مرشح عراقي للانتخابات: كسب السلطة عن طريق المقاعد البرلمانية هو الواقع السياسي الجديد

TT

الصوت الوحيد الذي يكسر الهدوء الريفي هنا هو رنين الملاعق داخل العشرات من اكواب الشاي خلال انشغال جودت العبيدي بالتخطيط لحملته الانتخابية. وعلى حد قوله، لم يتبق سوى 50 يوما فقط ينبغي ان يستغل كل دقيقة خلالها، ويرى انه من الضروري استخدام أي نوع من النفوذ، سواء كان نفوذا عشائريا او دينيا او اجتماعيا، بغرض الحصول على اكبر عدد ممكن من اصوات الناخبين. كان يحيط بالعبيدي، الذي عمل في السابق ضابطا بالجيش العراقي قبل انشقاقه عن الجيش وفراره الى مناطق الأكراد في الشمال، عدد من رجال العشائر ورجال الدين، بعماماتهم المميزة، فضلا عن اطباء ومهندسين، اذ جاء كل هؤلاء للمشاركة في التخطيط النهائي قبل الإعلان الرسمي عن بداية موسم الانتخابات البرلمانية المرتقبة في العراق المقرر اجراؤها نهاية يناير (كانون الثاني) المقبل. وتعج الساحة الانتخابية في العراق بالعديد من التحالفات، إلا ان المراقبين يتوقعون ان تكسب الكتل التي تساندها القيادة الشيعية ومسؤولو مجلس الحكم العراقي السابق جزءا كبيرا من مقاعد المجلس الوطني الـ275. ويعلق العبيدي، 47 سنة، آمالا كبيرة على «المؤتمر العراقي الديمقراطي الموحد» الذي سيخوض الانتخابات المرتقبة في 30 يناير المقبل بقائمة من 150 مرشحا. ويعتقد العبيدي ان الاحزاب التي لم تشارك في مجلس الحكم السابق لديها فرص افضل مقارنة بالاحزاب التي شاركت فيه. ويعتمد العبيدي، الذي انشق عن الجيش العراقي وانضم في بلدته، الحلة، الى انتفاضة عام 1991 ضد نظام الرئيس المخلوع صدام حسين، على نفوذه المحلي وعلى النظرة السلبية لمجلس الحكم السابق، ويقول في هذا السياق ان الاحزاب التي شاركت في ذلك المجلس لم تخدم احتياجات الشعب العراقي مؤكدا ان العراقيين يعرفون ذلك. فيما يعتقد مراقبون مستقلون ومنظِمون ان القوائم الانتخابية المعتمدة على الناخبين المحليين ستحرز نتائج افضل. ويقول مسؤول في منظمة دولية تعمل في مجال تطوير الاحزاب السياسية انه بعد عقود من حكم البعث الاستبدادي وما يزيد على 18 شهرا من تجربة احزاب المنفى، يشعر الكثير من العراقيين بشكوك ازاء الممارسة السياسية لهذه الاحزاب. وقال المسؤول ان لدى العراقيين شكوكا كبيرة تجاه القادة السياسيين والاحزاب، لكنه يرى ان هذه ظاهرة صحية في حد ذاتها. تحدث العبيدي مخاطبا الحاضرين، الذي كان من بينهم 32 من مرشحي قائمة المؤتمر العراقي الموحد للمجلس الوطني بالاضافة الى 32 مرشحا آخر للمجلس البلدي لمحافظة بابل، موضحا تكتيكات الحملة الانتخابية وكيفية الوصول الى الناخبين وواقع بناء التحالفات. وقال العبيدي في معرض حديثه ان هذا هو الواقع السياسي الجديد، مؤكدا ان كسب المزيد من المقاعد يعني كسب المزيد من السلطة، وأضاف قائلا: «اذا نجحنا في الحصول على 15 مقعدا، فإن رئيس الوزراء سيمنحنا وزارة او وزارتين». وعلى الرغم من ان هذا الائتلاف يتوقع الحصول على نسبة 30 بالمائة من اصوات الناخبين في الحلة، وهذا يضمن ان يكون للمؤتمر الديمقراطي المتحد دور رئيسي في شؤون محافظة بابل، فإن العبيدي يدرك ان هدف الحصول على 15 مقعدا في المجلس الوطني ربما يكون غير واقعي. من جانبه يعتقد مسؤول في إدارة تطوير الانتخابات ان تحالف العبيدي ربما يفوز «بمقعد او اثنين او ثلاثة»، على حد قوله. استهل العبيدي حديثه خلال جلسة التخطيط للحملة الانتخابية بنبذة مختصرة عن نفسه. فقد ولد ونشأ في الحلة وأصبح فيما بعد ضابطا بالجيش العراقي، وقال انه ادرك عقب غزو القوات العراقية للكويت في اغسطس (آب) 1990 ان «صدام حسين سيدمر العراق من خلال حروبه التي لا تنتهي»، على حد قوله. فر العبيدي عقب انتفاضتي الشيعة في الجنوب والاكراد في شمال العراق عام 1991 الى مناطق الأكراد الخاضعة للحماية الاميركية في الشمال. وعقب هجوم فاشل عام 1996 على مدينة كركوك في الشمال قضى العبيدي في السجن عامين قبل ان يطلق سراحه ويغادر الى سورية عام 1998 ثم الى بورتلاند بولاية اوريجون الاميركية. ومع اقتراب الغزو الاميركي للعراق انضم العبيدي عام 2002 الى قوات العراق الحر التي دخلت الاراضي العراقية بعد دخول الجيش الاميركي مباشرة. ولا يزال العبيدي مؤيدا بقوة للغزو ويعارض أي خروج سريع للقوات الاميركية التي يقدر عدد أفرادها بحوالي 130000 لأن ذلك سيكون «كارثة»، على حد وصفه. * خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الاوسط»