الإدارة الأميركية تبحث فرض عقوبات مالية صارمة على سورية

واشنطن تأخذ على دمشق عدم التعاون في وقف دور مسؤولي نظام صدام الفارين إليها في أعمال العنف في العراق

TT

افاد مسؤولون اميركيون كبار في مجال مكافحة الارهاب بأن ادارة الرئيس جورج بوش تدرس فرض عقوبات جديدة على سورية في سبيل الضغط عليها للحد من نشاط المسؤولين العراقيين في النظام السابق الذين يقيمون فيها ويقدمون دعما ماليا ولوجستيا للمتمردين في العراق.

ومن بين الخطوات المقترحة إجراءات من جانب وزارة الخزانة يمكن الى تؤدي الى عزل النظام المصرفي السوري.

واعتبر المسؤولون الاميركيون ان الحكومة السورية لم تتخذ اية اجراءات ضد العراقيين، بالرغم من شهور من الاحتجاجات الهادئة من الولايات المتحدة. وتشمل شبكة الناشطين العراقيين في سورية عددا من المسؤولين السابقين في حكومة صدام حسين، طبقا لمعلومات المسؤولين الاميركيين الذين اوضحوا ان المعلومات الاستخبارية التي تم جمعها في الشهور الاخيرة من المرشدين والاسرى وعبر التنصت على وسائل الاتصالات تشير الى ان دور الشبكة في تقديم الدعم للمتمردين في العراق هو اكبر بكثير مما كان يعتقد في السابق.

ورأى المسؤولون الاميركيون انه بينما سيتواصل نشاط المتمردين من دون مساعدة من سورية، فإن العراقيين في سورية يلعبون دورا هاما في تنسيق تدفق الاموال والاسلحة والمقاتلين الى العراق.

وقد سعى مسؤولون سوريون الي دحض الانتقادات الاميركية بالقول ان الولايات المتحدة لم تقدم لهم حتى الان معلومات كافية دقيقة لدفعهم لاتخاذ اجراءات ضد العراقيين الذين يقول الاميركيون انهم اعضاء في تلك الشبكة. واعلن عمار عرسان المتحدث باسم السفارة السورية في واشنطن «لقد طلبنا من الاميركيين تقديم اية معلومات لنا تتعلق بهذا الموضوع، ولكن بعض هذه المعلومات لم تكن صادقة».

ومن بين العراقيين الذي يعتقد بأنهم قضوا بعض الوقت في سورية ويلعبون دورا في التمرد، بعض من اقارب صدام حسين. كما سافر عزة ابراهيم الرجل الثاني في النظام العراقي السابق والمطلوب الاول من قبل الولايات المتحدة، من والى سورية اكثر من مرة في العام ونصف العام الماضي، حسبما افاد المسؤولون الاميركيون. وتجدر الاشارة الى ان الحكومة العراقية والولايات المتحدة اصبحتا اكثر صراحة في لفت الانتباه الى ما تصفانه بقيادة بعثية عراقية تتخذ من سورية مقرا لها.

وكان الجنرال كاسي قد ذكر علنا ان الولايات المتحدة لديها «معلومات يعول عليها» بأن بعض كبار المسؤولين في حزب البعث العراقي أسسوا قيادة عليا «تدار من سورية وتتمتع بحصانة وتقدم توجيهات وتمويلا للمتمردين في العراق».

وخلال زيارة لسورية في الاسبوع الماضي قدم ارميتاج ما وصفه مسؤول اميركي «تحذيرا صارما» الى الحكومة السورية. وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية ان ارميتاج اكد «ان هناك مشكلة تتعلق بعناصر النظام العراقي السابق الذين يستخدمون سورية لمساعدة المتمردين، وانه من المهم للغاية توقف ذلك».

وتحدث مسؤولون اميركيون عن سورية فقط شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، وقالوا انهم لا يريدون التغطية على تعليقات الجنرال جورج كاسي قائد القوات الاميركية في العراق وريتشارد ارميتاج نائب وزير الخارجية الاميركي وغيرهما.

