عضو هيئة علماء المسلمين: حملة الاغتيالات تضعنا تحت إحساس دائم بالخطر

رجال الدين العراقيون يواجهون تهديدات الزرقاوي واعتقالات القوات الأميركية

TT

بغداد ـ ا. ف. ب: تخيم اجواء الخوف على الحياة اليومية لعلماء الدين السنة في العراق الذين حصدت الاغتيالات والاعتقالات عددا منهم، وهددهم اخيرا ابو مصعب الزرقاوي بسبب «تخليهم عن الامة» فلجأوا الى مساجدهم وانصرفوا الى العبادة. ويقول الشيخ عمر زيدان، 34 عاما، امام وخطيب احد مساجد منطقة اليرموك الميسورة في جنوب بغداد «اتخلى عن الزي الديني (جبة وعمامة بيضاء) عندما اغادر المسجد واستبدل السيارة من حين لاخر حتى لا اعرض حياتي للخطر».

ويضيف زيدان عضو هيئة علماء المسلمين، ابرز هيئة دينية للطائفة السنية، «دفعتنا حملة الاغتيالات التي استهدفت علماء الدين السنة أخيرا وخصوصا بعد احداث الفلوجة الى اتخاذ اجراءات احتياطية: مسلحون لحراسة المسجد وتفتيش الداخلين والحؤول دون توقف السيارات قربه». ويروي زيدان، المتزوج والاب لاربعة اولاد، الذي يقع منزله داخل حرم المسجد اسوة بسائر الائمة: «ارتدي الزي المدني العادي واغير مواعيد خروجي وعودتي». ويقول«من اصعب الاشياء أن تشعر بالخطر يحيط دوما بك وبعائلتك». ويضيف جالسا في باحة المسجد الداخلية «اقرأ القرآن باستمرار ليساعدني على طرد الخوف واعتمدت حراسا يرافقونني ولم اعد اخرج مطلقا مع مجهولين لعقد قران مثلا». ورغم موقف رجال الدين السنة المتشدد في مواجهة الهجوم على الفلوجة وتمسكهم بمقاومة «المحتل الاميركي»، هدد الاسلامي المتطرف ابو مصعب الزرقاوي الثلاثاء الماضي «علماء الامة» واتهمهم بانهم «خذلوا المجاهدين» و«اسلموهم الى العدو» خصوصا في العراق وافغانستان. وقال الزرقاوي في رسالة صوتية بثها موقع اسلامي على شبكة الانترنت «لقد خذلتمونا في احلك الظروف واسلمتمونا الى عدونا (...) وتركتم المجاهدين يواجهون اعتى قوة في العالم». واضاف الزرقاوي الذي تبنى في العراق العديد من عمليات قتل الرهائن الاجانب والعرب والعراقيين والعديد من الهجمات الدموية على القوات الامنية العراقية، ان «مئات الالاف من المسلمين من هذه الامة يذبحون على ايدي الكافرين بسبب صمتكم وسكوتكم عنهم».

ومنذ بدء الهجوم الاميركي الواسع على الفلوجة، المعقل السني في غرب العراق، قبل ثلاثة اسابيع، اغتال مجهولون عضوين من هيئة علماء المسلمين الشيخ غالب لطيف علي امام مسجد في قضاء المقدادية (بعقوبة) والشيخ فيض الفيضي في الموصل وهو شقيق الناطق باسم الهيئة محمد بشار الفيضي. واعتقلت القوات الاميركية والعراقية خلال هذه الفترة اربعة ائمة ثلاثة منهم في بغداد. واتهمت الهيئة القوات الاميركية بدهم منزل رئيسها حارث الضاري قرب ابو غريب ومنزل الشيخ عبد السلام الكبيسي في بغداد. كما قامت في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) باقتحام مسجد الامام ابو حنيفة في منطقة الاعظمية السنية في بغداد حيث قتل عراقيان وتمكن امام المسجد مؤيد الاعظمي من الهروب. يشار الى ان توجه هيئة علماء المسلمين السنة الديني لا يندرج في اطار التيارات السلفية. ويقول الشيخ سلمان داوود المشايخي، 42 عاما، «اكثر ما اخشاه الغدر. لو كان الامر مواجهة لما خفت. قوات الاحتلال اراها، لكنني اخشى اكثر اعداء الدين الذين لا يمكنني ان اتعرف عليهم عندما القاهم» من دون ان يحدد من هم «اعداء الدين». ويضيف الشيخ وهو امام وخطيب مسجد في منطقة سنية صغيرة تقع على بعد 7 كلم غرب بغداد «كنت لا اتخلى عن الجبة والعمامة واصبحت ارتدي الزي العربي (العباءة والكوفية) عندما اغادر»، لافتا كغيره من الائمة الى زيادة عدد الحراس والحذر في التنقل. ويقع مسجد الشيخ احمد المحمود، 28 عاما، في احد احياء منطقة بغداد الجديدة، وهي منطقة شعبية مكتظة يتجاور فيها السنة والشيعة. ويقول الشيخ وهو اب لثلاثة اطفال «لا اغادر المسجد الا للضرورة القصوى. اتفرغ للعبادة. الخارج مليء بالمخاطر والتهديد».