بارزاني: كركوك قضية عراقية داخلية ولا يحق لأي دولة التدخل فيها

وصف لقاءه بالأسد بـ«الودي والمثمر» والرئيس السوري أكد دعم وحدة العراق

TT

شدد زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، على أنه لا يحق لتركيا او غيرها من الدول التدخل في قضية كركوك وغيرها من شؤون العراق الداخلية.

وقال بارزاني، في مؤتمر صحافي عقده في دمشق امس بعد لقائه الرئيس السوري بشار الاسد قبيل انتهاء زيارة الى سورية دامت ثلاثة ايام، ان «لا يحق لتركيا أو لأي دولة أخرى، ولا يمكن أن يُسمح لها بأن تتدخل في قضية كركوك أو في الشؤون الداخلية للعراق، وإذا كان هناك تدخل فيجب أن يكون تدخلاً إيجابياً لمساعدة الشعب العراقي في تجاوز المحنة التي يعيشها الآن، فنحن نريد من دول الجوار في هذه المرحلة علاقات تعاون وصداقة، ودعماً معنوياً، ونريد أن يقدموا ما أمكنهم من مساعدة لضبط الحدود ومنع تسلل الإرهابيين».

ووصف بارزاني موقف دمشق بأنه «واضح، وهو أنهم لن يتدخلوا في الشؤون الداخلية للعراق، فموضوع كركوك شأن داخلي يعود إلى الشعب العراقي، واتفقنا في قانون إدارة الدولة على كيفية حل مشكلة كركوك، لذلك لا حاجة لتدخل هذه الدولة أو تلك في موضوع كركوك، وإذا تم تطبيع الوضع في كركوك فسوف تظهر الحقيقة كم هي نسبة الكرد وكم هي نسبة الآخرين، ونحن نقبل بعد تطبيع الوضع في كركوك بنتائج الاستفتاء والإحصاء».

وقال بيان رئاسي سوري ان الرئيس الاسد اكد خلال اللقاء «وقوف سورية الى جانب الشعب العراقي الشقيق، ووضعها كل الامكانات المتاحة لرفع المعاناة عنه» واضاف ان الاسد بحث مع بارزاني والوفد المرافق له «الاوضاع الراهنة السائدة على الساحة العراقية وضرورة التمسك بالوحدة الوطنية وصولا الى الامن والاستقرار والسيادة وانهاء الاحتلال».

وكرر بارزاني في مؤتمره الصحافي القول ان كركوك «مدينة عراقية بهوية كردستانية ويجب أن تكون نموذجاً للتآخي القومي في العراق» مشيراً إلى أن «التركمان مواطنون عراقيون نؤيد كل حقوقهم وليست لدينا أية حساسية تجاههم».

ووصف بارزاني لقاءه مع الرئيس الأسد بـ«الودي والمثمر»، وقال «به (اللقاء) اختتمت جولتي بنجاح وحققت الأهداف السياسية المرجوة منها، حيث أجريت لقاءات عديدة مع المسؤولين في الدول التي زرتها ومع الأحزاب والشخصيات القيادية فيها وبحثت معهم في الأوضاع الراهنة في العراق وتطرقت معهم إلى القضايا المعقدة التي نسعى إلى حلها بما يساعد على إنهاء الأوضاع الاستثنائية ووضع حدٍ لاستمرار عمليات الإرهاب والعنف، وما ينجم عنها من قتل وتدمير للبنية التحتية وثروات البلاد»، واضاف انه «في هذا السياق تطرق الحديث إلى الوضع في كردستان العراق وتوجهاتنا للتعبير عن أماني وتطلعات شعبنا في إطار ما نناضل لتحقيقه على صعيد العراق، وأكدنا بوضوح أن أهدافنا تتمثل بإبراز تطلعات الشعب العراقي بكل عناصر طيفه الوطني لتحقيق عراق فيدرالي ديمقراطي تعددي وإجراء الانتخابات في جو من الأمن والتوافق الوطني للانتقال إلى مرحلة تأكيد الشرعية الوطنية عبر صياغة الدستور الدائم للبلاد وبما يؤدي إلى إقامة المؤسسات الشرعية متمثلة بالبرلمان والحكومة، وأكدنا دائماً حرصنا الكامل على تمثيل كل قوى الشعب وقومياته وطوائفه وشخصياته في العملية السياسية الديمقراطية، والعمل بإيجابية لإقامة علاقات تعاون مع دول الجوار، ودعم الجهود الدولية والعربية في إطار الأمم المتحدة بما يساعد على حماية حدودنا وإيقاف أي تسلل من الإرهابيين إلى بلادنا، وإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوعها».

