باريس تؤكد رسميا وجود ثلاثة أصوليين فرنسيين معتقلين في العراق

المسلحون جندوا في العاصمة الفرنسية وعبروا من سورية واعتقلوا أثناء القتال في الفلوجة والموصل

TT

أكدت باريس أمس وجود ثلاثة اصوليين فرنسيين معتقلين في العراق، غير أن الخارجية الفرنسية اكتفت بكشف القليل من المعلومات الخاصة بهم، كما امتنعت عن تحديد هوياتهم أو أماكن اعتقالهم أو كيفية القبض عليهم.

وقال الناطق باسم الخارجية هيرفيه لادسو أمس، إن باريس «علمت بوجود ثلاثة اشخاص يحملون الجنسية الفرنسية قيد الاعتقال في العراق». واستدرك قائلا إن فرنسا «تملك القليل من المعلومات إن لجهة طريقة القبض عليهم أو لجهة الاتهامات الموجهة ضدهم» وبالتالي فإنه «يتعين عليها أولا أن تجمع معلومات دقيقة ومحسوسة عنهم» قبل أبداء اي رأي أو التقدم بأي طلب. غير أن الخارجية اعلنت أنها سوف «تمارس صلاحياتها لجهة توفير الحماية القنصلية للمواطنين الفرنسيين» المعمول بها وفق الاتفاقات والمعاهدات الدولية والتي تخول بلد المنشأ زيارة المعتقلين وتوفير المساعدة القانونية لهم وخلاف ذلك من المساعدات.

وجاءت تصريحات الناطق باسم الخارجية الفرنسية عقب نشر معلومات في صحيفة «لو فيغارو» امس، نقلا عن مصادر فرنسية حكومية، تؤكد وجود ثلاثة فرنسيين كشفت عن هوية اثنين منهم، رهن الاعتقال في العراق بعد أن ألقت القوات الأميركية القبض عليهم في محيط مدينة الفلوجة أثناء الهجوم عليها في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وفي بغداد اوضح مسؤول في وزارة حقوق الانسان العراقية امس، ان الثلاثة الذين تتراوح اعمارهم بين 20 و23 عاما اعتقلوا في عام 2004 عندما كانوا يقاتلون مع المسلحين في مدينتي الفلوجة (غرب) والموصل (شمال).

وأكد ان الاول، 20 سنة، اعتقل خلال عملية للجيش الاميركي في الفلوجة في 22 يناير (كانون الثاني) 2004 «عندما كان يشارك في عمليات المقاومة في هذه المدينة». وقبض على الثاني من مواليد 1984 في الاول من ابريل (نيسان) من العام الماضي في الموصل، وهو متهم بالتواطؤ في اغتيال ضابط للشرطة وعملية سطو على مصرف.

أما الثالث، وهو من مواليد 1982 فقد اعتقل في الثاني من ديسمبر (كانون الاول) 2004 في الفلوجة واقر بانه على علاقة بالمقاومة. وأودع الثلاثة السجن في مركز اعتقال تابع للقوة المتعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة حسب ما اعلن المسؤول العراقي الذي طلب عدم كشف هويته. وبحسب المعلومات التي توافرت أمس من مصادر رسمية وأمنية، فإن احد المعقلين، واسمه شيكو دياكابي، افريقي الاصل، فيما الشخص الثاني، واسمه بيتر شريف، مغاربي الأصل والمرجح أن يكون جزائري الأصل وكلاهما يحمل الجنسية الفرنسية. اما الشخص الثالث فلم تعرف هويته بعد. وتفيد المعلومات المتوفرة بأن الثلاثة غادروا باريس الى العراق للقتال الى جانب المتمردين في الربيع الماضي عبر سورية التي يستطيع المواطنون الحاملون جوازات سفر عربية دخولها من غير تأشيرات.

وتتوقع المصادر الفرنسية أن يتم بحث موضوع المعتقلين الثلاثة في الاجتماع الذي سيعقده وزير الخارجية ميشال بارنيه الثلاثاء المقبل مع نظيرته الأميركية كوندوليزا رايس، خلال زيارتها القصيرة الى باريس، في إطار جولتها الأوروبية والشرق أوسطية.

