وزير الدولة العراقي عدنان الجنابي: الشعب الذي لا يعارض الاحتلال بلا غيرة

كشف لـسالشرق الأوسط» أسباب استقالته وظروف عودته عنها

TT

اعرب وزير الدولة العراقي عدنان الجنابي عن تضامنه مع مجلس الوزراء، ومع رئيسه اياد علاوي الذي وصفه بانه «اخ عزيز»، وقال انه طلب منه العودة الى العمل والتراجع عن استقالته التي كان قد تقدم بها في وقت سابق من الاسبوع الماضي بسبب اعتقاله من قبل ضابط اميركي لمدة نصف ساعة.

واعترف الجنابي في حديث لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مكتبه في بغداد امس بسوء تعامل قوات الاحتلال مع الوزراء العراقيين، ومع اعضاء المجلس الوطني العراقي، مشيرا الى انهم كانوا قد اعتقلوا نائب رئيس المجلس نصير العاني لمدة اسبوع، مؤكدا قسوة تعامل هذه القوات من ابناء الشعب العراقي. وقال انه ينتظر الانتخابات ليطالب بانسحاب القوات الاجنبية من العراق، واضاف بعبارة اتسمت بالكثير من المباشرة : الشعب الذي لا يعارض الاحتلال بلا غيرة.

* هل تراجعت عن استقالتك ام ان رئيس الوزراء رفض استقالتك؟

ـ الموضوع ليس مع رئيس الوزراء. ليس لي أي خلاف معه بل هو اخي العزيز، وانا اقود حملته الانتخابية في القائمة العراقية التي يترأسها ، وانا سعيد بان اتفرغ لهذا العمل كون الانتخابات سوف تعطينا مشروعية اكبر ولن نستكمل السيادة الا من خلال صندوق الاقتراع وخاصة امام المجتمع الدولي. ثم ان الوقت المتبقي من عمر هذه الحكومة قليل جدا وانا متضامن مع مجلس الوزراء الذين اصروا على بقائي والتعاون معهم وسأبقى، لكن سيبقى تركيزي على الحملة الانتخابية كوني وزير دولة.

* ما هي اسباب استقالتكم بالضبط؟

ـ الاستقالة كانت احتجاجا على تصرفات جنود الاحتلال معي ولعدم تعاملهم معي بلياقة، وبما يستوجبه قرار مجلس الامن 1546 الذي اعطى للعراق السيادة. هذا بلدنا، ولكن يبدو ان قوات الاحتلال لم تستوعب حتى الان ان قرار مجلس الامن يمنعها من التدخل في السيادة العراقية او ان هذا القرار يمنح العراقيين سيادة على بلدهم.

* ما هو نوع التجاوز الذي مارسته قوات الاحتلال ضدكم؟

ـ انا اعتقلت عند نقطة تفتيش للدخول الى المنطقة الخضراء ومعي هوية مجلس الوزراء وهوية صادرة من السفارة الاميركية ولم يعترف الجندي الاميركي بالهوية «ما عجبته».

* هل تعرضت للضرب من قبلهم؟

ـ لا. انا رجل عمري 65 عاما ووضعي لا يسمع بذلك. القضية المبدئية المعني بها هو الشعب العراقي وكرامته وهذا هو الموضوع المهم وليس ما تعرضت له شخصيا.

* ما هي اسباب اعتراضهم على الهوية؟

ـ عدم الاعتراف بالهوية الصادرة عن مجلس الوزراء.

* هل حدث هذا للمرة الاولى لا سيما وانت تذهب كل يوم الى مكتبك في المنطقة الخضراء؟

ـ لا ليست المرة الاولى، نحن نعاني كثيرا من هذه المشكلة والاخوة الوزراء يعانون كثيرا من هذه المشكلة.

* الم يعترض الوزراء على هذه التصرفات؟

ـ اعترضوا كثيرا وتكلمنا مع قوات الاحتلال كثيرا لكن «ماكو فائدة» فقد وصلت الى موضوع الاعتقال وهذا لا يليق بي كعراقي.

* كم استمر اعتقالك؟

ـ فترة محدودة، اعتقد نصف ساعة، لان فريق حمايتي أبلغوا مقر مجلس الوزراء وجاءوا الي.

* هل اتخذ أي اجراء ضدهم؟

ـ لا يزال الموضوع يتفاعل حول اجراءاتهم بالتعامل مع رموز العراق لان هذه التصرفات يعاني منها ايضا اعضاء المجلس الوطني، وهم تعرضوا الى الكثير من اساءة المعاملة، بل اعتقل نائب رئيس المجلس الوطني نصير العاني لمدة اسبوع حتى استطعنا الافراج عنه.

* ما هي رتبة من قام باعتقالك، جندي ام ضابط؟

ـ الجندي قال لي انه لا يعترف بهوية مجلس الوزراء، فطلبت الضابط المسؤول عنه الذي سألته عن مبررات عدم الاعتراف بالهوية فوجد ذلك تجاوزا عليه فأمر باعتقالي.

