تحقيقات مجلس الشيوخ الأميركي ترفع قيمة عائدات نظام صدام غير المشروعة زمن الحصار إلى 21.3 مليار دولار

TT

يقدر تحقيق رسمي أجرته لجنة تابعة لمجلس الشيوخ الاميركي بشأن برنامج الأمم المتحدة للعراق «النفط مقابل الغذاء» انه خلال 13 سنة من العقوبات الدولية التي فرضت على العراق (1990 ـ 2003) حقق نظام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين عائدات عن طريق التحايل لا تقل عن 21.3 مليار دولار من العائدات بصورة غير مشروعة، وهو ما يعادل ضعف التقديرات الحكومية السابقة.

وقال السناتور نورم كولمان، الجمهوري من ولاية مينيسوتا، الذي يترأس اللجنة الفرعية الدائمة للتحقيقات في مجلس الشيوخ في جلسة استماع للجنة أول من امس انه يشك في ان احتيالا واساءة استعمال على هذه الدرجة من السعة كان له أن يمر من دون ان يتنبه اليه مسؤولون كبار في الأمم المتحدة أو نظراء لهم اميركيون. وقال انه بسبب عدم معرفة ما انتهت اليه الأموال غير المشروعة فانه يشعر بالقلق من انها قد تساعد في تمويل التمرد الحالي في العراق.

وكان برنامج الأمم المتحدة لمساعدة العراق قد طبق خلال الفترة من عام 1996 حتى عام 2003 وساعد في التخفيف من آثار العقوبات عبر السماح للبلد بالقيام بمبيعات نفط خاضعة للمراقبة واستخدام الأموال لشراء سلع اساسية مثل الغذاء والدواء. ومنذ ذلك الحين كانت هناك أدلة متزايدة على ان حكومة صدام حسين استغلت البرنامج عبر القيام بعمليات بيع للنفط غير مشروعة، وتوزيع الكوبونات الى شركات وجهات وأشخاص لكسب نفوذهم، واستثمار ذلك لأغراضه الخاصة، وتقديم الرشاوى الهادفة الى المساعدة على رفع العقوبات.

وقال السناتور كولمان ان الحجم الهائل للاحتيال والسرقة في الوقت الذي كانت فيه عقوبات الأمم المتحدة سارية المفعول قد ألقى ظلالا داكنة على سمعة المنظمة الدولية وطرح اسئلة حول ما اذا كان بوسعها فرض اية عقوبات ومراقبة تنفيذها.

واضاف ان ما يثير القلق هو الأسئلة بشأن التصرف بعائدات برنامج النفط مقابل الغذاء والاستخدام النهائي للأموال بسبب مزاعم بأن بينون سيفان الذي كان مسؤولا عن برنامج الأمم المتحدة، قد افاد من حصص خاصة من النفط من صدام حسين.

وكان سيفان قد نفى مرارا وتكرارا ارتكابه أية أعمال خاطئة.

غير أن تشارلز دولفير، كبير المحققين الأميركيين في قضية الأسلحة في العراق الذي كان أول شاهد أمام هيئة التحقيق افاد امام الهيئة أول من أمس بانه اعتمادا على وثائق عراقية وما أخبره به مسؤولون عراقيون، فان سيفان كان قد اعطي 13 مليون برميل من النفط في حصص نفطية خاصة. وتعتمد تقديرات اللجنة الجديدة لمكاسب العراق غير المشروعة على تقييمات لدراسات سابقة قام بها مكتب المحاسبة الحكومي ووزارة الدفاع ومكتب الميزانية في الكونغرس ومجموعة مسح العراق التي يترأسها دولفير، مع معلومات جديدة وملايين الصفحات من الوثائق التي حصلت عليها لجنة مجلس الشيوخ من خلال تحقيقاتها التي استمرت سبعة اشهر.

وعلى وجه التحديد قدرت اللجنة ان العراق حقق 3.9 مليار دولار من تهريب النفط قبل ان يقر برنامج النفط مقابل الغذاء عام 1996، و4.4 مليار دولار من عائدات على عقود مساعدة، و241 مليون دولار من حسومات غير مشروعة على بيع النفط العراقي، و2.1 مليار دولار من مبيعات سلع اقل جودة في اطار البرنامج، و9.7 مليار دولار من تهريب النفط في ظل البرنامج، و405 ملايين دولار من اساءة استخدام عقود المساعدة في الجزء الشمالي من البلاد، الكردي في معظمه، الذي لم يكن صدام حسين يسيطر عليه بصورة مباشرة، و403 ملايين دولار من استثمار المداخيل غير المشروعة في الخارج. وتظهر الوثائق، التي نشر بعضها أول من امس كيف أن مسؤولين عراقيين وشركات أجنبية وسياسيين وصحافيين أفادوا من مساعي صدام حسين لتقويض نظام العقوبات والحصول سرا على أموال لتشييد القصور وشراء الأسلحة.

وقال عضو الهيئة السناتور الديمقراطي كارل ليفن ان ثلاثة أرباع مداخيل العراق غير المشروعة جاءت من برتوكولات تجارية مع الأردن وتركيا، وكانت ادارتا كلينتون وبوش تعرف بها «وغضت الطرف عنها» لأن دعم هذين البلدين حيوي.

ولكن دولفير اكد في شهادته أمام اللجنة على أنه بالرغم من أن العقود وفرت للعراق مداخيل غير مشروعة، فان صدام حسين كان يستخدم، بصورة ناجحة، العائدات غير المشروعة خصوصا من برنامج النفط مقابل الغذاء لتقويض نظام العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة بعد غزو العراق للكويت عام 1990.

وقال مارك غرينبالت، المستشار في لجنة التحقيقات الفرعية الدائمة بمجلس الشيوخ، انه ابتداء من عام 1998 حاول صدام حسين «المناورة في عملية توزيع حصص النفط للحصول على النفوذ في مختلف أنحاء العالمَ». وبدلا من تقديم تلك الحصص الى شركات نفط تقليدية فان صدام حسين «وزعها على مسؤولين وصحافيين بل وارهابيين ممن باعوا في حينه حصصهم الى شركات نفط تقليدية مقابل عمولات ضخمة».

وقال ستيفن غروف، المستشار الآخر في اللجنة، ان الوثائق اظهرت ان صدام حسين طلب رسوما من الشركات التي كانت تجهز العراق بالمساعدات الغذائية والطبية وقد ركز على التوريد عن طريق الشركات الفرنسية والاماراتية التابعة لمجموعة «ويرغروب» في غلاسغو (اسكوتلندا) التي تنتج أجهزة لضخ النفط.

* خدمة «نيويورك تايمز»