ويمثل المسؤولون الذين تمت مقابلاتهم عدة وكالات حكومية تشارك في نشاط مكافحة الارهاب، بينهم من يفضلون سياسة اكثر صبرا تجاه سورية، وآخرون يحثون على اتخاذ موقف متشدد.

وقد عقد المسؤولون الاميركيون والسوريون اجتماعات في الشهور الاخيرة لحل خلافاتهم، وقد اعلنت سورية مرارا انها ملتزمة بالعمل مع الولايات المتحدة من اجل عراق موحد يسوده السلام. وفي الايام الاخيرة امتدح ارميتاج وغيره من المسؤولين الاميركيين سورية لاتخاذها خطوات لتأمين حدودها مع العراق ومنع المقاتلين الاجانب من عبور الحدود لدعم المتمردين.

غير ان مسؤولا اميركيا في مجال مكافحة الارهاب قال ان الخطوات التي اتخذتها سورية حتى الان غير مرضية. واضاف المسؤول «نرى المزيد من الجماعات الممولة والمؤيدة من عناصر في النظام السابق، وتعمل بدعم من الحكومة السورية». واكد انه لا يتهم الحكومة السورية بتقديم دعم مباشر للمتمردين، ولكن «لم نرهم يتخذون موقفا مناسبا لمنع تمويل ونقل الاسلحة».

ومن بين اقارب صدام حسين الذين امضوا وقتا في سورية ويعتقد بأنهم لعبوا دورا قياديا في تمويل التمرد فاتك سليمان المجيد، وهو ابن عم صدام حسين وضابط سابق في جهاز الأمن الخاص العراقي السابق.

وكانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات اقتصادية محدودة على سورية بعد ان اعتبرتها وزارة الخارجية الاميركية من الدول الراعية للارهاب. وفرضت ادارة بوش بضغط من الكونغرس اجراءات اضافية في الربيع الماضي يحظر تصدير معظم البضائع لسورية، فيما عدا الطعام والمواد الغذائية. وتحظر رحلات الخطوط الجوية السورية الى الولايات المتحدة. والوسيلة الرئيسية الاضافية التي تدرسها الادارة حاليا في حالة فرض عقوبات اقتصادية اخرى، كما ذكر المسؤول في مكافحة الارهاب، هي سلطة وزارة الخزانة التي وصفت في شهر مايو( ايار ) الماضي المصرف التجاري السوري بأنه مؤسسة مالية «لغسل الأموال أساسا». وكان هذا التحديد هو رد على ما وصفته الادارة بالدور الذي يلعبه المصرف السوري في غسل الاموال التي حولتها حكومة صدام حسين من اموال برنامج «النفط مقابل الغذاء».

وهناك خطوات محتملة اخرى من جانب وزارة الخزانة، اكثرها تشددا حظر المصارف الاميركية وشركات الاستثمار والسماسرة من التعامل مع المصرف السوري، وهو المصرف السوري الحكومي الوحيد المتخصص في المعاملات الدولية. وقال مسؤول اميركي في مجال مكافحة الارهاب ان التهديد باتخاذ اجراءات اخرى ساهم في تركيز الاهتمام السوري بالمشكلة. وقال ان المسؤولين في وزارة الخزانة التقوا عدة مرات في الشهور الاخيرة مع نظرائهم السوريين لمناقشة الموضوع.

غير ان مسؤولا اخر في مكافحة الارهاب اشار الى وجود «مجموعة متعددة من الآراء». داخل الادارة بخصوص اتخاذ خطوات اخري ضد سورية، تعارض معظمها وزارة الخارجية. وقال المسؤول ان وزارة الدفاع (البنتاغون) تضغط من اجل منطلقات اكثر تشددا. واوضح المسؤول «ليس هذا ممر «هوشي منه» الذي كان يحافظ على استمرار التمرد. ولكن اذا ما اتخذت سورية اجراءات، فإنها ستؤثر على التمرد».

*خدمة «نيويورك تايمز»