بريطانيا ترسل 850 جندياً إلى مناطق ساخنة يسيطر عليها الأميركيون

TT

واقفت الحكومة البريطانية، كما كان متوقعاً، على الاستجابة للطلب الاميركي بإرسال تعزيزات الى مناطق «ساخنة» يرجح أنها قريبة من العاصمة بغداد. واعلن وزير الدفاع جيف هون، في بيان رسمي القاه امام مجلس العموم، القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء خلال اجتماعه الاسبوعي في وقت سابق من صباح امس. واشار إلى أن إعادة الانتشار تشمل 850 من القوات التابعة لفوج «بلاك ووتش» التي ستتحرك الى الشمال «لفترة اسابيع» من مواقعها الحالية في البصرة. وسعى الى إقناع النواب بأن هذا القرار اتُخذ «بناء على توصية عسكرية» استندت الى «مبررات عملياتية بالغة القوة». غير أن القرار الذي أعرب حزب المحافظين المعارض عن تأييده، لقي استهجاناً صاخباً من قبل نواب حزب الديمقراطيين الاحرار وعدد من ممثلي حزب العمال الحاكم. وأعرب متحدثون في الجلسة عن شكهم العميق في ان إعادة الانتشار هذه مقطوعة الصلة بالانتخابات الرئاسية الاميركية. غير ان هون شدد على ان إعادة نشر القوات تأتي في سياق تهيئة المناخ لاجراء الانتخابات في يناير (كانون الثاني) المقبل، فهو لفت الى ان الاجراء تم بموافقة الحكومة العراقية لاسيما انها في طليعة الحريصين على وضع حد للتهديد.

وكانت تقارير قد اشارت في وقت سابق الى أن سبل إحياء المشروع السعودي لارسال قوات اسلامية الى العراق، سيكون على اجندة المؤتمر المزمع عقده في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بشرم الشيخ، الذي سيشارك فيه وزير الخارجية البريطاني جاك سترو الى جانب ممثلين لدول اعضاء في «مجموعة الثماني». ونقلت صحيفة «الغارديان» البريطانية هذه المعلومات امس عن مصادر حكومية مطلعة. ومن جانبها لفتت صحيفة «التايمز» البريطانية الى ان لندن تخطط لتعزيز قواتها العاملة في العراق (8500) بمجموعة يبلغ عددها 1300 جندي. وقال مصدر عسكري رسمي مطلع لـ« الشرق الاوسط» إن هذا الامر عبارة عن «خطط طوارئ في هذه المرحلة»، ما يعني انها لن تنفذ بالضرورة.

الى ذلك، قال هون في مستهل بيانه إن الحكومة وافقت على الطلب الاميركي بعدما تلقت تأكيدات من القادة العسكريين بأن الاجراء لن يضاعف الخطر الذي يتعرض له الجنود الا «بمستوى مقبول عسكرياً». وأضاف أن من الصعب الحديث عن مناخ أمني مستقر في الجنوب من دون الاخذ بعين الاعتبار ما تشهده مناطق اخرى من اعمال العنف. واوضح أن «ما يجري في باقي العراق يؤثر في جنوب العراق وفي القوات البريطانية المتمركزة فيه». ولفت الى أن الـ 850 جنديا الذين سيعاد نشرهم هم «الكتيبة الاولى ( المدرعة) من فوج بلاك ووتش» فضلاً عن «وحدات إسناد من (اسلحة) الهندسة والاشارة والخدمات الطبية».

وشدد الوزير على ان «التدريب والخبرة والقدرة القتالية البالغة» التي تتمتع بها هذه المجموعة تجعلها بديلاً مناسباً للقوات الاميركية العاملة في الموقع ذاته حالياً، معتبراً ان «من الخطأ القول ان الـ 130 الف جندي اميركي» الموجودين في العراق يمكنهم ان يقوموا بالمهمة المطلوبة. واكد أن «اعادة الانتشار هذه محدودة من حيث الافاق والمهلة والمدى» مكرراً ما قاله رئيس الوزراء توني بلير اول من امس عن ان مهمة هذه القوات ستستغرق «اسابيع وليس شهوراً»، ونفى «وجود خطط لإرسال 1300 جندي الى العراق، كما قيل هذا الصباح». إلا أن «التايمز» نسبت الى الجنرال جون ماكول، وهو أرفع ضابط بريطاني في العراق، قوله إن الجهات المعنية تدرك ان الحاجة قد تقتضي إرسال مزيد من القوات قريباً. ولم يستبعد احتمال «طلب قوات اضافية الى العراق مع اقتراب موعد الانتخابات» موضحاً ان هذا الاحتمال «تمت دراسته». واضاف «غير ان هذا لا يعدو كونه تخطيطا حكيما في هذه المرحلة». كما ذكر مصدر مطلع في وزارة الدفاع البريطانية لـ«الشرق الاوسط» أن «كل ما لدينا الآن هو عبارة عن خطط طوارئ» تحسباً لتطورات قد لا تحصل. وفيما شدد هون مرة تلو الاخرى على دعم لندن للحكومة العراقية المؤقتة وحرصها على تقديم كل مساعدة ممكنة، بغرض «إجراء الانتخابات في موعدها»، فقد اوضح في وقت سابق الناطق الرسمي بإسم بلير أن الوزراء أجمعوا على ضرورة التزام هذا الموقف. وقال الناطق إن الوزراء اعربوا خلال اجتماعهم الاسبوعي صباح امس على ان من واجب بريطانيا مواصلة دعمها للعراق «حتى تنتهي المهمة التي بدأناها (المشاركة في الغزو)». غير ان التذمر من الخطوة الجديدة في اوساط نواب حزب العمال الحاكم قد تفاقم بوضوح. فقد حظي مشروع مذكرة مناهضة لإعادة الانتشار بتاييد عشرين نائباً جديداً ليصل عدد الموقعين عليها الى 60 ، علماً بانها طرحت قبل ثلاثة ايام ما يعني ان الرقم سجل في وقت قياسي. كما رفع نواب عماليون، صوتوا لصالح قرار الحرب على العراق، اصواتهم منتقدين إعادة الانتشار هذه عقب إعلان هون عنها في المجلس. وإذ وجه الوزير اتهامات قاسية للديمقراطيين الاحرار بأنهم من المعجبين بنظام صدام، الامر الذي دفعهم الى معارضة الحرب وعدم تأييد القرار الجديد، فإن النائب العمالي دينيس سكينير الذي دعم قرار الحرب نفى صحة التهمة، وغمز من قناة الحكومة ورغبتها بمساعدة بوش حين تساءل بسخرية عن سر رغبة «الرئيس الاميركي ونائب الرئيس الاميركي اللذين رفضا» خوض حرب فيتنام، استقدام جنود بريطانيين الى مناطق القتال الساخنة في العراق. وحذر وزير الخارجية السابق روبن كوك من ان انتقال جنود بلاده الى مناطق القتال سيعني ان «العراقيين سيحملونهم مسؤولية قتل الضحايا المدنيين» ممن يموتمون يوميا جراء القصف الاميركي.