القاضي زهير المالكي: أزاحوني لأنني اعترضت على اعتقالات تعسفية نفذها جهاز المخابرات الجديد

رئيس المحكمة المركزية العراقية المنقول من منصبه يتحدث لـ «الشرق الأوسط» عن سرقة البنك المركزي وصفقة بيع خيول للإمارات

TT

أثارت إزاحة قاض عراقي يطالب باعلاء شأن مبدأ سيادة القانون، مخاوف حيال عودة الوسائل القديمة التي كان يمارسها النظام السابق.

وقال زهير المالكي رئيس قضاة التحقيق في المحكمة الجنائية، ان السلطات العراقية لم تقدم اي مبرر لازاحته عن منصبه بعد خلافات متكررة مع جهاز المخابرات، حول توقيفات تعسفية وممارسات مشبوهة، وأكد عدم اسفه على انتقاداته ممارسات الجهاز.

وقال المالكي في حديث لـ«الشرق الأوسط»: أن لا استقلالية للقضاء ما دام يرتبط بالقرار المركزي، مشيرا الى انه تبلغ هاتفيا بقرار نقله «من قبل الامين العام لمجلس القضاء، وما زلت انتظر القرار الخطي. وكنت اتوقع ما هو اسوأ من ذلك، فأنا لا استطيع السكوت على الباطل. واقول والأسف يملأني ان نفس الوجوه ما زالت تتحكم بالقضاء داخل العراق وكنت اظن لفترة قريبة ان الاستقلالية ستعطي القضاء العراقي شرعيته، ولكن ما زال الرأي الآخر لا يؤخذ به». وكان وزير الداخلية فلاح النقيب اقر ردا على استفسارات مكتوبة وجهها اعضاء في المجلس الوطني المؤقت بـ«حصول اخطاء في عمليات التوقيف من دون مذكرة قضائية وفقا للاصول القانونية».

ويواجه النقيب حملة من اعضاء في المجلس الوطني يطالبون باستجوابه على خلفية التوقيفات من دون مذكرات، والتجاوزات التي ترتكب بحق الموقوفين. وكان الاميركيون طلبوا من المالكي التحقيق في التجاوزات التي يقوم بها جهاز المخابرات.

وأكد مسؤول اميركي سابق الطلب من المالكي في ابريل (نيسان) الماضي، قبل شهرين من نقل السلطة الى الحكومة المؤقتة، التحقيق في قضايا فساد واخرى تتعلق بارتكاب شرطة مكافحة الجريمة ممارسات وحشية بحق معتقلين.

وقال القاضي المالكي «كانت هناك عدة حالات تعذيب واحتجاز غير قانوني وفساد»، مضيفا ان التحقيق الذي قام به اسفر عن توقيف او توجيه التهمة الى ما لا يقل عن 20 شرطيا. وأوضح ان خمسا من بين هذه الحالات استخدمت فيها الصدمات الكهربائية لتعذيب معتقلين وأدت الى اصابة احدهم بشلل نصفي.

لكن التحقيق توقف فور نقل السلطة اواخر يونيو (حزيران) الماضي، اثر تكثيف المسلحين هجماتهم وتشديد الحكومة على اولويات اعادة الامن والنظام والاستقرار. وأضاف المالكي انه «قبل نقل السلطة، كانت الاجهزة تتبع تعليمات المحكمة، اما اليوم فلم يعد الامر كذلك»، مؤكدا ان عشرة من عناصر الشرطة ممن وجهت اليهم التهم يرفضون الانصياع لتعليمات المحكمة. وتابع ان الدعم الاميركي لحملته تراجع مع تكثيف الهجمات على القوة المتعددة الجنسيات.

