عرفات في غيبوبة من الدرجة الرابعة

تدهور صحة الرئيس الفلسطيني وشيراك يزوره في المستشفى

TT

أكدت مصادر رسمية فرنسية لـ«الشرق الأوسط» صحة الأخبار المتشائمة التي سربها الأطباء الفرنسيون عن صحة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذي يعالج في مستشفى بيرسي العسكري في ضاحية كلامار في جنوب غربي العاصمة الفرنسية باريس الجنوبية. وقالت هذه المصادر إن وضع عرفات «أصبح الى حد بعيد ميؤوسا منه»، وإن أطباءه أبلغوا السلطات الفرنسية «تشاؤمهم الكبير من إمكانية إنقاذ حياة عرفات الذي يجتاز مرحلة خطيرة للغاية». ويعزز هذا التشاؤم ان الاطباء الفرنسيين يؤكدون ان عرفات «لم يعد يستجيب» للعلاج، وانهم عمدوا عصر امس الى اجراء عملية تخطيط للدماغ (تصوير مقطعي للدماغ)، وذكر هؤلاء ان ذلك مؤشر خطير على صحة عرفات. وقالت مصادر طبية ان عرفات «ميت دماغيا» وانه في غيبوبة من الدرجة الرابعة.

ودفع هذا الوضع الرئيس الفرنسي جاك شيراك الى القيام بزيارة مفاجئة للمستشفى العسكري للاطلاع على صحة عرفات قبل توجهه الى بروكسل للمشاركة في القمة الأوروبية. وهذه أول زيارة لمسؤول فرنسي عالي المستوى للرئيس الفلسطيني منذ وصوله الى فرنسا يوم الجمعة الماضي. وعلقت مصادر فرنسية عالية المستوى على توقيت الزيارة بأنها «تعكس قلق شيراك» على حياة الرئيس الفلسطيني الذي مدت له باريس يد المساعدة وأنقذت حياته أكثر من مرة في بيروت بعد الغزو الإسرائيلي وفي طرابلس عام 1983. وكان الرئيس شيراك قد اتخذ شخصيا قرار استقبال الرئيس الفلسطيني وتحمل نفقات علاجه في المستشفى العسكري المتخصص في أمراض الدم، ومنها سرطان الدم.

وأفاد مصدر رئاسي أن الرئيس شيراك «رأى عرفات حيا»، فيما ذكر مصدر من الوفد الفلسطيني الموجود في المستشفى أن عرفات «يحتاج الى نقل دم جديد باستمرار»، مما يدل على الحالة المتدهورة لوضعه الصحي.

وقال الناطق باسم قصر الإليزيه في بيان مقتضب إن شيراك زار عرفات في الثالثة والربع من بعد ظهر أمس قبل توجهه الى بروكسل من مطار فيلاكوبليه العسكري الواقع قريبا من كلامار الذي هبطت على أرضه طائرة الرئيس الفلسطيني لدى وصوله الى باريس. وبحسب جيروم بونافون، فإن شيراك «رأى الرئيس الفلسطيني وزوجته سهى التي عبر لها عن أمنياته» بشفاء عرفات، كما التقى «المسؤولين في السلطة الفلسطينية» الذين كانوا في المستشفى، واطلع على الوضع الصحي للرئيس الفلسطيني من الأطباء الذين يشرفون على علاجه. وطيلة يوم أمس، ساد التوتر والتجهم أوساط الوفد الفلسطيني وتجمهر العشرات من الصحافيين أمام مدخل المستشفى. وعمدت السلطات الأمنية الى نشر مزيد من عناصرها داخل حرم المستشفى وفي محيطه، وزادت من عمليات التدقيق والتفتيش للداخلين إليه. ويُعزى الانتشار الأمني الى زيارة شيراك للمستشفى. وبموازاة ذلك، توافدت الصحافة العربية والعالمية الى أحد فنادق العاصمة الواقع قريبا من الأوبرا حيث ينزل بعض من المسؤولين الفلسطينيين، ومنهم محمد دحلان، وزير الداخلية السابق وجميل الطريفي وزير الشؤون المدنية ونبيل أبو ردينة، الناطق باسم عرفات. وعانى الصحافيون أمس من المعلومات المتضاربة التي سربها المسؤولون الفلسطينيون حول صحة عرفات. ففيما أكد مصدر طبي فرنسي من الفريق الذي يعالج عرفات بعد الظهر أن هذا الأخير «ما زال في حالة من الغيبوبة» وفي «وضع حساس للغاية»، استمر الفلسطينيون في الترويج لأخبار معاكسة، ومنها ما جاء على لسان رئيس الوزراء أحمد قريع من أن عرفات لم يغب عن الوعي.

وحاولت الصحافة العالمية التحقق من الأخبار المتناقضة، غير أن هذه المهمة بدت بالغة الصعوبة في ظل صمت الأطباء العسكريين.