الجيش العراقي يزيد عديده إلى 150 ألفا هذا العام و270 ألفا العام المقبل

بعد ضم قوات الحرس الوطني إليه

TT

في احتفال جرى في هذه القاعدة العسكرية العراقية أوائل الشهر الماضي، لم يهتم به احد خارج المعسكر، اتخذ الجيش العراقي ما يقول المسؤولون الأميركيون انه خطوة محورية ورهان محسوب في المسعى الهادف الى إلحاق الهزيمة بالتمرد.

كان هناك ما يقرب من 100 من الدبابات والعربات وناقلات الجند المدرعة تمر في استعراض أمام جنرالات عراقيين وأميركيين. وأعلن رئيس الوزراء المؤقت اياد علاوي وضباط عراقيون كبار ان الحرس الوطني العراقي الذي تشكل كقوة دفاع مدني قبل أقل من عامين سيندمج مع الجيش الوطني الصغير نسبيا.

وما بدا للوهلة الأولى تغييرا رمزيا في القيادة ومجموعة من البدلات النظامية ينظر اليه الآن كمثال مهم على إيجاد طرق جديدة لتدريب وتأهيل قوات الأمن العراقية الفتية للدفاع عن البلد وتوفير الفرصة للقوات الأميركية البالغ عددها 150 ألفا للرحيل، وفقا لما يقوله كبار الضباط الأميركيين والعراقيين.

وستزيد قوات الحرس الوطني البالغة 38 ألفا الجيش النظامي ليصل عدد أفراده الى ما يقرب من 50 ألفا، لتشكيل قوة برية موحدة ستكون لها رواتب وبدلات ومعايير مشتركة. وسيمنح الانضمام الى الجيش أفراد الحرس الوطني السابقين فرصا لأداء مهمات خارج قواعدهم العسكرية. فمعظم وحدات الحرس تقوم الآن بحراسات وعمليات في مناطقها فقط، وغالبا بالترادف مع القوات الأميركية في مناطق مثل بغداد والموصل. وقال الفريق بابكر زيباري رئيس هيئة أركان القوات المسلحة العراقية، ان دمج الحرس الوطني مع الجيش «يضمن وحدة القيادة والجهود لمواجهة التحديات الأمنية التي تقف الآن أمامنا».

والجيش العراقي الجديد مدرب ومؤهل وفق مقاييس أعلى من مقاييس الحرس الوطني الذي زادت الآن أسلحته الثقيلة الى حد كبير. وقال الجنرال ديفيد بيتراوس الضابط الأميركي المسؤول عن تدريب القوات العراقية انه في الكثير من أفواج الحرس الوطني البالغ عددها 42 زاد عدد المدافع الثقيلة من 8 الى 32 لكل فوج. كما يتوفر المزيد من اجهزة اللاسلكي والعربات والمعدات الأخرى في الوقت الذي يجري فيه التحول. ولم تكن هذه التغيرات مجانية ماليا، فقد طلبت وزارة الدفاع الاميركية من الكونغرس مؤخرا 5.7 مليار دولار كمبلغ اضافي للمساعدة على تمويل عمليات التدريب في العام الحالي، وترى ان ذلك الإنفاق لن يعطي نتائجه مباشرة.

وقال الجنرال كارتر هام الذي ظل حتى الفترة الأخيرة يقود القوات الأميركية في شمال العراق انه «في المدى القريب لن نرى الكثير من التغيير. وعلى المدى البعيد أعتقد أنه سيكون هناك تطور ايجابي ناجم عن تشكيل المزيد من الوحدات المدربة والمؤهلة في اطار المعايير ذاتها في مختلف أنحاء البلاد».

وتؤخذ الاعتبارات السياسية والثقافية العراقية الهامة بالحسبان، وبعضها يعكس رغبة المسؤولين العراقيين في ممارسة سيطرة اكبر منذ إجراء الانتخابات في الثلاثين من الشهر الماضي وفقا لما قاله مسؤولون أميركيون وعراقيون.

وبينما اعتمد الحرس الوطني الى حد كبير على القوات الأميركية وقوات التحالف الأخرى في العراق، كانت للجيش النظامي صلات مباشرة أوسع، وهو يرتبط بصورة اكثر مباشرة بالحكومة العراقية.

