مسيحيو العراق يوقدون شموع السيدة العذراء في بيوتهم تحسبا للتعرض لأعمال العنف

المسلمون يتضامنون مع أبناء وطنهم ويشاركونهم الاحتفال بعيدهم الديني الرئيسي

TT

في أجواء ممطرة وأزمات متلاحقة في الوقود والكهرباء والأمن، أوقد مسيحيو العراق شموع السيدة العذراء داخل بيوتهم بعد ان أعلنت الكنائس أنها لن تقيم قداس الميلاد تفاديا للتعرض لأعمال العنف التي استهدف العديد منها المسيحيين وكنائسهم ومصالحهم.

وعلى الرغم من ذلك فقد تبادل الأصدقاء من مسيحيين ومسلمين بطاقات التهاني بعد ان اشترى الكثير منهم أشجار عيد الميلاد التي نصبت داخل البيوت التي يقطنها المسيحيون، إضافة إلى ان بعض العوائل المسلمة أيضا اقتنت هذه الأشجار لتبدأ بتزيينها استعدادا للعام الجديد. «الشرق الأوسط» تجولت بين المحال التي تبيع أشجار الميلاد التي زينتها الكرات الفضية والذهبية والتقت بالمسيحيين والمسلمين لتشهد احتفالاتهم التي جرت على وقع أصوات الرصاص.

شجرة عيد الميلاد لها خصوصيتها في العراق، ومنذ زمن بعيد يحتفل العراقيون بهذه المناسبة من خلال اقتناء أشجار الميلاد الطبيعية التي توفرها محلات بيع الزهور من مشاتل خاصة، وهي نوعان هما السرو والاثل، إذ عادة ما تكون الشجرة ذات ارتفاع متر فأكثر حسب المكان الذي ستوضع فيه. وعندما تطورت الحياة العراقية وبدأ الاتصال بالعالم تواجدت في الأسواق العراقية أنواع أخرى من أشجار الميلاد وهي الصناعية. ويقول علي حسين صاحب محلات زهور طبيعية إن أشجار الميلاد تتفاوت أسعارها بين منطقة وأخرى، فتجدها في منطقة السيدية بـ 5000 دينار عراقي بينما يصل سعرها الى 20 ألفا في مناطق أخرى خصوصا المناطق ذات الكثافة السكانية من المسيحيين. اما رياض صاحب محلات ليليام الصناعية في المنصور فيقول ان سعر الشجرة الصناعية يتراوح بين 15 و30 دولارا وان اقبال هذا العام على شراء هذه الأشجار لا يختلف عن الأعوام التي سبقتها بل ربما أكثر من تلك الأعوام خصوصا ان الاحتفالات ستكون داخل البيوت نتيجة الأوضاع الأمنية السيئة. دريد بشير في منطقة الكرادة داخل ببغداد قرر عدم الاحتفال هذا العام ولكن أطفاله أصروا على شراء شجرة الميلاد، وبعد جولة بسيطة في أسواق حي الكرادة وصلت عائلة دريد الى أحد المحال التي عرضت هذه الأشجار التي تتفاوت بين الأشجار المزينة والأشجار غير المزينة، وقد قررت هذه العائلة شراء شجرة بسيطة وتزيينها في البيت وكان ثمن الشجرة 15 ألف دينار، بينما ثمن الشجرة بزينتها في هذا المحل 45 ألف دينار. حمل الأطفال شجرتهم في نفس الوقت الذي تقدمت فيه عائلة عراقية أخرى لشراء شجرة. والعائلة مكونة من عرسان جدد ارتأوا شراء الشجرة بزينتها ودخول بيت الزوجية بشجرة خضراء بكامل زينتها احتفاءً بالعام الجديد، وقالت العروس نهى عبد ان زوجها علاء قد وعدها بهذه الشجرة الكبيرة على الرغم من انهما مسلمان، فهي تحب هذه الشجرة وتتفاءل بها وتأمل ان تكون السنة الجديدة سنة خير لكل العراقيين. وأكد زوجها علاء انهم في كل عام يحتفلون مع جيرانهم المسيحيين بعيد الميلاد والعام الجديد. وبعد ان يعود اصدقاؤهم من مراسيم القداس في الكنيسة يتوافد شباب من اعمار مختلفة الى مناطق الكثافة المسيحية حيث يجوبون شوارع تلك المناطق ويطلقون صيحات الفرح ومنبهات السيارات احتفالا وتضامنا مع إخوانهم المسيحيين حتى وقت متأخر من الليل. لكن في هذا العام لن يكون في الوسع التأخر ليلا بسبب فرض نظام منع التجول ابتداء من الساعة العاشرة والنصف مساء.

رمزي يوخنا من بغداد يعمل سائق تاكسي جاء لأحد المحال ليشتري الكرات الملونة والنشرات الضوئية وعلبا مكعبة ومربعة ذات أحجام صغيرة ترمز الى هدايا بابا نوئيل. قال رمزي ان هذه الهدايا «ستبقى رمزا للسلام الذي يريده كل العراقيين ونأمل في هذا العام اننا سنضع أحلامنا عند شجرة الميلاد الخضراء التي ترمز الى الخصوبة والبركة والنماء والحياة المتجددة في ان حياتنا ستتجدد في العام الجديد، وان الألوان التي تزين الشجرة الخضراء هي ألوان كل العراقيين الذين يتوحدون في شجرة العراق الواحد».

ام روني من بغداد الجديدة كانت تصنع بيديها داخل البيت شجرة الميلاد وتضع عليها زينة العام الجديد عند مدخل بيتها. وقد بدأت أيضا بصناعة الحلويات لتستقبل المهنئين بالعيد من مسيحيين ومسلمين. قالت ام روني «اننا لم نحتفل في قداس الكنيسة تحسبا لأي ظرف طارئ لكننا سنتجمع كعوائل ونقول لبعضنا البعض: كل عام والعراق بخير».

الشابة لندا عزيز في منطقة الدورة تحدثت عن ألوان شجرة الميلاد، وقالت «اللون الأحمر يعني الطاقة والأصفر أكثر تفاؤلا وانشراحا أما البرتفالي فهو يرمز الى حب الحياة والشعور بالأمان، فيما يدل اللون الوردي على الشعور بالحب الرومانسي والأزرق يوفر الهدوء والبنفسجي أكثر روحانية». وأضافت ان اجتماع هذه الالوان في شجرة عيد الميلاد هو «لإظهار لون واحد هو لون الفرح الذي نبحث عنه منذ مدة وسنصل إليه ذات يوم».