وتؤكد المعلومات التي توفرت حول الموقوفين الثلاثة المخاوف التي عبرت عنها الأجهزة الأمنية الفرنسية، وتحديدا المخابرات الداخلية المعروفة باسم «إدارة الرقابة على الأراضي»، من وجود خلايا أصولية في أوساط الجالية المغاربية والإسلامية تعمل على إرسال مقاتلين الى العراق لمحاربة الأميركيين. وربطت الأوساط المعنية بين الثلاثة وبين القبض الأسبوع الماضي على 11 شخصا يتحلقون حول مسجد «الدعوة» القائم في الدائرة التاسعة عشرة في باريس حيث تعيش جالية أجنبية ومغاربية كبيرة. وتعرف الأجهزة الفرنسية أن المتحلقين حول مسجد «الدعوة» قريبون من الجماعة السلفية للدعوة والقتال.

ومن بين الأشخاص الـ 11 الذين أوقفوا الأسبوع الماضي، وجهت تهم رسمية لثلاثة منهم، هم حاليا رهن الاعتقال، أهمها «تشكيل عصابة إجرامية على علاقة بمشروع إرهابي». والثلاثة هم: فريد بن يطو، 23 عاما، وهو «زعيم» هذه الخلية التي تسمى «الخلية العراقية» وثامر بوشناق، 22 عاما، وشريف كواشي، 22 عاما، و ثلاثتهم من أصول جزائرية ويعيشون في الحي نفسه اي في الدائرة الـ 19 في باريس. وكانت النيابة العامة في باريس قد أصدرت الأسبوع الماضي بيانا اتهمت فيه الثلاثة بالتحضير لعمليات تخريبية ضد مصالح فرنسية وأجنبية على الأراضي الفرنسية، كذلك «تشكيل شبكة هدفها إرسال شبان فرنسيين للقتال في العراق». ورغم حداثة سنه، فإن فريد بن يطو، بحسب تقارير الأجهزة الأمنية، يتمتع بسطوة على الآخرين. وتفيد معلوماته بأن بن يطو جمع في شقته بعضا من أعضاء الخلية في الليلة التي سبقت اعتقاله واعتقال آخرين في شقته في باريس، جمع العديدين منهم عشية توجه بوشناق وكواشي الى العراق في ما يشبه حفل الإعداد النفسي. وبحسب المصادر الفرنسية، فإن بن يطو استفاد من أنه شقيق زوجة يوسف زموري، المعروف في الأوساط الإسلامية المتشددة في فرنسا والمنتمي الى الجماعة السلفية للدعوة والقتال ليفرض سيطرته على المجموعة التي تضم شبانا في العشرينات من عمرهم.

وعلم في باريس أمس أن المخابرات الفرنسية الداخلية التي عطلت «الخلية العراقية» تريد وضع اليد على المعتقلين الثلاثة في أحد المعسكرات الأميركية قريبا من بغداد لاستكمال تحقيقاتها حول المجموعة. وتبدو الأوساط الأمنية الفرنسية واثقة من ان أيا من أفراد المجموعة لم يسلك طريق باكستان أو أفغانستان كما كان حال الشبكة الأفغانية. فضلا عن ذلك، ترى هذه الأوساط أن طريقة عمل المجموعة «بدائية» وتقتصر على جمع الأموال وشراء بطاقات السفر لأفرادها الذين يذهبون الى العراق من دون ان يتلقوا أي تدريب على استخدام السلاح. وكان تحقيق قضائي قد فتح في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي وعهد به الى قضاة التحقيق المتخصصين في شؤون الإرهاب وهم جان لوي بروغيير وجان فرنسا ريكار وفيليب كوار.

وتعتقد الأجهزة الأمنية أن حوالي عشرة اشخاص يدورون في إطار هذه المجموعة قد أرسلوا الى العراق. ومن هؤلاء قتل ثلاثة خلال العام الماضي هم: رضوان الحكيم وطارق ونيسي وعبد الحليم بجوج، وكلهم في التاسعة عشرة من عمرهم. فضلا عن ذلك، فإن شقيق رضوان الحكيم الأكبر واسمه بوبكر الحكيم، معتقل حاليا في أحد السجون السورية.