مقتدى الصدر يفكر جديا في الدخول إلى ميدان السياسة بحل ميليشياته وإعداد مرشحين للانتخابات

TT

بدأ رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر يضع الأساس للدخول الى العملية الديمقراطية الوليدة في العراق، مبلغا الزعماء العراقيين بأنه يعتزم حظر الميليشيا التابعة له وربما يعد مرشحين للانتخابات.

فبعد أسابيع من مراقبة ميليشياته وقد عصفت بها الهجمات العسكرية الأميركية، أرسل الصدر مبعوثين الى بعض الأحزاب السياسية والجماعات الدينية العراقية الرئيسية لمناقشة احتمال مشاركته في حملة الانتخابات العامة، وفقا لما ذكره أحد كبار مساعدي الصدر وعدد من الزعماء العراقيين الذين التقاهم.

وأشار أولئك العراقيون الى ان الصدر قال انه يعتزم حظر الميليشيا التابعة له والتي تحمل اسم «جيش المهدي»، ويقر اجراء الانتخابات.

وبينما كان الصدر قد وعد بإنهاء مقاومته المسلحة سابقا، فان بعض المسؤولين العراقيين يعتقدون انه قد يكون جادا هذه المرة خصوصا اذا ما أخذ بالحسبان الضريبة الباهظة التي دفعها جراء الهجمات على قواته.

ويقول مساعدو الصدر ان نواياه السياسية حصلت على موافقة آية الله العظمى علي السيستاني، الذي يعتبر أقوى مرجع ديني شيعي في البلاد. وفي الأسابيع الأخيرة التقى علي سميسم، المساعد الرئيسي للصدر، مع عدد من كبار الزعماء السياسيين في البلاد، وبينهم أعضاء في جمعية العلماء المسلمين، المنظمة السنية القوية، وزعماء الأكراد والمسيحيين وزعماء شيعة آخرين. ويبدو ان الصدر مهتم بتنمية العلاقات مع تلك الجماعات السياسية التي لم تتعاون مع الاحتلال الأميركي والتي لا تعتبر، الآن، جزءا من الحكومة العراقية المؤقتة. وهذه الأحزاب الصغيرة مهتمة، بالمقابل، بكسب الدعم الواسع الذي يتمتع به رجل الدين الشاب البالغ 31 عاما في أوساط فقراء العراق.

وقال سميسم ان شرطي الصدر الرئيسيين هما مشاركة الأمم المتحدة، التي تساعد في عملية الانتخابات وعدم تدخل القوات العسكرية الأميركية والبريطانية في الانتخابات العامة التي من المقرر إجراؤها في يناير المقبل. وقالت مصادر عراقية ان مساعدي الصدر بدأوا العمل على نحو وثيق مع أحمد الجلبي، الذي كان الشخص المفضل بالنسبة للأميركيين قبل أن يتخلوا عنه منذ أشهر. وكان المسؤولون الأميركيون والعراقيون قالوا ان الصدر يمكن أن يحصل على موقع في النظام الديمقراطي الناشئ في البلاد اذا ما أدان العنف وتخلى عنه. ولكن حجم استعدادهم على السماح له بذلك غير واضح. وما يزال هناك قلق من خطب الصدر المثيرة الداعية الى طرد الأميركيين من ناحية، ومن ناحية أخرى استمراره على علاقاته الوثيقة مع الحكومة الايرانية التي ينظر اليها باعتبارها عامل زعزعة لاستقرار الأوضاع في العراق. ومن بين الجهات الأكثر قلقا من الدخول المحتمل للصدر الى الحياة السياسية الحزبان الشيعيان الرئيسيان، وهما حزب الدعوة والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، اللذان يتميزان بالتنظيم والتمويل الجيدين، ولكنهما عانيا بعض الخسارة في شعبيتهما جراء تعاونهما مع الاحتلال الأميركي.

وفي مقابلة معه اتهم سميسم زعماء الحزبين بدفع الأميركيين وحكومة رئيس الوزراء اياد علاوي الى إقصائهم عن العملية السياسية بأي ثمن، حتى لا يؤدي نشاط الصدر الى تقليص شعبية هذين الحزبين الشيعيين. ومع ذلك التقى سميسم أخيرا بزعماء الحزبين وأبلغهما بخطة الصدر.

ومن ناحيتهما يقول زعماء الحزبين انهم يرحبون بدخول الصدر الى المنافسة السياسية، ولكنهم يشيرون الى انه يبالغ في شعبيته.

وقال عادل عبد المهدي، وزير المالية والقيادي في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق «انه لا يتمتع بدعم. وسترون انه اذا ما انتهت هيمنته في مناطق معينة فانه سيفقد كل دعم».

كما أن هناك مشكلة «جيش المهدي» الذي يعتقد أنه يضم آلافا من الأفراد. وفي المحادثات التي جرت خلال الأسابيع الأخيرة أصرت حكومة علاوي على أن أي تطبيع للعلاقات مع الصدر يجب أن يبدأ بتسليم أسلحة المورتر والآر بي جي، ويمكن احتفاظ المجموعة بمعظم أسلحتها الأوتوماتيكية. وقال برهم صالح، نائب رئيس الوزراء، ان «الحكومة أوضحت على نحو لا لبس فيه بأنها يمكن أن تتعامل مع جميع التيارات في المجتمع العراقي. ولكننا لا يمكن أن نقبل وجود أية ميليشيات مسلحة». وعلى الرغم من التحفظات على الصدر فان كثيرا من الزعماء العراقيين الذين التقوا ممثليه يقولون انهم متأثرون بجديتهم. ويقول فؤاد معصوم، رئيس المجلس الوطني المؤقت، الذي التقى سميسم قبل أسبوعين، انه لم يفاجأ بتحول الصدر. وأوضح ان «أي شخص حر في تغيير رأيه. وأعتقد أن مقتدى يتسم بالحذر ولهذا يرسل ممثليه لاختبار المجريات السياسية»، مضيفا «نحن نرحب به في العملية الديمقراطية».* خدمة «نيويورك تايمز»