أموال الإعمار يلتهمها المجهزون العراقيون والشركات الأميركية

27 في المائة فقط منها ينتفع به العراقيون

TT

افاد مسؤولون عراقيون وأميركيون في بغداد بان كلفة مواد البناء في العراق ارتفعت الى ما يصل الى عشرة امثالها وسط مخاوف من شحتها، مهددة بذلك تقدم جهود اعادة الاعمار بالسرعة اللازمة خصوصا ان هذه العملية تواجه مشاكل في الوقت الحالي.

فقد رفع المجهزون المحليون أسعار مواد أساسية مثل الخشب والحجر والطابوق متوقعين أن ازدهار اعمال البناء التي يمولها الأميركيون يميل الى التصاعد مما يمكن ان يستنزف مخزونات هذه المواد.

وارتفع سعر الاسمنت، على سبيل المثال، ما يعادل 8 دولارات للطن الواحد قبل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في مارس (اذار) 2003 الى ما يعادل 110 دولارات للطن الواحد. وارتفع سعر القوالب الكونكريتية من 75 دولارا للألف الى 450 دولارا.

ويعكس هذا الارتفاع في التكاليف الى حد كبير الاستغلال وليس الشحة الفعلية، وفقا لما قاله مسؤولون عراقيون. غير أن الأثمان الأعلى يمكن أن تؤدي الى خفض في بعض المشاريع، ذلك ان اموالا اكثر من المتوقع تنفق على التجهيزات الأساسية.

وقال وزير الاسكان والاعمار العراقي، عمر الدملوجي، في لقاء معه اثناء مؤتمر «سنشهد أحد أكبر التطورات في العالم. فكلما زادت الحركة أصبحت الاسعار أعلى».

وتعتبر التكاليف عائقا آخر أمام عملية اعادة الاعمار الأميركية التي تعاني من التأخيرات.

وقد بدأ العمل في 442 من 2800 مشروع مخطط لها، والتي تشتمل على المدارس والعيادات الطبية ومشاريع معالجة المياه. ومن بين مبلغ 18.4 مليار دولار خصصها الكونغرس لاعادة الاعمار في العراق، لم ينفق سوى 1.24 مليار دولار حتى الآن.

ويبقى العنف اليومي في مختلف انحاء العراق، وقواعد التعاقدات الشاقة، العوائق الرئيسية في بطء عملية اعادة الاعمار التي جرى تصويرها باعتبارها سبيلا لتوفير فرص العمل والأشغال العامة لاستعادة الاقتصاد وضعه الطبيعي ومنع التمرد من الاستمرار.

ويقدر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو مركز بحث مستقل يتخذ من واشنطن مقرا له، ان من كل دولار مخصص للعراق يحصل العراقيون العاديون على 27 % فقط منه، بينما البقية يلتهمها الأمن والتبذير والتكاليف العالية للشركات الأميركية الكبرى التي تتولى الجزء الرئيسي من عمليتي اعادة البناء. ووفقا لأحد التقديرات الأخيرة فانه يمكن أن تبلغ كلفة توفير الأمن لرجل أعمال أميركي واحد في العراق خمسة آلاف دولار يوميا.

ولأسباب ذات صلة بالموضوع انسحب عدد من الشركات الأميركية من البلد بسبب مخاوف أمنية، مما خلق فراغا ملأته شركات من روسيا والصين وفرنسا، وفقا لما قاله مسؤولون عراقيون.

وقال رعد عدنان، وهو رئيس شركة بناء حكومية عراقية، انه لم تستجب جهات عمل أميركية لسلسلة من طلبات العروض لمعدات بناء جديدة طرحتها وزارة الاسكان العراقية.

وفضلا عن إنفاق الولايات المتحدة فان مليارات الدولارات من أموال الحكومة العراقية الآتية من عائداتها النفطية متيسرة هي الأخرى لمشاريع اعادة الاعمار.

وابلغ عدنان حشدا من رجال الأعمال الأميركيين في المؤتمر الذي نظمته وزارة التجارة الأميركية ووكالة التنمية قائلا «نحن بانتظاركم». ولكن المديرين التنفيذيين في المؤتمر قالوا ان الدخول الى السوق العراقية يظل عسيرا. فالشركات الأميركية الكبرى مثل «هاليبيرتون» و«بكتل» و«بارسونز» حصلت على معظم العقود الكبيرة الممولة اميركيا، وانتزعت شركات عراقية وأميركية الكثير من العقود الأصغر الممولة عراقيا.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»