بيت أسامة بن لادن في أفغانستان ينتقل إلى لندن

بريطانيان «يستنسخان» منزل زعيم «القاعدة» لاستخدامه في مسابقة فنية عالمية

TT

أصبح لبيت أقام فيه أسامة بن لادن في أفغانستان شبيه له تماما في لندن، بل أن تصميم البيت الذي «استنسخه» بالكومبيوترات الفنانان البريطانيان، بن لانغلاند ونايكي بل، بعد زيارتهما له في أفغانستان، وطوال أسبوعين في مثل هذا الشهر تماما منذ عامين، هو المرشح الأول للفوز بجائزة تيرنر العالمية للفنون البصرية، وقيمتها 75 ألف دولار، حيث ينافسان به 3 أعمال فنية أخرى تدرسها لجنة خبراء لتعلن النتائج بعد 45 يوما.

ولا يريد بن لانغلاند، ولا زميله نايكي بل، التحدث عن البيت ولا عن زيارتهما له خلال مهمة فنية في أفغانستان قام بتمويلها «متحف الحرب الأمبراطوري» في لندن، برغم اتصالات عدة أجرتها معهما «الشرق الأوسط» في اليومين الماضيين، ربما لأن الترويج للعمل الفني قبل موعد الإعلان عن الفائز هو غير مرغوب تقريبا بموجب ما توحيه شروط الجائزة التي تجذب كل عام إلى معرضها الفني في لندن أكثر من 70 ألف زائر. لكن موقعا للفنانين على الإنترنت يتيح لك «زيارة» بيت بن لادن، كما وكأنك فيه ضيف من ضيوفه تماما، لأنه ما زال كما كان إلى الآن في أفغانستان.

والبيت «يطل على بحيرة وديعة وساكنة، تحيط بها سلسلة جبال منخفضة» بحسب ما يقول بن لانغلاند عن المنزل الذي زاره مع رفيقه نايكي بل، 45 سنة، بعد أيام من سيطرة القوات الأميركية على منطقة جلال آباد، فهو يقع في الطريق إليها من كابل، بل محاذ تقريبا لقرية دارونتا، الواقعة إلى الغرب القريب من جلال آباد، حيث حمل الفنانان معهما كاميرا فيديو وآلات تصوير وأجهزة لمسح القياسات، ودخلا بها البيت الذي عاش فيه زعيم «القاعدة» في أواخر التسعينات، ثم تركه إلى سواه، لكنه ظل بيته ويتردد عليه، وبقي كما كان تماما إلى الآن، مع شيء من الدمار لحق به من آثار القصف الأميركي على المنطقة «لكنه ظل كامل المحتويات من الداخل حين زرناه، وهذا هو الأهم» وفق ما يقوله بن لانغلاند، البالغ عمره 49 سنة. والبيت الذي أشرف بن لادن على بنائه بنفسه هو عادي تقريبا، فهو من صالون و3 غرف نوم وشرفة تطل على البحيرة، لكنه يختلف عن سواه بتضمنه دهليزاً يقود إلى مخزن وقبو عميق تحت الأرض. كما أن مطبخه منفصل عنه «أي أنه يقع خارج البيت. لكنه ملاصق له تقريبا، فيما يختلف البيت بشيء آخر أيضا، وهو أن من يراه من الطريق لا يظنه بيتا على الإطلاق، فهناك تلة تحجب معظمه، بحيث لا يبدو أعلاه إلا كخربة قديمة لا تغري أحدا بدخولها».

وحين زار بن لانغلاند ونايكي بل البيت وجدا فيه مقعدا خشبيا طويلا، وطاولة طويلة أيضا كالتي يستخدمها النجارون، وكانت هناك مروحة كهربائية معلقة في السقف، وثانية في إحدى غرف النوم، وسرير صغير «من النوع المعد للاستخدام المؤقت» ووجدا أن للبيت شباكا رومانسيا «ومنه تستطيع أن ترى المشهد الذي كان يراه بن لادن قبل أن يضطر للانتقال إلى قندهار مع وصول القصف الأميركي إلى المنطقة. لأن زعيم «القاعدة» كان في ذلك البيت حين بدأت الحملة الأميركية على أفغانستان».

ويتحدث الفنانان عن الدهليز والقبو تحت البيت، فيقولان إن الواحد منهما «مليء بالغبار والنتوءات أكثر من الآخر» كما يشيران إلى بناء ملحق بالبيت صغير، ويعتقدان أنه كان مصلى لابن لادن وزائريه. أما المفروشات فبسيطة «وتدل على أن ساكنه كان فقيرا، ولكن ليس معدما، وربما كان ذلك للتمويه على الفضوليين من أبناء المنطقة، فقد رأينا كومة شراشف وملاءات، وجميع الاحتياجات العادية لإنسان طبيعي» في حين أن المكان يوحي لمن يراه بأن صاحب البيت «كان معزولا عن العالم وما يجري فيه، فالمنطقة ليس فيها إلا صفير الهواء والسكون التام، وبالكاد يمر أحد من هناك ويحدث جلبة». وما قام به لانغلاند وزميله هو تصوير البيت بدقة من الداخل وأخذ قياس كل شيء فيه «حتى بالمليمترات» مع الإحاطة بلون كل غرض كان فيه، وبقياسه وشكله، ثم عادا إلى لندن وصمما شبيها له تماما على شكل «بيت ديجيتال» بالبصريات الأليكترونية على الشاشات، وهو ما يطمحان أن ينالا به إعجاب النقاد ولجنة الحكام لنيل الجائزة التي اشتقت اسمها من اسم الفنان البريطاني الراحل، جوزيف مالورد ويليام تيرنر، أو ابن الحلاق الذي قدم خلال 10 سنوات بدءا من العام 1830 أكثر من 20 ألف عمل فني متنوع في حياته، ثم أوصى بمنح قسم من عائداتها إلى فائز بعمل فني في عالم الحداثة.