العراق يؤهل كوادر للتحقيق في 283 مقبرة جماعية خلفها عهد صدام

وزير حقوق الإنسان: عدد المفقودين مليون شخص ونحتاج إلى ربع قرن للعثور عليهم

TT

بغداد ـ أ.ف.ب: يعمل العراق بالتعاون مع دول متعددة لتأهيل كوادر محلية للتحقيق في رفات المقابر الجماعية من عهد النظام السابق التي تم حتى الان اكتشاف 283 موقعا لها. ويستعد في هذا الخصوص لأول مؤتمر دولي حول الاطر القانونية للموضوع تستضيفه عمان في يناير (كانون الثاني) المقبل.

ومنذ سقوط نظام صدام حسين في ابريل (نيسان)عام 2003 ارتفع الى «283 موقعا» عدد المقابر الجماعية التي احصيت في جنوب العراق وفي وسطه بعد شماله ، كما اكد وزير حقوق الانسان بختيار امين ، مقدرا عدد المفقودين في العراق خلال هذه الفترة بنحو «مليون شخص».

وقال امين «نحتاج الى ربع قرن للعثور عليهم في هذه المقابر الجماعية وما سيتم اكتشافه لاحقا، بسبب انعدام الامكانات التقنية والبشرية وسوء الاوضاع الأمنية». واضاف «في الشهر المقبل سيعقد مؤتمر دولي في الاردن لوضع الاطار القانوني للعمل في مجال المقابر الجماعية».

ودعا امين الى «انشاء مركز وطني للمفقودين والمغيبين» كخطوة اولى على طريق تحديد هوية المدفونين في مقابر جماعية. مؤكدا «ثمة حاجة ماسة الى مؤسسة تتعامل مع هذه القضية بشكل شامل». واوضح ان العمل جار حاليا على «توفير قاعدة معلوماتية للمركز الوطني» مشيرا الى «ان ملفات نحو 150 الف مفقود» اصبحت جاهزة.

ويؤكد امين ان وزارته انجزت «المسودة القانونية وبدأت تهيئة الكوادر خارج العراق».

واشار الى ان عشرات من العراقيين بدأوا عمليات تدريب وتأهيل في الخارج كما تقرر ارسال عشرات لاحقا، منهم 35 يتدربون حاليا في بريطانيا على الادلة الجنائية. ويتخصص العراقيون في مجالات التنقيب وعلم الاجناس والتصوير الشعاعي في دورة نظمتها وزارة الخارجية البريطانية بالتعاون مع منظمة (انفورس) الخيرية وترتفع كلفتها الى نحو 8.1 مليون دولار، وفق السفارة البريطانية في بغداد.

يشار الى ان الوزير عاد أخيرا الى بغداد من جولة شملت دولا لها تجارب في اطار المقابر الجماعية مثل سراييفو في البوسنة لرفد العراق بتقنيات استخدمتها للتعرف على رفات الاشخاص في مقابر جماعية ، بعد الحرب التي دارت بين الصرب والبوسنة (1992 ـ 1995). كما شملت جولته دولا ابدت استعدادها لمساعدة العراق في تكوين خبرات في هذا المجال ومنها ألمانيا، للاستفادة من تجربتها في تنظيم الملفات. وقال تم الاتفاق على «إرسال 10 عراقيين الى كوسوفو و15 الى الاردن ومجموعة الى البوسنة». واكد ان الوزارة تلقت وعودا من المانيا وبريطانيا وفرنسا لمساعدتها «على انشاء مختبرات للحمض النووي في جنوب العراق ووسطه وفي كردستان».

وتقدر المجموعات الدولية عدد الذين قتلوا خلال حكم صدام حسين باكثر من 300 الف شخص في عملية الانفال ومن ابرز المجازر الجماعية المتهم بها نظام صدام ، الانفال وحلبجة وقمع انتفاضة الاكراد والشيعة بعد حرب الخليج الثانية عام 1991 . واوضح امين ان موازنة العراق لعام 2005 «لم تخصص اية مبالغ لقضية المقابر الجماعية» وان العمل في هذا الاطار يعتمد على المساعدات الدولية التي بلغ حجم ما تقرر منها حتى الان نحو 47 مليون دولار. وقال «خصصت المفوضية الاوروبية 10 ملايين يورو والحكومة البريطانية 10 ملايين جنيه استرليني والولايات المتحدة 15 مليون دولار». واضاف «قررت الحكومة اقتطاع 5% من واردات قطاع النفط للتعويضات لكن تخريب منشآت هذا القطاع جعلنا نخسر هذا العام نحو 7 مليارات دولار».

كما ستقوم الوزارة بانشاء مراكز لتاهيل ضحايا التعذيب بالتعاون مع المانيا والدنمارك.

وقال «مضى 20 شهرا على سقوط النظام ، وحتى الان لا يوجد في العراق اي مركز من هذا النوع رغم تعرض العراقيين لحربين وحصار دولي وقمع صدام ، اضافة الى ما يشهده حاليا من اعمال العنف». واكد انه منذ سقوط النظام السابق «حصدت العمليات الارهابية نحو 4 الاف قتيل و15 الف جريح».

وقال «سيعقد في الدنمارك اجتماع تمهيدي في فبراير (شباط) المقبل مع وزارت وجمعيات مختصة لتدريب اطباء نفسيين عراقيين كمرحلة اولى».

ورسم امين صورة مأساوية لحال العراق في مجال التحقيق المتعلق بالمقابر الجماعية وتعويضاتها امام المحاكم.

وقال «في كل العراق 20 طبيبا شرعيا وهناك 12 محافظة من اصل 18 بدون اي طبيب شرعي ، مقارنا ذلك مع الاردن حيث يوجد 35 طبيبا شرعيا في غياب اي اوضاع استثنائية». واضاف «نتسلم شهريا في بغداد بمعدل 800 جثة ، نصفها بدون هويات ولا يتوفر فيها سوى ثلاث عشرة مشرحة تتسع لـ 78 جثة» وهناك «700 قاض لشعب يعد نحو 26 مليون نسمة». وقال «اضافة الى ذلك فان تركة النظام السابق ثقيلة» معددا منها «1، 5 مليون نازح ومليون معوق ومليون طفل خارج المدارس».

ولفت الى ان الدراسات الاخيرة تشير الى ان واحدا من كل خمسة جنود اميركيين عملوا في العراق يعانون من عوارض نفسية فكيف «بذوي ضحايا المقابر الجماعية والتصفيات العرقية. انهم بامس الحاجة الى مساعدة».