وتابع بارزاني قائلا «لقد تحدثت مع الرئيس الأسد حول الوضع في العراق وما يمكن أن تقوم به سورية من تقديم دعم للشعب العراقي، في البداية نحن نحتاج إلى الدعم المعنوي، نحن بصدد إجراء الانتخابات ونحتاج إلى موقف إيجابي من سورية، وهذا الذي حصلت عليه من الرئيس الأسد، فسورية لها وزنها وثقلها وعلاقاتها المصيرية بيننا وبينها، ولها دور إيجابي سيساعد على تجاوز الكثير من العقبات، وبهذا الخصوص حصلت على دعم من الرئيس الأسد».

ونفى بارزاني ان يكون ما يوصف بانه صراع بين الاكراد والتركمان في كركوك هو على نفط هذه المدينة، وقال «إن الصراع ليس على النفط على الإطلاق، إنما الصراع هو لمحو آثار التعريب الذي قام به النظام السابق، فالظلم لحق بالكرد وبالتركمان في كركوك، وعلى ممثلي الجبهة التركمانية مراجعة الوثائق العثمانية حول كركوك والتي تصفها بأنها مدينة كردستانية. ونقول إن كركوك ستكون نموذجاً للتآخي القومي بين العرب والكرد والتركمان والآشوريين والكلدان وغيرهم، ومثل هذه التصريحات لا تخدم مصلحة التركمان، وهذا ليس رأي التركمان بل رأي أقلية تريد خلق الفتن في كركوك». واتهم الأحزاب التركمانية، التي تقول بتركمانية كركوك، بأنها «أحزاب عميلة وكارتونية»، ونفى أن تكون الأغلبية الكردية في كركوك هي نتيجة فعل كردي، وقال إن على من يدعي ذلك أن يثبته، فمن عاد إلى كركوك يشكل جزءاً ممن رحلوا منها، ثم أن الأميركيين هم الموجودون في كركوك وهم يسيطرون عليها.

وعن انزعاج أنقرة من تصريحاته قال بارزاني إن الانزعاج «جاء من الصحافة التركية» واصفاً لقاءاته مع المسؤولين الأتراك بأنها «كانت مثمرة وجرت في جو ودي».

ونفى بارزاني مجدداً أي وجود إسرائيلي في كردستان العراق، معتبراً أن طرح هذه المسألة «بات أمراً مبتذلاُ» مشيراً إلى أنه لم يبحث في هذا الأمر في دمشق.

وحول مظاهرات كردية في كردستان تطالب بإعلان الدولة الكردية، وعما إذا كانت هذه المظاهرات هي بداية الانفصال عن العراق، قال بارزاني إن «في كردستان الحرية مطلقة، وأبناء الشعب يستطيعون أن يتظاهروا وأن يبدوا آراءهم وملاحظاتهم، وهناك تيارات تدعو إلى ذلك، لكن هذا ليس الرأي الرسمي».

وعما يمكن فعله لتفادي احتمالات وقوع حرب أهلية بسبب كركوك قال بارزاني «تم في قانون إدارة الدولة الاتفاق على تطبيع الأوضاع في كركوك ومن ثم يستفتى سكان كركوك على تحديد مصيرهم، وعندها تظهر الحقيقة هل كركوك كردية أو غير كردية، وإن كل من يحاول تغيير الواقع الديموغرافي بعد الآن، سيجدنا في مواجهته بصلابة... ونحن جزء من الدولة العراقية ونحن الآن جزء من الحكومة العراقية والعراق الفدرالي الديمقراطي التعددي هو الذي يحافظ على وحدة العراق، ولا يمكن أن يؤدي إلى الانفصال عن العراق، لذلك ليس هناك أي خطر على العراق من التقسيم، أما الفدرالية فهي أمر محسوم وغير قابل للمناقشة، وقد تم الاتفاق عليها قبل سقوط النظام العراقي». وعن مصير الميلشيات الكردية قال بارزاني «لا توجد مليشيات كردية بل هناك قوة نظامية اسمها «البيشمركة» وسوف تكون جزءاً من القوات المسلحة بصيغة قانونية».

وعما اذا كانت الانتخابات المزمعة في العراق ستعبر بشكل حقيقي عن آراء الشعب العراقي في ظل وجود قوات احتلال أجنبية وانفلات أمني واسع قال بارزاني إن الانتخابات «ستجري بإشراف الأمم المتحدة وستكون أنجح انتخابات في المنطقة برمتها، ونأمل أن تحل المشاكل الأمنية إلى أن يأتي وقت الانتخابات». وعن احتمال تأجيل الانتخابات، في ضوء الواقع الراهن في العراق، قال بارزاني «إن الوضع الأمني متدهور في بعض الأماكن، لكنه مثبت في معظم أنحاء العراق. المشاكل الأمنية محصورة في منطقة معينة وإذا بقيت المشاكل في هذه المناطق سيتم تأجيل الانتخابات في المناطق المتوترة فقط بينما تجري في المناطق الأخرى».