القوات الأميركية تستعين بأحدث التقنية لمواجهة المسلحين المناهضين في العراق

خرائط إلكترونية مجسمة وصور رقمية للمدن تبث إلى الوحدات عبر الأقمار الصناعية

TT

يعرف آمرو وحدات القوة البرية الأميركية وبشكل تقريبي أين يريدون أن يضعوا جنودهم في الموصل، لكنهم يريدون أولا طرح عدد من الأسئلة على جيسون فيسر رئيس الضباط الفنيين المسؤول عن منح التفويضات من الناحية الفنية. ومن ضمن ما يحتاجون إلى معرفته هو أي الأزقة التي يمكن أن تنصب فيها الكمائن؟ وأي مآذن يمكن أن يستخدمها القناصة ضدهم. وأين هو سيضع الوحدات العسكرية لتجنب وقوع إطلاق النار الخاطئ على بعضها البعض.

ومن المعلوم أن أخذ الجنود إلى مناطق مدنية يحمل قدرا كبيرا من المخاطر. لكن القوة البرية الأميركية بدأت تستخدم أداة جديدة قبل إرسال جنودها إلى المدن المضطربة مثل الموصل والفلوجة، وهذا ما يساعد الضباط على تقديم إجابات عن أسئلة مصيرية وتجعل مهامهم العسكرية أقل خطورة بتقليل حجم المجهول الذي بانتظارهم.

ويسمى السلاح الجديد «المخطط التكتيكي داخل المدن» وهو يتضمن أدوات متطورة فيما يخص برامج الكومبيوتر مع قدرة على صنع صور ذات درجة عالية من الوضوح والدقة وهذه يتم إرسالها إلى الأرض من جيل جديد من الأقمار الصناعية التجارية. وكان فيسر قادرا على تجهيز آمري الوحدات بخرائط مجسمة (ذات ثلاثة أبعاد) داخل مدينة الموصل قبل أن تبدأ أولى الوحدات التابعة للواء الأول من فرقة المشاة الخامسة والعشرين مع فصائل من الحرس الوطني العراقي صوب الموصل للقبض على المتمردين الشهر الماضي.

ولم يقم آمرو الوحدات بمحاكاة انطلاق الطائرات جوا لتجريب الطرق التي ستتحرك الوحدات العسكرية فيها سواء البرية أو الجوية منها بل من خلال التكبير والتقريب اللذين يستخدمان في عدسات الكاميرات الفضائية أصبح ممكنا مشاهدة المباني والشوارع والمواقع التي يمكن للجنود أن يتجمعوا فيها مع قدر من حماية النيران التي يطلقها عدد من القناصة الأميركيين. وإذا كانت الصور غير واضحة جدا للدرجة التي يمكنها أن تكشف عن ملامح الأفراد هناك فإنها من ناحية أخرى واضحة جدا فيما يخص المدارس والمساجد والمباني المهمة الأخرى، بل حتى الخنادق أو أي عوائق أخرى يمكنها أن تبطئ تقدما ما تم تحديدها بدقة.

وقال فيسر عبر مكالمة هاتفية معه من العراق «إنها موسوعة تفصيلية عن الموصل... قبل ذلك لم يكن عندنا سوى خريطة فوقها علامات. كانت تشبه روضة أطفال مع أقلام تلوين».

حاليا تقوم الأقمار الصناعية التجارية بالدوران المستمر حول الأرض على ارتفاع يتراوح بين 400 ميل و2800 ميل، وتمتلك القدرة على التصوير بدرجة عالية من الدقة والوضوح. وخصصت الحكومة الأميركية مبلغ مليار دولار لمساعدة الشركات الخاصة كي تطلق قمرين صناعيين آخرين قبل انتهاء عام 2007 للتعويض عن الأقمار الموجودة حاليا والتي ستنتهي مدة عملها آنذاك.

ومع نظام «المخطط التكتيكي للمدن» الخاص بالقوة البرية يستطيع نظام القوة الجوية المعروف باسم «رؤية الصقر» أن يضع المعلومات على صور رقمية. وهذه توفر معلومات يحتاجها الطيارون شبيهة بتلك المعلومات المتعلقة بمناطق الحظر الجوي وارتفاعات أبراج البث الإعلامي ومواقع المطارات وأطوال مدارجها أو مواقع صواريخ أرض ـ جو المحتملة. ويعمل هذا النظام من خلال كومبيوتر جوال لكن يتم تخزينه على خرطوشة تكون جزءا من إلكترونيات الطيران الخاصة بالطيار.

وحينما يكون الطيار على ارتفاع عال يقوم برنامج «رؤية الصقر» بالعمل كأنه خريطة لطرق الخطوط السريعة، حيث يظهر الرحلة بدرجة مقاربة لدرجة وضوح الصور أو الخرائط التي تظهر المناطق بدون تفاصيل لجزئياتها على الأرض. لكن مع اقتراب الطيار من الأرض أو الهدف تزداد درجة وضوح الصور كثيرا حتى يصبح ممكنا مشاهدة كل مبنى أو شارع على حدة.

وقال الميجور بول هيسترن الطيار على طائرة «سي ـ 130» والذي يساعد على نشر «رؤية الصقر» على الطيارين «ستأخذ عملية التخطيط ساعات كثيرة في السابق بينما الآن لا تحتاج سوى دقائق».

من جانب آخر حاولت القوة الجوية التسريع في ايصال حركة الصور من الفضاء إلى من يستخدمها عن طريق إنشاء شبكتها الخاصة المتكونة من محطات أرضية قابلة للنقل بسهولة وقادرة على خزن الصور المقبلة من الأقمار الصناعية.

وراحت القوتان البريتان والجويتان بشراء محركات خاصة للكومبيوترات الجوالة والتي تمتلك سرعة هائلة بحيث يمكنها أن تجدد من الصور في قطعة واحدة بدلا من وجود مئات الأقراص المدمجة.

لكن حتى مع هذه التحسينات فإن نظام القوة الجوية لا يجدد معلوماته بالشكل الذي يحب آمرو الوحدات فيه أن يتم ذلك حسبما قال جيمس كلارك الذي يدير «مكتب المساعدة لإدارة المعارك» التابع للقوة الجوية. وحاليا أصبح ممكنا توفر صور أكثر مما يستطيع آمرو الوحدات أن يستخدموها بنفس سرعة الحصول عليها.

*خدمة «نيويورك تايمز»