تقديرات جديدة ترفع عدد المسلحين المناهضين في العراق إلى 20 ألف مقاتل بينهم آلاف من أنصار الزرقاوي

TT

بدأ مسؤولون أميركيون كبار بإعادة رسم تصور جديد عن التمرد في العراق بعد اكتشاف ان حركة التمرد لديها مقاتلون اكثر ومصادر مالية أكبر مما كان مقدرا في السابق. ويقول مسؤولون أميركيون انه عند حساب عدد المنتمين إلى شبكة الأصولي الأردني أبو مصعب الزرقاوي مع عدد المتمردين العراقيين، يبلغ عدد النواة الأساسية للتمرد ما بين 8 آلاف و12 ألف شخص، لكن هذا العدد يصل إلى 20 ألفا حينما يضاف عدد المتعاطفين الفاعلين أو المتواطئين المتخفين.

وهذه الأرقام تختلف بشكل كبير جدا عن تقارير الاستخبارات في المرحلة المبكرة حينما قدِّر عدد المتمردين ما بين الفين و7 آلاف شخص. والتقدير الجديد يؤثر على الحملة العسكرية في العراق لكنه لم يدفع باتجاه مراجعة شاملة للاستراتيجية، كما قال المسؤولون.

وفي المقابلات الأخيرة التي أجريت معهم أفاد مسؤولون حكوميون وعسكريون في العراق وواشنطن بان خلايا المتمردين في العراق يصل عدد أفرادها إلى خمسين شخصا، وهذه تستفيد من «موارد مالية غير محدودة» تأتيها من شبكات سرية يديرها قادة بعثيون سابقون وأقارب لصدام حسين. كذلك يتم تمويل الجزء الأكبر من نشاطاتهم بواسطة متبرعين أثرياء عرب وجمعيات خيرية إسلامية، وهذه الأموال يتم تهريبها عبر سورية حسبما أكد هؤلاء المسؤولون الذين لديهم اطلاع على تقارير الاستخبارات.

ووردت مثل هذه المعلومات في تقييمات سرية قام بها بعض المحللين المستقلين. ففي هذا الأسبوع أصدر «معهد الدراسات الاستراتيجية» في لندن تقريره العسكري السنوي الخاص بكل أنحاء العالم وفيه قال إنه قد يكون دخل إلى العراق حوالي 1000 ناشط أصولي للمشاركة في القتال. وقدر المعهد في تقريره أن القوات الأميركية قد تحتاج الى خمسة أعوام قبل أن تتمكن القوات العراقية من تسلم المسؤولية بالكامل من القوات الأجنبية ككل.

ومثل التقديرات الاستخبارية المبكرة التي صدرت قبل الحرب والتي ثبت أنها غير صحيحة، يعترف المحللون المستقلون بأن المعلومات الجديدة هي ايضا غير كاملة. وقال ضابط رفيع يعمل في استخبارات القوات البرية الأميركية «ما يجعل الأمر أكثر صعوبة هو أنك تتعامل مع تمرد لا يمتلك وجها واحدا. إنها ليست مجموعة واحدة من المتمردين الملتفين حول قضية واحدة. إنها مجموعات متعددة ذات أهداف مختلفة تربطها أواصر ضعيفة وتجمعها مشاعر العداء للولايات المتحدة».

لكن ضابطا آخر، هو البريغادير جنرال جون دوفريتاس من القوة البرية الأميركية الذي يعمل ضابط استخبارات رفيع في العراق، قال في مقابلة جرت معه في بغداد «إنه عمل شبيه بالتحقيق البوليسي. إنه تحد للقوات الأميركية كي تستخدم أدوات مصممة لخوض حرب المناورات ضد التمرد... المتمردون لا يبرزون عبر الصور التي تبعث بها الأقمار الصناعية».