وكشف المالكي عن اهم القضايا التي أنيطت بمحكمته، وقال: «هناك قضايا كثيرة عرضت علي بعضها ما زال في طور التحقيق، ومنها قضايا تخص وزراء ومسؤولين في الحكومة العراقية»، مشيرا الى ان «من اهم الوزارات التي ما زالت قضاياها على طاولة التحقيق، هي المالية والنقل والداخلية وجهاز المخابرات وأحد الضباط في مكتب رئيس الوزراء وضباط كبار في الحرس الوطني وأحد المديرين العامين في وزارة الدفاع وامانة بغداد». وردا على سؤال «الشرق الأوسط» حول أبرز هذه القضايا، قال: «لقد وصلتنا اخبار موثقة من جهة ما حول ثروة العراق من الخيول الاصيلة وانها قد بيعت لجهة في الامارات المتحدة، وهذه السلالات من الخيول مشهورة عالميا وغالية الثمن وكانت موجودة في العراق والقضية تورطت بها امانة بغداد حسب التحقيقات الاولية». وأضاف المالكي قائلا: «القضية الثانية تتعلق بسرقة مليارات الدولارات من البنك المركزي العراقي خلال فترة دخول القوات الاميركية الى بغداد والاتهام موجه الى جهات معنية كنت احقق معها».

وفي اتصال لـ«الشرق الأوسط» معه، نفى المنسق والمشرف الأمني على حماية البنك المركزي العراقي أن تكون قد حدثت أي سرقات للبنك المركزي العراقي «منذ لحظة سقوط النظام السابق حتى اليوم». وأضاف المسؤول الأمني، الذي رفض نشر اسمه لاسباب امنية قائلا: «لم يخرج أي دولار اميركي من خزائن البنك المركزي، والقضية التي يجري التحقيق فيها قد تخص مصارف أخرى وخزائن تابعة لها، والتحقيق ما زال مفتوحا وليس له أي علاقة بالبنك المركزي العراقي الذي أنا مسؤول عن حمايته منذ سقوط النظام».

وفي السياق ذاته نفى أمين بغداد الدكتور علاء التميمي ما تردد حول قضية بيع الخيول الأصيلة إلى جهة معينة في الإمارات العربية المتحدة وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن الخيول الاصيلة التي يمتلكها العراق تعرضت لعمليات سرقة كبيرة بعد سقوط النظام، واستطعنا استرجاع أكثر من خمسة عشر منها، وهي موجودة في حديقة الحيوانات الان وتتم رعايتها بشكل جيد مع توفير حماية مناسبة. والباقي لم يسترد لحد الان.

وشدد على انه لم تحدث أي صفقات مع الإمارات العربية، وانه «لا أساس من الصحة لكل ما جاء في القضية، التي هي قيد التحقيق في المحكمة المركزية من اتهامات ولم نتسلم أي أمر بالاستدعاء أمام هذه المحكمة حول هذه القضية الباطلة. واعتقد أن المخبر المذكور اختلط عليه الأمر، لان عدي صدام حسين كان قد أهدى بعضا من تلك الخيول إلى أشخاص في الإمارات العربية المتحدة ولم يحدث ذلك منذ تسلمنا المهام في أمانة بغداد والاتصالات جارية مع نادي الفروسية واللجنة الاولمبية لتسلم ما حصلنا عليه من تلك الخيول بعد سرقتها ونأمل في استعادة ما تبقى». وكان المالكي قد اصطدم في الشهر الماضي بجهاز المخابرات بسبب توقيف 52 شخصا في بغداد في مقر «حزب الله» الممثل في الحكومة. وأمر القاضي بالإفراج عنهم، موضحا ان وزارة الداخلية لم تصدر مذكرات توقيف كما انها لم تعرض المعتقلين امام المحكمة.

ومن جهته قال مدير المخابرات عبد الله الشهواني: ان الجهاز حصل على سلطات واسعة عبر إلحاق عدد من القضاة القادرين على إصدار مذكرات توقيف به. ويعتبر القاضي المالكي ان «هذا الإلحاق والسلطات مخالفة لمرسوم وقعه الاميركيون في ابريل الماضي حول تشكيل جهاز المخابرات محددا دوره بجمع المعلومات».