* وهل رفض رئيس الوزراء استقالتك؟

ـ انا لا استخدم مفردة رفض هنا. الدكتور اياد علاوي اخي العزيز بالرغم من اني اكبر سنا منه ونحن متضامنون في كل شيء، وهو احتج على قوات الاحتلال لتعاملهم غير اللائق معي بقدر احتجاجي. مجلس الوزراء اصر على بقائي والعمل بصورة متضامنة ولم اخيب املهم. لكن موضوع ان الاستقالة رفضت ام لم ترفض ليست هذه المفردة التي اريد استخدامها، واقول ان احتجاجي ضد قوات الاحتلال سيبقى قائما.

* هل تعتقد أن تصرفات قوات الاحتلال هذه ستتواصل حتى ما بعد الانتخابات؟

ـ انا اريد ان اعلل نفسي وابرر لها بان قوات الاحتلال اذا لم تحترم القرار 1546 فيجب اذاً ان تحترم السيادة العراقية التي ستتأكد من خلال صناديق الاقتراع ومن خلال ممثلي الشعب العراقي. آمل ذلك ولي اسبابي.

* ما هي هذه الاسباب؟

ـ نحن متهمون باننا معينون من قبل سلطات الاحتلال ومن قبل الاميركيين. وفي هذه الاتهامات درجة من الصحة، والذي يقول ذلك ليس كاذبا بالضرورة، وانما هو يصف بصورة صحيحة جزءا من الواقع، وبالتالي اذا لم نغير هذا الواقع عن طريق صناديق الاقتراع ستبقى هناك اشكاليات عدة تجاه شعبنا وتجاه القوات الاجنبية واشكالية تجاه المجتمع الدولي الذي اضفى علينا هذه السيادة. هذه الاشكاليات لا تحل الا من خلال الانتخابات حتى نستطيع مخاطبة شعبنا بثقة اكبر ونخاطب القوات المتعددة الجنسية والدول الداعمة لها، وخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا، بان تلتزم بوعودها لنا وهي مغادرتها للعراق عندما نستطيع ان نبني قواتنا العراقية.

* اذا كانت مثل هذه المعاملة تصدر عن جندي اميركي مع وزير عراقي فكيف هو حال تعامل قوات الاحتلال مع ابناء الشعب العراقي؟

ـ الشعب العراقي يعاني الكثير من هذه القوات. ليس هناك أي شك بان العراقيين يعاملون من قبل قوات الاحتلال بقسوة اكبر، وهذا موضوع غير خافٍ، وانت عراقي وتسمع الاخبار ولك اقارب هنا يستطيعون اخبارك عن معاناتهم مع هذه القوات. الموضوع لا يقتصر على الدخول الى المنطقة الخضراء بل يتجاوزه الى ما هو اكبر. ليلة امس (اول من امس) داهمت قوات الاحتلال منزل ابن عمي وهو وكيلي في رئاسة العشيرة لانشغالي بالوزارة واحتجزوه. كلنا نعاني من هذه التصرفات بيوتنا «تنداس» ومناطقنا تنتهك.

* الا تعتقد بان الموضوع يحتاج الى تصرف اكثر من مجرد احتجاج؟

ـ نحن منشغلون بمستقبل بلدنا، وما يهمنا الان هو اعادة كرامة العراق وسيادته عن طريق الانتخابات، ونحن لسنا اقل من الفلسطينيين الذين اصروا على الانتخابات حتى تكون لهم مشروعية امام الاحتلال الصهيوني، واعتقد ان وضعنا دوليا افضل حيث نتمتع بشرعية دولية ولدينا وعود بالالتزام باحترام قرارنا اذا طالبنا بخروج قوات الاحتلال. هم يقولون انهم جاءوا لمساعدتنا ومتى ما امتنعوا عن الخروج سنضطر الى عمل آخر غير الاحتجاج.

* ما هو الشيء الآخر؟

ـ مطالبتهم بالمغادرة.

* واذا رفضوا المغادرة وصعّدوا من تصرفاتهم ضد الشعب العراقي؟

ـ انا رجل بدأت حياتي السياسية وعمري 16 سنة، وشاركت في مظاهرات تحت الرصاص وانا شاب، ونعرف كيف نعود الى هذه الساحة وهذا الطريق.

* هل تعتبر الشعب العراقي محقا بوقوفه ضد قوات الاحتلال ومطالبته برحيله؟

ـ الشعب الذي لا يعارض وجود قوات اجنبية فوق ارضه هو شعب بلا غيرة. والشعب العراقي كله يتمتع بالغيرة. لكن نحن وجدنا انفسنا في ظرف صعب والقوات الاجنبية هي التي اسمت نفسها بقوات الاحتلال، والان القوات متعددة الجنسيات، ومنحونا وعدا بموجب قرار مجلس الامن 1546 بالخروج من العراق عندما نطلب ذلك. واذا كانت سيادتنا منتقصة فسوف نستكمل هذه السيادة عن طريق الانتخابات. وسوف يكون لكل حادث حديث.