جردة غير كاملة بأعداد الضحايا: 208 عراقيين قتلوا في أسبوع واحد مقابل 23 أميركيا

TT

بدأ الأسبوع الماضي بمقتل عراقيين مدنيين اثنين في عملية انتحارية استهدفت قافلة عسكرية اميركية في الموصل يوم الاثنين، وانتهى الأسبوع مساء الأحد الماضي بانفجار سيارة مفخخة أدى إلى مقتل 7 من عناصر الشرطة العراقيين والمدنيين في مقهى ببغداد كان رجال الشرطة يتناولون فيه إفطارهم في ثالث أيام رمضان.

وكشف إحصاء لعدد الضحايا العراقيين في أسبوع واحد عن مقتل عسكريين ومتمردين وسياسيين وصحافيين وقاض وطبيب وعمال مطعم. ففي الفترة بين 11 و17 الشهر الحالي قتل ما يقرب من 208 عراقيين في حوادث مرتبطة بالحرب، وهو أعلى من المتوسط الأسبوعي، بينما بلغ عدد القتلى من الجانب الاميركي في الفترة ذاتها 23 شخصا.

وتجدر الإشارة الى ان مقتل العراقيين، ولا سيما المدنيين، أصبح موضوعا يتزايد حساسية. ففي أوائل هذا الشهر توقفت وزارة الصحة العراقية التي تقدم عادة أرقام الضحايا للصحافيين عن إعطاء التفاصيل. وطبقا لسياسة جديدة ذكرت الحكومة ان عملية اعلان أرقام الضحايا، التي من الواضح انها محرجة للحكومة والجانب الاميركي، أصبحت أمانة مجلس الوزراء هي المسموح لها بها. وقال مسؤول كبير في وزارة الصحة «إنها قضية سياسية».

وقد تم جمع رقم الضحايا من تصريحات من الحكومة العراقية ومن التقارير الصحافية للعاملين العراقيين في «نيويورك تايمز» في كل من الفلوجة والموصل والنجف ومن المستشفيات ووكالات الأنباء والقوات الاميركية.

ويلاحظ ان الرقم النهائي غير دقيق ولا يجيب على العديد من الاسئلة بخصوص الحرب.. كيف يمكن التفرقة بين المدنيين والمتمردين؟ وكيف يمكن التوفيق بين الروايات المتناقضة لنفس الحوادث؟

وطبقا لتقرير من وزارة الصحة التي بدأت في ابريل (نيسان) الماضي في جمع أرقام الضحايا من كل المناطق فيما عدا الشمال الكردي، فان 3040 عراقيا قتلوا في حوادث مرتبطة بالحرب في الفترة من 5 ابريل الماضي إلى 6 سبتمبر (أيلول) الماضيين، بمعدل 138 شخصا في الأسبوع. ويشمل عدد الضحايا 2753 رجلا و159 امرأة و128 طفلا. ولا توجد أرقام متفق عليها بالنسبة للضحايا المدنيين في العراق منذ بداية الحرب في العام الماضي، ولكن أفضل التقديرات المأخوذة من جماعات خاصة ومؤسسات إخبارية مستقلة تحدد الرقم بما يتراوح بين 10 آلاف و15 ألف شخص.

وفي الوقت الذي يلوم فيه العراقيون الغارات الجوية الاميركية وغيرها من العمليات العسكرية عن مقتل العراقيين، فإنهم يعتقدون أيضا ان المقاتلين الأجانب وراء العمليات الانتحارية التي تؤدي الى مقتل عراقيين أكثر من الاميركيين.

وتؤكد القوات الاميركية ان أهداف عملياتها هم المتمردون الذين تحملهم مسؤولية وقوع الضحايا والأضرار التي تنجم من الغارات. ويوم الخميس الماضي، وهو اليوم ذاته الذي كثفت فيه الطائرات الأميركية قصفها للفلوجة التي يعتقد أنها قاعدة أبو مصعب الزرقاوي، المتطرف الأردني الذي يشتبه في قيادته الكثير من الهجمات المضادة للأميركيين، أصدر الجيش الأميركي تصريحا جاء فيه «من بين اولوياتنا الأساسية تجنب إلحاق الضرر بالمدنيين والتسبب في الدمار. غير أن الإرهابيين، بعملهم واختفائهم وسط المدنيين، يعرضون المدنيين الأبرياء الى الخطر، وهم مسؤولون مباشرة عن أي أذى يلحق بالنساء والأطفال الذين يختفون خلفهم».

ولم تقدم سكرتارية مجلس الوزراء العراقي سوى أرقام جزئية الأسبوع الماضي، ونشرت ارقاما عن الضحايا لمدة أربعة ايام فقط وفي الغالب لبغداد والمدن القريبة منها. ومن الطبيعي ان أرقام الضحايا تميل الى الاختلاف الى حد كبير اعتمادا على مصدرها. ففي اليوم الأول من فترة الأيام السبعة، ذكرت التقارير ان 12 عراقيا قتلوا، بما في ذلك في الهجوم الانتحاري بالموصل. وحدثت حالات القتل الأخرى في المواقع الثلاثة التي أثبتت انها الأكثر خطرا خلال الأسبوع، وهي الفلوجة والرمادي، حيث تخوض القوات الأميركية المعارك، والعاصمة بغداد.

وفي طريق عام خارج الفلوجة قتل خمسة مسافرين في سيارة واحدة في حادث مرتبط بجنود أميركيين. ووفقا لما ذكره مقيمون وموظفون في المستشفى، فان الخمسة كانوا عائدين بالسيارة من منطقة بحيرة الحبانية، حيث كانوا قد بحثوا عن مأوى خلال القتال الدائر، لتفقد أحوال بيوتهم في الفلوجة.

