تقرير للاستخبارات الأميركية يتنبأ بمستقبل قاتم للعراق ويضع ثلاثة سيناريوهات أسوأها الحرب الأهلية

TT

قال مسؤولون اميركيون ان تقريرا سريا اعدته وكالة الاستخبارات الاميركية لتقديمه للرئيس جورج بوش اواخر يوليو (تموز) الماضي تضمن صورة قاتمة لمستقبل الاوضاع في العراق. ووضع التقرير ثلاثة سيناريوهات يمكن ان ينتهي اليها الوضع هناك، اسوأها نشوب حرب اهلية، وافضلها حدوث استقرار سياسي وأمني «غير ثابت». وعلق مسؤول اميركي اطلع على التقرير المكون من 50 صفحة قائلا ان ثمة «كما هائلا من التشاؤم فيه». ورفض المسؤولون مناقشة نقاط التقرير الرئيسية، وهي النتائج التي توصل اليها محللو الاستخبارات اثر تقييمهم للاوضاع الراهنة هناك. وهذا التقييم، وهو الاول منذ اكتوبر (تشرين الاول) الماضي وأعده المجلس القومي للاستخبارات وصادقت عليه اللجنة القومية للاستخبارات الخارجية بإشراف المدير المكلف للاستخبارات جون ماكلوخلين. ولم يطلب البيت الابيض او الكونغرس اعداد التقرير، إلا ان مجلس الاستخبارات هو الذي بادر بإعداد هذا التقييم تحت إشراف جون تينيت، المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي أي). وطبقا للمسؤولين، فإن نبرة التشاؤم في التقييم الجديد للأوضاع في العراق تتناقض مع التصريحات التي يرددها مسؤولون في ادارة بوش، بما في ذلك التصريحات التي ادلى بها يوم اول من امس المتحدث الرسمي باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان، الذي اكد «احراز تقدم في العراق». وقال ماكليلان خلال حديث له مع الصحافيين «ان البعض ظل يبدي تشاؤما ازاء الاوضاع في العراق، إلا ان القيادة العراقية والشعب العراقي برهنا خطأ هؤلاء من خلال تصميمهم على بناء مستقبل حر وسلمي». اما الرئيس بوش، الذي اطلع على مضمون التقرير فلم يغير لهجة تعليقاته حول الاوضاع، مؤكدا احراز تقدم في العراق لكنه اعترف بوجود صعوبات. ومن جانبه، انتقد جون كيري، المرشح الرئاسي للحزب الديمقراطي، الموقف المتفائل لإدارة منافسه بوش ازاء الاوضاع في العراق، كما تشكك في إجراء الانتخابات العامة في العراق في الموعد المحدد لها في يناير (كانون الثاني) المقبل. وقال كيري خلال برنامج اذاعي اول من امس انه «من الصعب تصور كيفية توزيع صناديق الاقتراع في أماكن مثل الفلوجة والرمادي والنجف وأجزاء اخرى من العراق دون بسط الأمن والاستقرار». واوضح ان الاشخاص المعنيين بإدارة هذه الانتخابات يعتقدون انهم في حاجة الى فترة زمنية أطول وأوضاع امنية افضل قبل ان يباشرون عملهم. كما اكد انه ليس بوسعهم أداء هذا العمل في الوقت الراهن بسبب التطورات على الارض. وشدد المرشح الديمقراطى في امانة بوش مع الشعب الاميركي فيما يتعلق بالموضوع العراقي في المرحلة الحالية. الى ذلك، وجه اعضاء في الكونغرس الاميركي من الحزبين الديمقراطي والجمهوري انتقادات حادة اللهجة للادارة الاميركية حول الاوضاع في العراق خلال جلسة استماع خصصت لمناقشة اولويات انفاق الادارة في العراق من إعادة الإعمار الى بسط الأمن. ووجه جمهوريون في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ تحذيرات بخصوص مسار الحملة الاميركية في العراق. وقالوا ان طلب الادارة بتحويل مبلغ 3 مليارات دولار للأمن من ميزانية المساعدات للعراق البالغة 18.4 مليار دولار هي دليل على متاعب. وقال السناتور ريتشارد لوغار، رئيس اللجنة «بالرغم من اننا نعترف بأن هذه الأموال يجب عدم إنفاقها بطريقة غير حكيمة. الا ان الإيقاع البطيء لعملية الإنفاق يعني فشلنا التام في الاستفادة من احد اهم وسائلنا للتأثير على مجرى الاحداث في العراق.» وحتى الان انفق فى العراق اقل من مليار دولار.

وقال السناتور تشاك هاغيل، عضو الحزب الجمهوري بمجلس الشيوخ ان نقص الإنفاق «امر يرثى له ومثير لحرج بالغ». ورفض متحدث باسم وكالة الاستخبارات المركزية التعليق على التقرير الجديد حول تقييم الاوضاع. كما رفض كل المسؤولين الذين اطلعوا عليه الكشف عن محتواه كونه لا يزال سريا. غير ان بعض المسؤولين أشاروا الى ان التقييم الجديد تناول مجددا بعض المسائل التي تناولها تقرير مجلس الاستخبارات فى خلال يناير 2003. وكان هذا التقرير حذر من ان بناء الديمقراطية في العراق سيستغرق فترة زمنية طويلة وسيمر بصعوبات واضطراب ربما يتضمن نزاعا داخليا. وأكد شون ماكورماك، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي اول من امس وجود التقرير الاستخباري، ولكنه رفض مناقشة محتوياته تفصيليا، إلا انه قال ان الوثيقة «توضح مدى اهمية الوقوف الى جانب الشعب العراقي وهو يواجه تلك التحديات».

وقال ماكورماك ان «سيناريوهات مختلفة محتملة لمستقبل العراق السياسي والاقتصادي في فترة 18 شهرا، والوثيقة اوضحت ان «مستقبل العراق سيحدده عدد من العوامل المختلفة، بما في ذلك تقدم البلاد الاقتصادي، وفاعلية البنية السياسية العراقية والأمن والاستقرار». وأضاف «في الماضي، بما في ذلك الفترة قبل الحرب لتحرير العراق، كان هناك العديد من السيناريوهات المختلفة، بما في ذلك اندلاع الحرب الاهلية. وهو لم يحدث. ان الشعب العراقي مستمر في تحدي تكهنات الخبراء.

وكان السناتور جوزيف بيدن اكبر الاعضاء الديمقراطيين في اللجنة وهو احد اكثر المنتقدين للسياسية الاميركية واكثر صراحة اذ قال «وصفت الادارة الرئيس العراق مرارا بانه «الجبهة الرئيسية» للحرب ضد الارهاب». وأضاف «من منطلق هذا التعريف فإن النجاح في العراق يقاس بمدى مواجهة الحرب ضد الارهاب. وبهذا المقياس، اعتقد ان الحرب ضد الارهاب تواجه مشاكل».

* خدمة «نيويورك تايمز»