وربما كان الأكثر أهمية ان الجيش العراقي مؤسسة تتمتع باحترام كبير في البلاد، على الرغم من أن الرئيس المخلوع صدام حسين لم يكن يثق به وأسس وحدات استخباراتية وعسكرية خاصة مثل الحرس الجمهوري للحفاظ على سلطته.

ولم يكن من باب الصدفة، على سبيل المثال، أن علاوي وكبار الضباط العراقيين اختاروا يوم السادس من يناير (كانون الثاني)، وهو ذكرى تأسيس الجيش عام 1921، لإعلان اندماج الحرس الوطني وتشكيل تسع فرق للجيش العراقي الجديد، وفقا لما قاله المسؤولون.

وقد منح دمج الحرس الوطني الذي لم يتمتع بالتاريخ والولاء المؤسساتي بالجيش تلك الوحدات المشروعية في أعين كثير من العراقيين ورفع الروح المعنوية. وقال الجنرال تشارلز سواناك، الآمر المتقاعد للفرقة الاميركية 82 المحمولة جوا، والذي قضى فترة في العراق «انها خطوة هامة بالنسبة لهم أن يكونوا جزءا من الجيش النظامي، فهذا يعني القول لهم: انتم الآن مقاتلون حقيقيون».

ولكن تدريب وتأهيل الحرس الوطني مهمة تواجه تحديات، وتحويل وحداته الى قوات الجيش رهان محسوب وفقا لمسؤولين اميركيين. وبينما أدت بعض وحدات الحرس الوطني مهماتها على نحو جيد خصوصا في ضمان أمن الانتخابات، فان وحدات أخرى ما تزال تعاني من معدلات غياب عالية. وعبر بعض المستشارين الأميركيين عن قلقهم من أن بنية قيادة الجيش العراقي ليست جاهزة للدمج المفاجئ للحرس الوطني. واذا لم يجر إعداد ذلك سريعا فانه سيضع عائقا رئيسيا أمام خطة وزارة الدفاع للانسحاب من العراق.

كما أن ارسال وحدات الحرس الوطني الى مناطق المشاكل في البلاد يمكن أن يطرح تحديات كبيرة. وقال الجنرال هام انه «من المحتمل ان يكون هناك قلق من جانب وحدات الحرس الوطني السابقة التي قد لا تريد مغادرة مناطقها. ولم أر تجسيدا لذلك حتى الآن ولكنني اشعر بأنه أمر محتمل».

وكانت فكرة تشكيل حرس وطني تستند الى توفير قدرة عسكرية متواضعة لتقوم أساسا بالمساعدة على المستوى المحلي بدون اضافة تلك التشكيلات الى جيش نظامي يمكن أن يخضع لإغراء القيام بانقلاب.

ولكن في مقاتلة التمرد الحالي، فان مستوى القوة الذي يمكن أن تقدمه حتى وحدة حرس مدربة جيدا غير كاف من وجهة نظر بعض القادة الميدانيين وبعض المسؤولين العراقيين الذين يضغطون باتجاه قدرة عسكرية متنامية الى حد كبير.

ويعتبر الجنرال جون باتيستي، قائد فرقة المشاة الاميركية الأولى، ان تطوير قدرات الحرس الوطني العراقي سيكون مهمة ملحة. وقال ان «الهدف البعيد المدى هو جعلهم جميعا في المستوى المتقدم ذاته. وهذا هو العمل الذي يتعين على وزارة الدفاع القيام به».

وفي ورقة عمل عن استراتيجية الأمن القومي، صدرت يوم 15 الشهر الماضي، قال علاوي ان هدف تدريب 100 ألف من الجنود العراقيين بحلول يوليو (تموز) المقبل سيزداد الى 150 ألف جندي «كامل التأهيل» بحلول نهاية العام. وعلى العموم، واستنادا الى وزارة الدفاع الاميركية فانه سيكون لدى العراق 270 ألفا من أفراد الجيش والشرطة بحلول العام المقبل.

* خدمة «نيويورك تايمز»