نيويورك: طبيب عراقي اعتقل قبل 19 شهراً كـ«إرهابي» يواجه الآن المحاكمة بتهمة انتهاك الحظر على العراق

أخصائي الأورام من سجنه: سبب مشاكلي التعصب وتداعيات 11 سبتمبر

TT

قبل 19 شهراً، أعلن المدعون الفيدراليون الاميركيون عن اجراء عملية اعتقال باعتبارها ضربة جديدة في اطار حرب وزارة العدل على الارهاب. اتجه حينها أكثر من 85 من الوكلاء الفيدراليين الى بيت الطبيب المعروف في منطقته، رافل ظافر اخصائي الاورام وأوثقوا يديه في ممر البيت ونقلوا معهم عشرات الصناديق التي احتوت على كتب وأشرطة.

وتحدث وزير العدل جون اشكروفت عن القاء القبض على شخص يدعم الارهاب. واشار مدع فيدرالي الى أن مهندسا عربيا كان صديقا لظافر، ربما كان بارعا في اعداد «القنابل القذرة». ورفض قاض فيدرالي اطلاق سراح اخصائي الأورام بكفالة قائلا انه قد يهرب الى كندا.

لكن المدعين الفيدراليين لم يوجهوا تهم ارهاب الى ظافر، 56 عاما، الذي هاجر من العراق الى الولايات المتحدة قبل 32 عاما واصبح مواطنا أميركيا، وبدلا من ذلك وجهوا له اتهامات بممارسة احتيال مالي في المؤسسة الخيرية التي كان يديرها وانتهاك العقوبات الأميركية بارسال ملايين الدولارات لتغذية الأطفال وبناء مساجد في عراق ما قبل الغزو. وستبدأ محاكمة ظافر هذا الاسبوع.

واتهم ظافر ايضاً بالاحتيال والتهرب من دفع الضرائب في اطار مؤسسة «مديكير»، وهي اتهامات برزت بناء على التحقيق في قضايا الارهاب. وفي حال ادانته بهذه التهم فانه يواجه حكما بالسجن لعشر سنوات على الاقل ودفع غرامة بملايين الدولارات.

وفي مقابلة أجريت معه في السجن عبر رسالة، يقول ظافر ان سبب مشاكله هو التعصب ضد العرب وتداعيات هجمات 11 سبتمبر (ايلول). وقال محاميه ان منظمات اغاثة وشركات أميركية بارزة انتهكت العقوبات الأميركية ضد العراق بدون أن تواجه اتهامات جنائية. وقال ديفيرو كانيك محامي ظافر: «نعتقد ان الحكومة استهدفته لأنه أميركي عربي. لقد تسرعوا في القول انه يدعم الارهاب».

غير أن هناك أسئلة كثيرة لا تزال غامضة بشأن ظافر، فقد زعم أنه لم يقدم ملفات بخصوص الاستثناء الضريبي المطلوب لمؤسسته الخيرية التي تحمل اسم «ساعدوا المحتاجين» ولم يحصل على رخصة لارسال التبرعات الى العراق.

وهو متهم باستخدام أرقام ضمان اجتماعي مزورة جرى الحصول عليها بأسماء عدد من الأشخاص المساعدين له لفتح حسابات مصرفية لمؤسسته الخيرية، وتسريب أموال من المؤسسة لشراء عقار في الولايات المتحدة.

وأثار ظافر الشكوك بكتابته أحيانا رسائل الكترونية مشفرة الى اصدقاء له في منطقة الشرق الأوسط ، حسبما جاء في وثائق حكومية.

وتحمل شهادة خطية قدمت أمام مدع اميركي بعض الغموض ايضاً، ففي ديسمبر (كانون الاول) 2002 أرسل ظافر رسالة الكترونية الى صديق في انجلترا موجها له دعوة لحضور حفل زفاف ابنته في منطقة دروملين هول بانجلترا، ووقع الرسالة باسم العم رالف، رغم انه ليس لظافر ابنة ولم يكن هناك حفل زفاف في دروملين هول في ذلك اليوم المحدد.

وقال كانيك محامي ظافر، ان اجزاء كثيرة من القضية المرفوعة ضده ستنهار. واضاف ان الارتباك يظهر حتما عندما تكتب شهادة رئيسية بالعربية. ويجادل آخرون بان ظافر اتخذ اجراءات احتياطية لتجنب ملاحقة السلطات العراقية في عهد نظام صدام حسين.

وانتقل الطبيب الى غرفة اللقاء معه مرتدياً بذلة سجن زرقاء شاحبة، وكانت لحيته السوداء تحمل خطوط الشيب، وقد ابتسم ووضع راحة يده على الزجاج كنوع من المصافحة. وطلب ظافر خمس مرات عبثاً اطلاق سراحه بكفالة. ويقول ان الوقت الذي يقضيه في السجن ليس ضائعا. وقال عبر هاتف السجن: «كنت قادرا على تقديم الاستشارات لعدد من الشباب هنا وأعتقد أنني تركت أثرا عند بعضهم، وذلك يمنحني السرور».

ويقول مؤيدو ظافر انه كريم يتبرع بعشرات آلاف الدولارات للأعمال الخيرية. وقال بيغي توستي، الذي يعاني من ثلاثة أنواع من السرطان ويعيش في بيت صغير في ضاحية بنيويورك: «انه يمنحك الأمل. انه يضحك ويتحدث ولم يسبق له ان ضغط علي من اجل أن ادفع له التكاليف. ان ايمانه بدينه شيء مهم».

وينتمي ظافر الى التيار السلفي، لكن مايكل دوران المدرس في قسم دراسات الشرق الأدنى بجامعة برينستون يقول انه «من الصعب جدا تصنيف هذا الأمر. من المحتمل أنه يتمتع بنيات محترمة، ويحتمل أن لا يكون الأمر بهذه البراءة». وكان ظافر قد اسس منظمة «ساعدوا المحتاجين» عام 1996 لارسال أموال الى الأطفال العراقيين.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»