وحسب المعلومات الاحصائية التي تم جمعها من قبل المسؤولين العسكريين فإن ما يقرب من 80% من الهجمات العنيفة ذات طبيعة إجرامية - الاختطافات من أجل الحصول على فدى أو التعرض للقوافل ـ من دون أن يكون وراءها أي دافع سياسي. أما بالنسبة للعشرين بالمائة الباقية فهي تشمل أكثر الهجمات عنفا على قوى الأمن العراقية والقوات الأميركية والمنظمات الدولية، ويعود أربعة أخماس من هذه العمليات إلى متمردين محليين لا إرهابيين أجانب. وشهد شهر رمضان الحالي زيادة في الهجمات اليومية بحدود 25% حسب ما قاله مسؤولون من البنتاغون، لكنه ليس هناك أي دلائل على انطلاق هجوم شامل للمتمردين. لكنهم يتخوفون من أن هجوما من هذا النوع قد يقع خلال الشهرين المقبلين مع بدء تسجيل الناخبين بشكل جدي أو قد يتم توقيته مع موعد الانتخابات في يناير (كانون الثاني) المقبل. وقال الجنرال دوفريتاس «ما لم نره حتى الآن هو ظهور زعيم موحد لأطراف التمرد كلها».

وقال مسؤول في البنتاغون إن التمرد الآن منظم على أساس محلي، وإن الأدلة تشير إلى أن تخطيطا ما يجري عبر حدود هذه المناطق لكن ليس هناك شبكة تمرد على مستوى الوطن ككل.

واعتبر المسؤول إنه حتى منظمة الزرقاوي التي تستطيع أن تخطط وتنفذ هجماتها خارج قاعدتها في الفلوجة وفي المناطق الواسعة ضمن «المثلث السني» الواقع إلى شمال وغرب بغداد فإنها غير قادرة على القيام بعمليات متواصلة خارج تلك المنطقة أو إقامة قاعدة ما لها.

وحتى مع نجاح الهجمات الأميركية في قتل العشرات من المقاتلين الذين يحتل بعضهم مواقع قيادية كل أسبوع فإن المتمردين في الكثير مناطق العراق ظلوا قادرين على ترقية بعض المساعدين إلى مناصب قيادية أعلى وهم قادرون على جذب أناس جدد لهم. لكن بعض من القادة الميدانيين الجدد ليسوا مؤهلين مثل السابقين، خصوصا أولئك الذين يحتلون مواقع قيادية في منظمة الزرقاوي في الفلوجة، حسبما يقول المسؤولون العسكريون الاميركيون والعراقيون وقال مسؤول عسكري رفيع وبعض مسؤولي البنتاغون، إن المعلومات الجديدة تم جمعها بفضل الدور المتزايد للشرطة العراقية وقوى الأمن الأخرى التي تمتلك مهارة أفضل من القوات الأميركية في رصد المتمردين، كما قدم المواطنون العراقيون إخباريات عن نشاطات المتمردين. ويقوم العراقيون حاليا بإنشاء مراكز عمليات مركزية للتشارك في المعلومات وللتنسيق ما بين النشاطات الهادفة إلى محاربة التمرد.

لكن مسؤولا من البنتاغون قال إن هناك أدلة أيضا على وقوع اختراق من المتمردين داخل قوى الأمن العراقية أو على الأقل من قبل الأفراد الراغبين في إشراكهم بالمعلومات التي هي في حوزتهم. وأحد الأمثلة على ذلك كان الهجوم الذي وقع على قاعدة خاصة بالحرس الوطني في شمال بغداد وأدى إلى مقتل 4 أفراد وجرح 80 آخرين. فالهجوم وقع بالضبط في وقت كان فيه رجال الحرس الوطني يقومون بالتجمع في معسكرهم، وهذا ما جعل الخبراء يتوصلون إلى أن أولئك الذين أطلقوا قنابل الهاون تلقوا معلومات من داخل المعسكر.

* خدمة «نيويورك تايمز»