واستنادا الى مصادر الجيش الأميركي فان السيارة وصلت الى نقطة تفتيش في موقع كانت قوات الحرس الأميركية قد طوقته بحاجز. وبسبب أن السائق تجاهل التحذيرات بالتوقف حتى عندما كانت نقطة الحراسة تتلقى نيرانا من مكان آخر، أطلق الحراس النار على السيارة. غير أن الناس في الفلوجة قالوا ان النار أطلقت على الخمسة بدون حصول استفزاز.

وذكرت تقارير انه قتل يوم الثلاثاء 46 عراقيا. فبعد منتصف الليل سوت طائرة حربية أميركية مطعم الحاج حسين، وهو الأشهر بكبابه في الفلوجة، مع الأرض. وقال الجيش انه مكان اجتماع للإرهابيين ولم يعد الناس العاديون يذهبون اليه. وقال علي حسين، صاحب المطعم، ان ابنه وابن أخيه اللذين كانا يعملان حارسين ليليين قتلا في الضربة الجوية. ونفى أن يكون المتمردون قد جاءوا الى المطعم الذي أسسه والده.

وقال علي «هذا مطعم معروف في وسط المدينة. وهناك دائما كثير من الناس يدخلون الى المطعم ويخرجون منه. ولا يمكن لأحد أن يختفي هنا. نحن في الشارع العام الرئيسي، فكيف يمكن أن يكون داخل المطعم أي من أتباع الزرقاوي»؟

وقتل العدد الأكبر، وهو ما لا يقل عن 15، كما أفادت تقارير في هجوم للمتمردين على مركز للحرس الوطني العراقي قرب بلدة القائم على الحدود مع سورية. ويعتقد أن كثيرا من المتمردين العراقيين موجودون في الجانب الآخر من الحدود ويتلقون دعما من السوريين.

ويوم الأربعاء الماضي أشارت تقارير الى أن 10 أشخاص قتلوا بينهم ضابط شرطة في بعقوبة الواقعة على بعد 35 ميلا الى الشمال الشرقي من بغداد.

وكان يوم الخميس أصعب الأيام، حيث افادت التقارير بمقتل 58 شخصا، كما أنه تميز بوجود تفجيرات انتحارية داخل المنطقة الخضراء في بغداد، حيث تقع السفارة الأميركية ومقر الحكومة العراقية. وكثير من العراقيين الذين يعتبرهم المتمردون عملاء للأميركيين أو للحكومة العراقية المدعومة أميركيا، قد اغتيلوا، كما قتل عدد منهم يوم الخميس الماضي. وقد قتل رميا بالرصاص بالقرب من اللطيفية، كامل الياسري، المسؤول في حزب التحالف الوطني الديمقراطي، وهو يقود سيارته على الطريق السريع. وفي الموصل قتل أمام منزله المصور كرم حسين، 22 سنة، لأنه عمل مع بعض وسائل الإعلام الغربية. وفي بغداد قتل قاض أمام منزله وهو يهم بالمغادرة إلى مكان عمله. وقد قتلت في وقت قريب من ذلك مراسلة عمرها 38 سنة، لتلفزيون «الحرية» الكردي. وقد تلقت المراسلة ثلاث رسائل تهددها بالموت إن لم تتخل عن وظيفتها، حسبما قال زملاؤها. وقال هؤلاء الزملاء أنها التحقت بالتلفزيون الكردي قبل تسعة أشهر بعد أن عملت لفترة طويلة في وزارة الإعلام العراقية.

وفي يوم الخميس وعندما كانت تقف مع زميل لها أمام البناية التي تسكنها، في انتظار السيارة التي تقلهما إلى العمل، توقفت سيارة ماركة موبيل زرقاء. وقال زميلها الذي نجا أن أحد الرجال الثلاثة الذين كانوا يستقلون السيارة أصابها برصاصة كلاشنيكوف، وعندما وقعت على قفاها أصابها مباشرة في وجهها. وكان الرجل يصرخ: «عميلة... عميلة». وقال زميلها أحمد الحمداني الذي رآها بعد لحظات من موتها «لا تستطيع أن تتعرف على ملامحها».

ولكن حوادث القتل يوم الجمعة، اليوم الأول من رمضان، كانت أقل من يوم الخميس الماضي، مع أن الناس كانوا يتوقعون ارتفاعا في هذه الجرائم. وقد قتل يوم الخميس 24 شخصا. وقد كان من بين هؤلاء 10 من المدنيين الذين قتلوا إثر تفجير استهدف مجموعة من الحرس الوطني العراقي. وتوفي في الحادث 4 عمال كانوا يعملون في مزرعة نخيل مجاورة واثنان من المتفرجين وأربعة أفراد أسرة كانت تستقل سيارتها. وكان عدد القتلى يوم السبت 31 شخصا، ويوم الأحد 27 شخصا. ولكن العدد الأكبر كان من بين أفراد الشرطة الذين صاروا هدفا للهجمات القاتلة من المتمردين الذين يتهمونهم بالعمالة للأميركيين.

وقد نصب كمين يوم السبت بالقرب من بلدة اللطيفية (جنوب بغداد) لتسعة من رجال الشرطة كانوا عائدين من الأردن بعد دورة تدريبية. كما قتل مساء الأحد سبعة من ضباط الشرطة وبعض المواطنين بعد انفجار سيارة مفخخة خارج أحد المقاهي التي يرتادها رجال الشرطة. وقد كان ذلك احد الأسابيع الدامية في العراق.

* «خدمة نيويورك تايمز»