي الدول الكبرى والصناعية الرئيسية في العالم باستثناء الصين. وتتولى فرنسا امانة النادي العامة الذي يتناول الديون العامة بين الدول بينما الديون التجارية تدخل في اختصاصات نادي لندن.

والمسألة المطروحة على نادي باريس تتناول امكانية الوصول الى اتفاق بين اعضائه حول نسبة الغاء الديون العراقية. وكان الموضوع محل خلاف بين الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا ودول اخرى من جهة وبين فرنسا والمانيا من جهة ثانية اثناء انعقاد قمة الدول الصناعية الثماني في سي ايلاند، في ولاية جورجيا الاميركية في شهر يونيو (حزيران) الماضي.

وفيما تضغط واشنطن لخفض ثمانين في المائة من الديون العراقية المستحقة لنادي باريس والبالغة مع الفوائد اربعين مليار دولار، ترفض فرنسا والمانيا هذا المقترح وتصر على ألا يتجاوز مستوى الخفض خمسين في المائة. وبالاضافة الى ذلك، تصر باريس على ان تتوصل الحكومة العراقية سلفا الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي حول التزاماتها المالية كشرط للسير في عملية خفض الديون أيا كانت نسبتها. ويمثل الشرط الفرنسي القاعدة المعمول بها في اطار النادي.

وتعزو باريس معارضتها للاقتراح الاميركي ـ البريطاني الى انه لا تجوز معاملة العراق بهذا الشكل المتميز رغم ضخامة ديونه الخارجية العامة والبالغة 125 مليار دولار. فالعراق بلد غني ويتمتع بثاني احتياطي للنفط في العالم كما انه يمتلك امكانيات واسعة للتنمية الاقتصادية. وترى باريس انه «من غير الجائز» منح العراق تخفيضات على ديونه تساوي ما منحه نادي باريس لسبعة وثلاثين بلدا افريقيا، هي الأفقر في العالم، خلال عشر سنوات كاملة.

ويأتي هذا الاجتماع فيما لا يزال الصحافيان الفرنسيان جورج مالبرونو وكريستيان شينو محتجزين في العراق مما يدفع باريس الى التزام موقف حذر من كل الشؤون العراقية.

غير ان مصدرا فرنسيا قريبا من نادي باريس قال امس انه «يجب ألا يغيب عن الأذهان الوجه السياسي لمسألة الديون العراقية ورغبة فرنسا في عدم تقديم هدايا للرئيس الاميركي بوش فيما الحملة الرئاسية الاميركية لم تظهر حتى الآن تفوقا نهائيا لهذا المرشح او ذاك».

ويفهم من هذا الكلام ان باريس راغبة في تأجيل الوصول الى اتفاق الى ما بعد الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل موعد الاستحقاق الانتخابي الأميركي، حتى لا يحصد المرشح جورج بوش ثمار اتفاق حول الديون العراقية.

ورغم ان الأجواء بين باريس وواشنطن لم تعد متشنجة مثلما كان الوضع قبل بدء الحرب الاميركية ـ البريطانية على العراق او عقب انتهائها مباشرة، فان الملف العراقي ما زال نقطة خلافية بين الجانبين. ونقلت صحيفة «لو موند» امس، معلومات تفيد ان باريس وبرلين تقترحان حلا لمسألة الديون «على مراحل» بحيث تشمل المرحلة الأولى خفض نسبة 50% من الديون العراقية، يسري مفعوله عقب توصل الحكومة العراقية التي ستتولى مسؤوليتها بعد الانتخابات العامة العراقية المقبلة، الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي. وتلتزم الدول الدائنة بـ«النظر» في خفض اضافي للديون على ضوء تطور الأوضاع في العراق. وكانت الدول الدائنة الاعضاء في نادي باريس قد اتفقت الصيف الماضي على اعطاء العراق مهلة حتى نهاية عام 2004 قبل البدء بمطالبته بدفع الديون المستحقة عليه. ومن المرجح جدا تمديد هذه المهلة خصوصا ان مبدأ خفض الديون مقبول من كل الأطراف، لكن الاختلاف قائم حول نسبة الخفض.

وكان الموضوع سيطرح ابان الزيارة التي كان سيقوم بها رئيس الجمهورية العراقية غازي الياور الى باريس بداية هذا الاسبوع والتي طلبت فرنسا تأجيلها بسبب استمرار قضية الرهينتين.